فاضل حسن شريف
جاء في کتاب معجم الفروق اللغوية بترتيب وزيادة للمؤلف أبو هلال العسكري: الفرق بين قولك تماما له وتماما عليه في قوله تعالى “تماما على الذي أحسن” (الأنعام 154) يقول العسكري في كتابه: أن تماما له يدل على نقصانه قبل تكميله وتماما عليه يدل على نقصانه فقط لأنه يقتضي مضاعفة عليه.
وعن الفرق بين التمني والارادة يقول أبو هلال العسكري: أن التمني معنى في النفس يقع عند فوت فعل كان للمتمني في وقوعه نفع أو في زواله ضرر مستقبلا كان ذلك الفعل أو ماضيا، والارادة لا تتعلق إلا بالمستقبل، ويجوز أن يتعلق التمني بما لا يصح تعلق الارادة به أصلا وهو أن يتمنى الانسان أن الله لم يخلقه وأنه لم يفعل ما فعل أمس ولا يصح أن يريد ذلك، وقال أبو علي رحمه الله: التمني هو قول القائل ليت الامر كذا فجعله قولا وقال في موضع آخر التمني هو هذا القول وإضمار معناه في القلب، وإلى هذا ذهب أبو بكر بن الاخشاد، والتمني أيضا التلاوة قال الله تعالى ” إذا تمنى ألقى الشيطان في امنيته” (الحج 52) وقال إبن الانباري: التمني التقدير قال ومنه قوله تعالى “من نطفة إذا تمنى” (النجم 46)، وتمنى كذب وروي إن بعضهم قال للشعبي: أهذا مما رويته أو مما تمنيته أي كذبت في روايته، وأما التمني في قوله تعالى “فتمنوا الموت إن كنتم صادقين” (البقرة 94) فلا يكون إلا قولا وهو أن يقول أحدهم ليته مات، ومتى قال الانسان ليت الآن كذا فهو عند أهل اللسان متمن غير اعتبارهم لضميره ويستحيل أن يتحداهم بأن يتمنوا ذلك بقلوبهم مع علم الجميع بأن التحدي بالضمير لا يعجز أحدا ولا يدل على صحة مقالته ولا فسادها لان المتحدي بذلك يمكنه أن يقول تمنيت بقلبي فلا يمكن خصمه إقامة الدليل على كذبه، ولو إنصرف ذلك إلى تمني القلب دون العبارة باللسان لقالوا قد تمنينا ذلك بقلوبنا فكانوا مساوين له فيه وسقط بذلك دلالته على كذبهم وعلى صحة ثبوته فلما لم يقولوا ذلك علم أن التحدي وقع بالتمني لفظا.
وعن الفرق بين التناول والاخذ يقول العسكري في كتابه: أن التناول أخذ الشئ للنفس خاصة ألا ترى أنك لا تقول تناولت الشيء لزيد كما تقول أخذته لزيد فالاخذ أعم ويجوز أن يقال إن التناول يقتضي اخذ شئ يستعمل في أمر من الامور ولهذا لا يستعمل في الله تعالى فيقال تناول زيدا كما تقول أخذ زيدا وقال الله تعالى “وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم” (الأحزاب 1) ولم يقل تناولنا وقيل التناول أخذ القليل المقصود إليه ولهذا لا يقال تناولت كذا من غير قصد إليه ويقال اخذته من غير قصد.
وعن الفرق بين التوبة والاعتذار يقول أبو هلال العسكري: أن التائب مقر بالذنب الذي يتوب منه معترف بعدم عذره فيه والمعتذر يذكر أن له فيما أتاه من المكروه عذرا ولو كان الاعتذار التوبة لجاز أن يقال إعتذر إلى الله كما يقال تاب إليه وأصل العذر إزالة الشيء عن جهته إعتذر إلى فلان فعذره أي أزال ما كان في نفسه عليه في الحقيقة أو في الظاهر ويقال عذرته عذيرا، ولهذا يقال من عذيري من فلان وتأويله من يأتيني بعذر منه ومنه قوله تعالى “عذرا أو نذرا” (المرسلات 6) والنذر جمع نذير.