نوفمبر 22, 2024
مقال-محمد-الحرز-2

اسم الكاتب : وليد يوسف عطو

يوضح الدكتور لؤي خزعل في مقالته المعنونة ( تدمير الذاكرة العراقية : ديناميات انتاج الرثاثة والعجز والاوهام )والمنشورة في كتاب من تحرير الدكتور فارس كمال نظمي بعنوان :
(الرثاثة في العراق :اطلال دولة .. رماد مجتمع )-ط1 -2015 – دار ميزوبوتاميا – بغداد – شارع المتنبي ..

ان الذاكرة التاريخية تشكل ركيزة اساسية للهوية الفردية والجمعية ولتماسك المجتمع .
خلال عدة عقود تم تدمير اماكن الذاكرة التاريخية عن طريق نهب المتاحف والمكتبات .
يكتب د . خزعل جبر قائلا عن فترة الغزو الامريكي للعراق :
(ولقد تم انجاز الجزء الاكبر من التطهير الثقافي بواسطة الامتناع عن الفعل ,حيث عزز المحتلون مناخا من غياب القانون واضفوا الشرعيةعليه .. وبدا التطهير في الايام المبكرة للغزو مع النهب الواسع لكل رموز الهوية التاريخية والثقافية العراقية . اذ كانت المتاحف والمواقع الاثرية والقصور والمباني التذكارية والمساجد والمكتبات والمراكز الاجتماعية عرضة للنهب والتدمير تحت المراقبة اليقظة للاحتلال ).

وبما ان الذاكرة تضعف بمرور الوقت وبفعل النسيان , لذا تحتاج هذه الذاكرة الى الحفاظ عليها بصورة فعالة . ويمثل الحفاظ على الذاكرة وظيفة المتاحف والمباني الاثرية .
كما تغيرت التسميات ( في اللحظتين الصدامية والطائفية . مورس التلاعب بتسميات المناطق والمؤسات فتحولت مثلا مدينة الطب الى مدينة صدام الطبية , ومدينة الثورة الى مدينة صدام ومن ثم الى مدينة الصدر .

تشكل التسميات ساحة تصارع الايديولوجيات المتعددة بهدف التحكم بالذاكرة التاريخية لتكريس الخطاب التوتاليتاري ( في اللحظة الصدامية )والطائفي (في اللحظة الطائفية ) استهدف التطهير الثقافي والذاكرة العراقية قتل الاكاديميين العراقيين والمثقفين العراقيين والذين يعارضون الطائفية والافكار الشمولية ويدعون الى التسامح والمحبة والتعددية ).

لقد ذكر اريك دافيس اهم المتخصصين في الذاكرة العراقية في كتابه (ذكريات دولة : السياسة والتاريخ والهوية الجمعية في العراق الحديث ) انه تم تخصيص الاموال الطائلة في عهد صدام حسين لانتاج تصور خاص بعينه للماضي وللانتاج الثقافي , حيث تزعم صدام حسين مشروعا تحت اسم ( مشروع اعادة كتابة التاريخ ). ابتدا المشروع بكتاب صدام ( حول كتابة التاريخ )ونتج عنه كتابين هما ( حضارة العراق ) و ( العراق في التاريخ ).

وكان يهدف المشروع الثقافي الصدامي الى الحذف الانتقائي لكل الاحداث المتناقضة مع السردية الصدامية وحذف تواريخ جماعات كبيرة من ذاكرةالعراق , مثل حذف وجوداليهود في العراق وانجازاتهم وحذف الفترة التاريخيةللحضارة المسيحية قبل الاسلام لدعم السردية الصدامية عن الامة العربيةالواحدة .

لقد تم حذف كل المؤلفين والملحنين والعازفين والمغنين اليهود العراقيين للاغنية البغداديةامثال الموسيقار رائد الاغنية البغدادية الحديثة صالح الكويتي وجعل اليهود اعداء للعروبة وللعراق .
وفي العصر الطائفي تم تشويه الذاكرة العراقية بعد 2003 اذ حذف التراث التعايشي التاريخي لصالح تراث اسطوري يقوم على فكرة الصراع . واستلت ذاكرات مزيفة رثة من مجاهل التاريخ الاسلامي وتمت صناعة العدو المتخيل ليذبح العراقيون على مذبح التاريخ الطائفي والاسطوري والوهمي .

مسك الختام:

وجهة نظر كاتب المقال :

قامت اولى موجات الغزو المغولي بقيادة هولاكو باحتلال بغداد عاصمة الامبراطورية العباسية عام 1258وتدمير معالم بغداد الحضارية والثقافية من مكتبات وكنائس ومساجد واعملوا السيف في الناس .
بعد قرون جاء الاحتلال الامريكي بتدمير العراق بكامله . بينما جاء الاحتلال العثماني وجاء الوالي مدحت باشا باصلاحاته حيث قام بهدم سور بغداد العباسي وكثير من القصور والحمامات والمكتبات العباسية .
يفتخر الاعلام العراقي والعربي اليوم برموز الاحتلال العثماني الاسلامي مثل بناية القشلة والسراي .

في فيلم وثائقي عن بغداد بثته قناة الجزيرة الوثائقية ظهرت مهندسةمعمارية تحدثت عن الطراز والمعمار البغدادي . ولم تجد فضائية الجزيرة لقطات مصورة لهذا التراث كالشناشيل ذات الجذور السومرية ,بينما عرضت بدلا عن ذلك البالكون في البيوت البغدادية الحديثة والتي تعود الى خمسينات القرن العشرين وهي لاتمثل البيت البغدادي .

هكذا تم مسح الذاكرة العراقيةوالافتخار بتراث مختلف الاحتلالات . وهذا يتشابه مع مقدمة نشرة الاخبار على قناة الحرة الامريكية , حي ثتظهر الخيول العربية وهي تتسابق على الجليد وليس على التربة !انه الاغتراب الثقافي ..
الاغتراب عن الوطن – العراق !.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *