وكالات
مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تواجه بغداد تحديًا في تحقيق توازن دقيق بين واشنطن وطهران، حيث يعد العراق ساحة تقليدية للتنافس بين الطرفين.
وفي فترة رئاسة السابقة، اتبعت واشنطن سياسة “الضغط الأقصى” على إيران، مما أدى إلى تصاعد التوترات في العراق، خاصة بعد اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، ونائب رئيس الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس في بغداد عام 2020.
وبعد فوز ترامب بالرئاسة الأمريكية، شهدت الساحة انقسامًا بشأنه، ففي الوقت الذي رحبت أطراف وقوى سياسية بهذا الفوز، أبدت أخرى تحفظها، بينما أكد خبراء ضرورة اتخاذ بغداد موقفًا متوازنًا حيال اتباع سياسة خارجية مرنة، تتلاءم مع متطلبات المرحلة المقبلة.
فرص وتحديات
ويرى المحلل السياسي، محمد التميمي، أن “الشرق الأوسط أمام تحديات جديدة، ومشهد إقليمي متغير، إذ يُتوقع أن تنتهي حرب قطاع غزة، وجنوب لبنان، عبر تسويات سياسية، ما يوجب على العراق اللحاق بالاتجاه الدولي، وحجز مكان لنفسه ضمن الدول الصانعة للسلام والتنمية والازدهار”.
وأوضح التميمي لـ”إرم نيوز” أن “بغداد يجب أن تطمئن دول المنطقة والمجتمع الدولي، عبر سلسلة إجراءات، تبدأ بمعالجة ملف الفصائل المسلحة، وتعزيز سيادتها الداخلية، والتحرر من التأثيرات الإيرانية، وتقديم المصلحة الوطنية، في جميع قراراتها”.
وتابع أن “ترامب سيستكمل الكثير من مشاريعه التي بدأها في ولايته الأولى، وبعضها ستشمل العراق، ما يتطلب الاستعداد للتعامل مع الفرص، وتجنب أية مخاطر محتملة”.
وتواجه بغداد ضغوطًا متزايدة من فصائل مسلحة مرتبطة بالخارج، ما يجعل الحفاظ على التوازن المطلوب تحديًا أمام الحكومة العراقية، كما أن أغلب المجاميع المسلحة تمتلك أذرعًا سياسية، تمثلها في مجلس النواب، ما يجعل التحرك ضدها أمرًا معقدًا.
وشهدت الساحة العراقية سجالاً حادًا وخطابين تصدّرا المشهد، بعد فوز ترامب بالرئاسة، تمثل الأول، بالخطاب الرسمي، حيث هنأه رئيسا الجمهورية عبداللطيف رشيد، والبرلمان محمود المشهداني، في وقت أبرزت قوى أخرى وتحديدًا أنصار الفصائل المسلحة، مذكرة القبض التي أصدرها القضاء العراقي بحق ترامب العام 2021.
توازن معقد
ويرتبط العراق في الكثير من المفاصل الحسّاسة، بالولايات المتحدة فعلى سبيل المثال، فإن أموال نفط تُودع في البنك الفيدرالي الأمريكي، قبل أن تحصل عليها وزارة المالية، وهو ما يفرض متطلبات دولية، يجب الالتزام بها، خاصة فيما يتعلق بملف الدولار.
بدوره، يرى رئيس مؤسسة المستقبل في واشنطن، انتفاض قنبر، أن “بغداد ليس بوسعها، من الآن فصاعدًا، مسك العصا من المنتصف، إذ إن ترامب لا يقبل تمويل الفصائل من موازنة الدولة العراقية من جانب، والحديث عن علاقات مشتركة متينة وتعاون من جانب آخر”.
وأضاف قنبر لـ”إرم نيوز” أن “المشهد الجديد للمنطقة يتضمن فرض عقوبات على طهران، ويتوقع المجتمع الدولي عدم حصول طهران على أي أموال من العراق، لكن المحزن في ذلك، أن القوى السياسية في بغداد، لا تدرك تلك المعادلة”.