لاتوجد حاكمية شيعية بالعراق

نعيم الخفاجي

ابتلي الشيعة العراقيين بكثرة الكذابين وعديمي الضمير الذين يعتنقون ايديولوجيا،  جعلتهم يقفون بالضد من أبناء المكون الذي ينتمي إليه آبائهم واخوانهم واخواتهم، يمتهنون مهمنة شيطنة الشيعة العراقيين، ومشكلة هؤلاء اما هم امعات لايفهمون، وإما هم يعرفون الحقيقة، لكن ينفذون أجندات خارجية، الحاكمية لدى الشيعة مرتبطة في الأئمة عليهم السلام بشكل مباشر، هؤلاء هم الخلفاء والقادة واصحاب القرار في اصدار الأحكام الشرعية التي لا تتعارض مع القرآن الكريم، علومهم متوارثة عن رسول الله ص، عن طريق الإمام علي ع وانتقل العلم إلى بقية الأئمة عليهم السلام.

بعد الغيبة الكبرى انتهى موضوع الحاكمية المباشرة لدى الشيعية، واختصر ذلك برجوع الشيعة في الفتاوى وفي حل المنازعات إلى المراجع الشيعة الذين درسوا وتخصصوا في مجال الفقه والشريعة، وتم تعطيل إقامة الحدود، لان إقامة الحدود تحتاج اما وجود نبي أو أمام معصوم، لذلك بظل  لا يوجد نبي ولا أمام معصوم ظاهر حاكم تعطل الأحكام والحدود المهمة، ومن هنا  يتضح لنا، الحاكمية الشيعية تختلف عن حاكمية ابن تيمية والوهابية السنية، المبنية على تطبيق حدود الكفر والشرك، من قبل  الشيوخ وكل شخص ملتحي، يتم تقديمه شيخ وفقيه، وهو أضل من اي حمار، لذلك نشاهد عمليات القتل والسبي التي نفذتها وتنفذها التيارات الاخوانية الوهابية السنية التكفيرية.

رسائل علماء الشيعة تضم العبادات والمعاملات وغالبية الأمور الخلافية والمنازعات التي تحدث بين الناس، المرجع ووكلائه يصدرون فتاوى في حل المشاكل والخلافات دون الذهاب إلى المحاكم للأنظمة الجائرة الظالمة، وقد ذكر حديث في الكافي عن الإمام  الصادق عليه السلام عن عمر بن حنظلة قال : (( سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطة وإلى القضاة أيحل ذلك ؟ الحديث طويل والإمام الصادق عليه السلام قال : ينظران إلى من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما ً فإني قد جعلته عليكم حاكما.

لذلك ابتعد الشيعة في تنظيم حياتهم الدينية والاجتماعية عن سلطات الأنظمة السنية الحاكمة، لكن فقهاء السنة ولاسباب مذهبية يحرضون خلفائهم وملوكهم ورؤسائهم  لقتل الشيعة بسبب أكاذيب واوهام وشكوك لا اصل لها، بتحريض الخلفاء او الملك او الرئيس العربي السني، بالقول له،  أن الشيعة يريدون إسقاط نظامك وأنهم يتعاونون مع قوى خارجية …إلخ من الأكاذيب التي لا أصل لها على أرض الواقع.

انفردت مرجعية ولاية الفقيه لأول مرة بالتاريخ الشيعي الجعفري ان يكون المرجع حاكم ديني وسياسي في آن واحد، هناك بعض المطايا( الحمير) عندما تقول له ان السيد الخميني رض هو أول مرجع شيعي جمع مابين السلطة الدينية والسلطة السياسية، رأسا ياتيك الجواب منهم، لا كان الشيعة حاكمين في الدولة البوهيهية والصفوية، تقول له البويهيين شيعة اسماعيلية فاطميين، يبقى يثرر ويقول لك إن الشيخ الكركي كان موجود في الدولة الصفوية، تقول له يا أخي صحيح الشيخ الكركي كان مرجع لكن الحاكم كان الشاه إسماعيل والشاه عباس الصفويين رحمهم الله، وليس الشيخ الكركي.

الشيعة الجعفرية لم يعملوا دول مثل ماعمل الشيعة الاسماعيليين والزيديين دول كثيرة وحكموا دول كثيرة، الشيعة الجعفرية أقيمت لهم دول قليلة، ليست بطابع ديني، مثل الدولة الحمدانية، سيف الدولة رحمه الله كان ملك وليس مرجع ديني، كذلك الدولة الصفوية ودولة شاه إيران رضا بهلوي كان علماني شيعي وليس حاكم شيعي متدين على الإطلاق.

الغالبية الساحقة من مرجعيات الشيعة الجعفرية ضد إقامة حكم ديني شيعي قبل دولة الإمام المهدي، لكن هذه الحقيقة مغيبة عن الإعلام العربي والعالمي ومغيبة حتى عن أبناء الشيعة انفسهم، لأسباب كثيرة، من جملة الاسباب، تقصير الكتاب والمثقفين من أبناء  الشيعة من القوى اليسارية والديمقراطية قول هذه الحقيقة، وسيطرت الكتاب الشيعة الإسلاميين،  الذين لايعون مايفعلون، هؤلاء يغلب على أكثرهم الأنانية، والجهل، وياويل اي كاتب شيعي يتحدث عن ذلك، يتم اتهامه بالخروج عن الدين والمذهب ههههههههه.

رحم الله الشيخ الإمام محمد مهدي شمس الدين، رئيس المجلس الشيعي اللبناني الاعلى،  كتب وأعطى إشارات في كتابه التطبيع، ربما البعض من يسمع تطبيع يظن أن المرحوم محمد مهدي شمس الدين أراد التطبيع مع بني صهيون؟ ههههه شمس الدين طلب من الشيعة العرب في البحرين والسعودية والكويت واليمن والعراق، وبقية الدول العربية ان يكونوا جزء من الشعوب، والأنظمة العربية في بناء دول مدنية، وقال وضع العراق بعد صدام يفترض أن يكون بوضع نظام حكم أفضل من الحالة اللبنانية، شمس الدين توفي قبل سقوط نظام صدام الجرذ بسنوات قليلة، وتحدث ان يكون للشيعة بالعراق إقليم لضمان وجودهم.

بعد سقوط نظام صدام الجرذ، تبنى السيد عبدالعزيز الحكيم رحمه الله الفدرالية وثبتت بالدستور، وتم هيكلة الفصائل المسلحة كبدر ولواء الشهيد الصدر بمؤسسات الدولة العراقية، وتحولت بدر إلى منظمة مدنية.

لكن فلول البعث وهابي بسبب ارهابهم ووجود المحتل، شكل السيد مقتدى الصدر جيش المهدي لاجبار المحتل على إنهاء احتلال العراق، وبسبب الصراعات الدولية، تم دعم المجاميع الإرهابية مثل القاعدة وداعش …..إلخ من التنظيمات الارهابية، تم تنفيذ مؤامرة داعش، المرجعية اصدرت فتوى الجهاد الكفائي، قلبت المخطط التآمري على منفذيه، وتحولت الهزيمة إلى نصر، تشكلت فصائل مسلحة قاتلت داعش بالعراق وسوريا، الفصائل معظم مقاتليهم من مقلدي السيد السيستاني، لكن تم تنظيمهم عسكريا ضمن كتائب حزب الله على سبيل المثال، هؤلاء شباب بغالبيتهم يقلدون السيد علي السيستاني، شاركت الكتائب في محاربة داعش، وفي أحداث غزة انخرطت بعض الفصائل الشيعية بالصراع لإيقاف مجازر قتل أطفال ونساء غزة وليس لشن حرب لإنهاء دولة إسرائيل، اسراىيل تحظى بدعم غالبية الأنظمة العربية والشعوب العربية والاسلامية السنية، ولايمكن إسقاط اسراىيل، لأن العرب والمسلمين السنة لايقبلون بذلك،  بسبب دعم بعض الفصائل الشيعة للضغط لإيقاف حرب غزة،  تعرضت القوى الشيعية وكذلك معهم كل أبناء الشيعة العراقيين بالقول انهم اتباع إلى إيران….إلخ من الأكاذيب التي يقف خلفها البعث وهابي، والهدف إعادة القوى السنية الطائفية لحكم العراق والتسلط على الشيعة وحرمان الشيعة من زيارة أئمتهم، والاحتفال بولاداتهم، والحزن في مناسبات استشهادهم.

الكتاب البعثيين السنة ومعهم محيطهم السني الوهابي يكذبون لأسباب مذهبية للافتراء على الشيعة، لكن ماهي مصلحة الكاتب الشيعي العلماني أو اليساري أو الشيوعي عندما يكتب مقالات طويلة عريضة للكذب وتشويه الحقائق والاصطفاف مع القوى البعثية والوهابية ضد أبناء قومه الشيعة، هل هو غباء أم جهل، أم انانية، نعم الساسة والمسؤولين الشيعة تعاملوا في طرق قذرة مع المواطن الشيعي المضحي والمناضل، الذي ناضل ضد نظام حكم صدام الجرذ الحقير وسلبه حقوقه، واكمل هؤلاء المسؤولين الشيعة ظلم المناضلين الشيعة الظلم مع ظلم صدام الجرذ، لكن هذا لايعني نصبح ابواق رخيصة تقف مع القوى الطائفية التي تكفر كل مواطن شيعي، لننظر مافعل الجولاني السفياني في الاقليات الشيعية السورية من قتل وحشي طال حتى النساء الحوامل.

نعود للوضع العراقي تخلت القوى الشيعية عن اسلحتها بعد سقوط نظام البعث ولولا مؤامرة داعش عام  2014، وسيطرة   تنظيم داعش السنية البعثية  على ثلاث محافظات، منها  محافظة بشكل كامل وهي الانبار ومحافظتين على مركزي المحافظتين في الموصل وتكريت،   ومناطق الاكثريات السنية في محافظتي نينوى وصلاح الدين، لكن فتوى  الجهاد انتجت حشد شعبي وقوات أمنية قاتلوا وفق فتوى الجهاد الكفائي هزمت الدواعش، على أثر الفتوى الحكومة العراقية أصدرت قرار بزمن السيد نوري المالكي في تشكيل هيئة الحشد الشعبي، لقيادة كل القوى المسلحة لقوات الحشد، وتم تأسيس قيادات والوية وافواج عسكرية مقاتلة.

في احتجاجات تشرين 2019 وصلت الحالة المجاميع من المتظاهرين قاموا في الاعتداء على المقاتلين في الحشد الشعبي في الطرق العامة في الكوت والناصرية والبصرة والعمارة، وكل ذلك قوات الحشد الشعبي لم ترد عليهم في إطلاق النار، السيد مقتدى الصدر وجد ادلة في وجود قوى خارجية ضمن متظاهري تشرين، امر اتباعه بالانسحاب، وإذا لم يبقى سوى بضع مئات أو آلاف في الأماكن العامة واضطروا إلى الكف عن عمليات الحرق والقتل.

لو فعلا كانت حاكمية سياسية شيعية بالعراق لتم بالقليل جمع كل القوى الشيعية مع بعض والاتفاق على مشروع سياسي موحد، كل مانسمع به اكاذيب، الشيعة بالعراق وعلى رأسهم مرجعية السيد علي السيستاني مع إقامة دولة مدنية وليس دولة دينية شيعية، لكن المشكلة أن الأحزاب الإسلامية الشيعية لايملكون شجاعة إقامة دولة مدنية، تراهم فاشلين في كسب حاضنتهم المجتمعية، كل شغلة وقالوا نحن نذهب للمرجعية، حتى وكلاء السيد السيستاني قالوا اغلقنا ابوابنا ولانستقبل اي سياسي منكم، عندما المرجع يغلق بابه، يفترض في السياسي الإسلامي الشيعي العراقي يعتمد على نفسه في تأسيس حزب سياسي جامع لكل من هو شيعي والكف عن اللغوة والثرثرة، حزب سياسي شيعي يجمع المتدين والغير متدين، يكون هدف الحزب الشيعي، العمل على نهوض المجتمع اقتصاديا ومعرفيا، بالتأكيد يبقى  الحشد ضمن فيلق تابع إلى القائد العام أسوة في فيلق الاحتياط الاسرائيلي، تجربة فيلق الاحتياط الإسرائيلي يفترض تطبق على فيلق الحشد الشعبي بالعراق، تجربة ناجحة وجميلة، وجود قوات الحشد ضامن للتصدي إلى مؤامرات الأعداء من اعداء الخارج والداخل، هذا حق طبيعي تضمنه كل الاعراف بكل دول العالم المعرضة إلى وقوع مشاكل ومخاطر امنية، هناك من يقول الفصائل الشيعية شاركت في أحداث غزة، حتى لو لم تكن فصائل شيعية بالتأكيد الفكر الشيعي يقف مع المظلومين، وحسب رئيي الخاص يفترض يترك الشيعة سالفة الوقوف مع المظلومين وضد المحتلين، يفترض التفكير بمصلحة الشيعة وترك تبنى قضايا العربان الخاسرة، العربان هم من باعو قضايهم ويضربهم مليار مرض، 

بكل الاحوال يفترض بالكتاب والصحفيين المقربين من وكلاء المرجعية العليا الشيعية ان يوضحون إلى العالم العربي والاسلامي، أن المرجعيات العليا الشيعية مع إقامة الدول المدنية، وليست لهم رغبة في إقامة حكم شيعي قبل دولة الإمام المهدي، بالحقيقة الأنظمة العربية القمعية اضطهدت وقتلت مئات آلاف المواطنين الشيعة خشية منهم على كراسيهم، شرح هذه الحقيقة للرأي العام العربي والإسلامي والعالمي يبدد الاوهام ان لدى الشيعة مشاريع إسقاط أنظمة او إقامة حكومات شيعية، مرجعية ولاية الفقيه نموذج ناجح ومحترم في إيران بحكم ان الشيعة حاكمين منذ قرون طويلة، والفضل بوجود قادة شيعة ليسوا متدينين أقاموا دول ملكية مثل الأنظمة الشاهنشاهية المتعاقبة على حكم إيران منذ قرون طويلة من الزمان، سقط الشاه جاء الإمام الخميني رض أقام نظام ولاية الفقيه وثبت نجاحها في ايران، لكن بالعراق والبحرين وشرق السعودية لاتوجد مرجعيات تتبنى نظرية ولاية فقيه، لذلك حان الوقت لكي يكتب الكتاب الشرفاء من أبناء الشيعة سواء كانوا من المتدينيين الغير متحزبين، أو من الكتاب الشيعة الليبراليين واليساريين بتوضيح مواقف غالبية مرجعيات الشيعة الذين يؤمنون في إقامة دول مدنية ومنهم مرجعيات النجف الاشرف مثل مرجعية السيد علي السيستاني، ووضع النقاط على الحروف وكشف الاعتقادات والمعتقدات الدينية بشكل واضح مفيد للشيعة ولغير الشيعة، الملك السعودي وولي عهده اذا عرفوا مواطنيهم الشيعة لايرغبون إقامة حكم شيعي قبل دولة المهدي، بالتأكيد تجد ولي العهد يجلس في مجالس الشيعة وربما يصبح شيعي جعفري مازال محد يزاحمه على كرسيه، ونخلص من قوانة وسفالة ودونية الكذابين والمفترين الذين يحاولون القول ان لدى الشيعة بالعراق حاكمية سياسية ودينية تطمح لإقامة حكم شيعي ديني لحكم العراق، مع خالص التحية والتقدير.

نعيم عاتي الخفاجي 

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

13/2/2025