ديسمبر 4, 2024
download (1)

الكاتب : عبد المنعم الاعسم

نجحت القوى والشخصيات المؤتلفة في “التيار الديمقراطي” من عبور حاجز الفشل وحكم الهزيمة في انتخابات مجالس المحافظات وسجلت نتائج، وإن كانت متواضعة، مرضي عنها، بل انها اعتبرت مفاجأة للكثير من المحللين والمتابعين، وذلك بحصولها على مقاعد في عشر محافظات، لم تكن ممثلة فيها في الدورة السابقة، الامر الذي اعاد طرح الموضوعة التي انشغلت وتنشغل بها محافل وورش التحليل السياسية ومنتديات المناقشة حول “غياب” التيار الديمقراطي عن الساحة السياسية وما يطرحه هذا الغياب من اسئلة.
لا جديد، ولا مبالغة في القول، بان التيار(الوسط. المعسكر..الخ) الديمقراطي العراقي بقواه وجمهوره وشخصياته يتمتع بثقل اجتماعي وسياسي واسع، ونافذ، وموضع سمعة ومكانة طيبة ومعترف بها، وكل ذلك مستمد، اولا، من تاريخه الوطني ودوره في صناعة الاحداث التاريخية ومواقفه من قضايا البلاد التحررية والاخاء القومي ومعارك المساواة والعدالة ومصالح الفئات الفقيرة ، وثانيا، من تحوّل شرائح اجتماعية واسعة (كانت مهمشة ومعطلة) نحو خيار الديمقراطية وممارستها، والاهتداء يوما بعد آخر، وإن ببطء، الى قيمها ومعاييرها والتعرف الى اكثر ممثليها ايمانا بتلك القيم والدفاع عنها.
وليس من الجديد او المبالغة، كذلك، حين نسجل ان ثقل التيار الديمقراطي هذا لم يتجسد في هياكل وترتيبات الادارة السياسية في عراق ما بعد الدكتاتورية، وانه بقي على ارصفة الشوارع وداخل قاعات ومنتديات النخب الاكثر وعيا وثقافة وتعليما في المجتمع وشرائح المدن، بعيدا عن المفاتيح والمفاعيل المؤثرة في خارطة سلطة القرار وادارة الدولة، ولم يستطع (لاسباب خارجة عن ارادته، واخرى تتعلق في ادواته وقراءاته) من توظيف الفضاءات الجديدة من الحريات وسقوط الممنوعات في بناء حركة فاعلة وديناميكية يطرحها الواقع السياسي الاستقطابي والمضطرب، وفشل وفساد النخب السياسية المهيمنة، وتمليها ضرورات التوازن السياسي والاجتماعي في البلاد، وتؤهلها لكي تتصدر عملية الاصلاح والتغيير وانقاذ البلاد من العنف وورطة الطائفية السياسية ومخاطرها.
لقد اجتاز التيار الديمقراطي،في انتخابات مجالس المحافظات، حاجز الاحباط، كثمرة لسلسلة من التصويبات في آليات العمل والائتلاف والخطاب السياسي والاعلامي ولنشاط بارز قام به دعاة ومجاميع من الناشطين والناشطات، لكن، في بيئة تتسم بالنزاعات والاحتمالات، ما يضاعف مسؤولية التيار، وحاجته الى توسيع اطاره ليضم كل من تعز عليه قضية الديمقراطية والتعددية والاخاء القومي وبناء الدولة المدنية.. ومن دون ذلك فان نجاحه في اختراق حاجز الاحباط قد يضيع.. وللانكفاء ثمن باهض.
********
” إذا اعتاد الفتى خوض المنايا …
فأهون ما يمر به الوحول
ابو الطيب المتنبي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *