الكاتب : فاضل حسن شريف
عن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله “إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ” (القصص 8) أي فيما كانوا يفعلونه في أبناء بني إسرائيل وموسى تحذرا من انهدام ملكهم وذهاب سلطانهم بيدهم إرادة لتغيير المقادير عن مجاريها فقتلوا الجم الغفير من الأبناء ولا شأن لهم في ذلك وتركوا موسى حيث التقطوه وربوه في حجورهم وكان هو الذي بيده انقراض دولتهم وزوال ملكهم. جاء في في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: في الدر المنثور، أخرج ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى اللهعليه وآله قال: كانت بنو إسرائيل إذا كان لأحدهم خادم دابة وامرأة كتب ملكا. وفيه: أخرج أبو داود في مراسله عن زيد بن أسلم: في قوله”وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً” (المائدة 20) قال: قال رسول الله صلىالله عليه وآله: زوجة ومسكن وخادم. أقول: وروي غير هاتين الروايتين روايات أخرى في هذا المعنى غير أن الآية في سياقها لا تلائم هذا التفسير، فإنه وإن كان من الممكن أن يكون من دأب بني إسرائيل أن يسموا كل من كان له بيت وامرأة وخادم ملكا أو يكتبوه ملكا إلا أن من البديهي أنهم لم يكونوا كلهم حتى الخوادم على هذا النعت ذوي بيوت ونساء وخدام فالكائن منهم على هذه الصفة بعضهم و يماثلهم في ذلك سائر الأمم والأجيال فاتخاذ البيوت والنساء والخدام عادة جارية في جميع الأمم لا يخلو عن ذلك أمة عن الأمم، وإذا كان كذلك لم يكن أمرا يخص بني إسرائيل حتى يمتن الله عليهم في كلامه بأنه جعلهم ملوكا، والآية في مقام الامتنان.
عن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى “وَ لَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ” (يونس 93). إنّ التعبير ب “مُبَوَّأَ صِدْقٍ” (يونس 93) يمكن أن يكون إشارة إلى أنّ اللّه سبحانه قد وفى بما وعد به بني إسرائيل و أرجعهم إلى الوطن الموعود، أو أنّ مُبَوَّأَ صِدْقٍ إشارة إلى طهارة و قدسية هذه الأرض، و بذلك تناسب أرض الشام و فلسطين التي كانت محط الأنبياء و الرسل. و قد احتمل جماعة أن يكون المراد أرض مصر، كما يقول القرآن في سورة الدخان الآية (25)- (28): “كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ * وَ زُرُوعٍ وَ مَقامٍ كَرِيمٍ * وَ نَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ * كَذلِكَ وَ أَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ” (الدخان 25-28). و قد جاء هذا المضمون في الآية (57)-(59) من سورة الشعراء، و نقرأ في آخرها: “وَ أَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ” (الشعراء 59). من هذه الآيات نخرج بأنّ بني إسرائيل قد بقوا فترة في مصر قبل الهجرة إلى الشام، و تنعّموا ببركات تلك الأرض المعطاء. ثمّ يضيف القرآن الكريم: “وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ” (يونس 93) و لا مانع بالطبع من أن تكون أرض مصر هي المقصودة، و كذلك أراضي الشام و فلسطين. إلّا أنّ هؤلاء لم يعرفوا قدر هذه النعمة “فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ” (يونس 93) و بعد مشاهدة كل تلك المعجزات التي جاء بها موسى، و أدلة صدق دعوته، إلّا “إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ” (يونس 93) و إذا لم يتذوقوا طعم عقاب الاختلاف اليوم، فسيذوقونه غدا. و قد احتمل أيضا في تفسير هذه الآية، أن يكن المراد من الاختلاف هو الاختلاف بين بني إسرائيل و اليهود المعاصرين للنّبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم في قبول دعوته، أي إنّ هؤلاء رغم معرفتهم صدق دعوته حسب بشارات و علامات كتبهم السماوية، فإنّهم اختلفوا، فآمن بعضهم، و امتنع القسم الأكبر عن قبول دعوته، و إنّ اللّه سبحانه سيقضي بين هؤلاء يوم القيامة. إلّا أنّ الاحتمال الأوّل أنسب لظاهر الآية.
والآية التالية تبيّن واقعة دخول بني إسرائيل إلى الأرض المقدسة نقلا عن لسان نبيّهم موسى عليه السّلام فتقول: “يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَ لا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ” (المائدة 21) لا يوجد أيّ تناقض بين فشل جيل من بني إسرائيل الذين خوطبوا بهذه الآية في دخول الأرض المقدسة، و ابتلائهم بالتيه و الضياع لمدة أربعين عاما في الصحارى و القفار، حتى نجح الجيل التالي من بعدهم بدخول تلك الأرض، لا يوجد أيّ تناقض بين ما ذكر و بين جملة كتب الله عليكم لأنّ هذا التقدير الإلهي و القرار الرباني إنّما قيد بشروط لم ينفذها ذلك الجيل الأوّل من بني إسرائيل، و توضح هذا الأمر الآيات التالية. و قد واجه بنو إسرائيل دعوة موسى عليه السّلام للدخول إلى الأرض المقدسة مواجهة الضعفاء الجبناء الجهلاء، الذين يتمنون أن تتحقق لهم الأنتصارات في ظل الصدف و المعاجز دون أن يبادروا بأنفسهم إلى بذل جهد في هذا المجال، و ردّ هؤلاء على طلب موسى عليه السّلام بقولهم كما تنقله الآية: “قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ” (المائدة 22). و الذي حصل حقيقة هو أنّ بني إسرائيل لم يقتنعوا بأي من الاقتراحات المذكورة، فهم بسبب الضعف و الجبن المتأصلين في نفوسهم خاطبوا موسى عليه السّلام و أخبروه صراحة بأنّهم لن يدخلوا تلك الأرض ما دام العمالقة موجودين فيها، و طالبوا موسى أن يذهب هو و ربه لمحاربة العمالقة و سألوه أن يخبرهم عن انتصاره حيث هم قاعدون، و في هذا المجال تقول الآية الكريمة: “قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ” (المائدة 24). و تبيّن هذه الآية مدى الوقاحة التي وصل إليها بنو إسرائيل في مخاطبة نبيّهم موسى عليه السّلام، فهم بقولهم”لن” و”أبدا” أكدوا رفضهم القاطع للدخول إلى الأرض المقدسة، كما أنّهم استخفوا بموسى عليه السّلام و دعوته و استهزءوا بهما، بقولهم: “فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ” (المائدة 24) كما أنّهم أيضا لم يعيروا التفاتا لاقتراح الرجلين المؤمنين المذكورين في الآية، و لم يبدوا حيال ذلك أي جواب. و الطريف في الأمر أن التوراة المتداولة قد أوردت أجزاء مهمّة من هذه القصة، في الباب الرابع عشر من سفر الأعداد، حيث جاء فيها أن جميع بني إسرائيل لاموا موسى و هارون أخاه و قالوا جميعا: ليتنا متنا جميعا في أرض مصر أو في الفلاة، فلما ذا جاء بنا الرّب إلى هذه الأرض لكي نقتل بحدّ السيف، و تسبى عيالنا و أطفالنا بعدنا فحار موسى و أخاه هارون أمام القوم، ما ذا يفعلأن؟ أمّا يوشع بن نون و كاليب بن يفنة، اللذان كانا من مجموعة الرجال الذين ذهبوا للتجسس على تلك الأرض فقد شقا جيبهما
جاء في شبكة أهل السنة والجماعة عن الفرق بين اليهودي والصهيوني والإسرائيلي: يهودي: اليهود هم القوم الذين بعث الله إليهم موسى عليه السلام نبيًّا، وقد أنزل الله تعالى فيهم التوراة، ومع ذلك فإنّ موسى لم ينزل باليهودية إنما نزل كما غيره من الأنبياء بدين الإسلام، لقول الله تعالى: “وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ” (يونس 84)، ومعنى ذلك أنَّ اليهودية ليست هي الدين الذي جاء به موسى، ولكن اختاره هؤلاء القوم الذين أُرسِلَ إليهم موسى عليه السلام، ولهذه التسمية أسباب كثيرة يطول شرحها. إنَّ اسم اليهود ليس هو الاسم الوحيد الذي أطلق على هذا القوم، ويطلق عليهم اسم بني إسرائيل والعبرانيين أو العبريين. وهم الذين يعتقدون -والعياذ بالله- أن الله في السماء يجلس على العرش. صهيوني: الصهيونية هي فكر أيديولوجي وطني سياسي يدعو إلى إنشاء وطن قومي لمجموعة دينية اجتماعية هي الشعب اليهودي. ويعتبر اليهودي النمساوي ثيودور هرتزل مؤسس أو “أبا” الصهيونية السياسية. تأسست الحركة الصهيونية في أواخر القرن التاسع عشر وسط تزايد العداء للسامية في أوروبا. واستطاعت الحركة تأمين الدعم لها من قبل الحكومات الأوروبية الغربية، وخاصة بعد أن وافق الصهاينة على إنشاء وطنهم اليهودي على أرض عربية هي أرض فلسطين التاريخية. كان هدف الصهاينة الأساسي الاستيلاء على أكبر مساحة ممكنة من أرض فلسطين التاريخية بأقل عدد ممكن من أهلها الفلسطينيين. وما زال الهدف كما هو. شجعت الحركة الصهيونية بشكل كبير هجرة يهود أوروبا الجماعية إلى أرض فلسطين خلال النصف الأول من القرن العشرين. وبالرغم من جهودهم الحثيثة والعداء المتزايد للسامية في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية، إلا أن أعداد العرب أواخر الأربعينيات فاقت أعداد اليهود في فلسطين. ولهذا، يقر المؤرخ الإسرائيلي آلأن بابيه أن قادة الصهاينة في القرن العشرين كانوا على دراية تامة بأن تطبيق المشروع الصهيوني سيؤدي حتمًا إلى عملية تطهير عرقي وتهجير قسري للسكان الأصليين الفلسطينيين. وفي عام 1948، أعلن ديفيد بن غوريون، رئيس المنظمة الصهيونية العالمية آنذاك، تأسيس دولة إسرائيل على أرض فلسطين. أكد الصهاينة أن إسرائيل ستمثل وطنًا قوميًّا آمنًا لليهود، وشجعوا كل يهود العالم على الهجرة إلى هناك والحصول على الجنسية الإسرائيلية. ويؤكد النقاد أن الصهيونية تعمل نفس عمل الاستعمار، ويرجعون إلى عمليات ما يسمونه بالتطهير العرقي التي ارتكبها الصهاينة ضد السكان الأصليين الفلسطينيين وعمليات بناء المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة كأدلة ثابتة وواضحة على ممارسات الصهيونية الاستعمارية.