
كامل سلمان
العصر الذهبي للطائفية
كامل سلمان
ونحن نعيش عصر الطائفية الذهبي لأننا بعيدين عن العلم والتطور والمعرفة فيجب أن ننافس المجتمعات الأخرى بما عندنا فأخترنا الطائفية عنواننا للتطور ، هذه الطائفية صاحبتها ظواهر غريبة ، من أغرب هذه الظواهر في منطقتنا التي أبتليت بوباء الطائفية أن يظهر جيلاً جديداً متطوراً يلعن الطائفية ويمقتها وينسب لها كل آلامنا ومآسينا ويقول لولاها لكنا الآن أفضل الأمم ، طبعاً هذا الجيل ينعت الطائفية بالوباء الخبيث ويقول بأن هذا الوباء لم يكن ليغلب عقول الناس لولا أن الطائفة الأخرى جلبته لنا ، فلو أنهم عادوا إلى جادة الصواب ( ويقصد الطائفة النقيضة )لكفانا الله شر الطائفية ، لأن هذا الوباء لم يظهر في طائفتنا وإنما هي صفة الطائفة الأخرى وهكذا كل طرف يعيب الطرف الأخر بالطائفية ولا يعلمون أنها صبغتهم جميعاً ، ، لا أدري أبكي أم أضحك عندما أسمع هذا الكلام هل هناك مستوى من الدمار والإنحطاط العقلي مر على البشرية أدنى من هذا الدمار ، تفضلوا أن يكون في مجتمعنا مثل هذا الجيل المغفل ينتقد الطائفية ويتقزز منها وهو يعيشها ويمارسها وهو لا يدري ، لأنه جيل مغفل إلى درجة الحضيض . اليوم عندنا جيل كامل تغلفت عقولهم تماماً بهذا النوع الجديد المستحدث من الإعتقاد . حقيقة مجتمعاتنا في ورطة لأن هذا النوع من الإعتقاد والتفكير الذي يتحلى به هذا الجيل هو ليس جهلاً ولا تخلفاً ، هو تلف كلي للأدمغة ، فما بالك أن يخرج من هذا الجيل التالف العقل مسؤولين في الدولة وأساتذة وأكاديميين وكتاب وحتى رياضيين وفنانين وقوى أمنية بل حتى بعض نساء الليل يتمتعن بهذا الإعتقاد . قد أستغرب قليلاً وأتألم وأحاول أن أجد مبرراً لكل ذلك وأقول ربما نتيجة للظروف التي مرت على الناس وقوة تأثير أهل الدجل والخرافة ، ولكن إستغرابي يتحول إلى جنون عندما أطلّع و أقرأ مثل هذا التلف الدماغي لأطباء وأكاديميين وكتاب ينشرون مقالاتهم أو وجهات نظرهم أو تعليقاتهم في بعض الصحف الإلكترونية ومواقع التواصل الإجتماعي وبعض محطات البث التلفزيوني وهم يعيشون في أرقى الدول الغربية وأمريكا وأستراليا وكندا منذ عشرات السنين وحتى قسم منهم ولدوا في تلك الدول . غريب عجيب كيف إنتقل هذا الوباء لهؤلاء الناس الذين من المفروض أن عقولهم تطورت استجابة لمحيطهم الأجتماعي ؟ وكأن الدين أصبح إجباراً أن تنتمي لهذه الطائفة أو تلك ومن شروط الإنتماء أن تنسب كل الأشياء السيئة وكل الرذائل للطائفة الأخرى ورموزها وتنسب كل الفضائل لطائفتك ورموز طائفتك ثم تلعن الطائفية التي يتحلى بها اتباع الطائفة الأخرى . لا أدري هل هذه نكتة أم مهزلة أم جنون أم ماذا أسميها ؟ … أظن بأن الإنسان المثقف الحقيقي والإنسان صاحب الوعي يعيش في أسوأ حالاته خاصة المثقف الذي لا يعرف المجاملة مع هذه الظواهر النتنة فيضطر أن يواجهها بقوة وقد يكلفه ذلك حياته أو يتجنب الناس ويعتزلهم ويعيش الغربة عن المجتمع اضطراراً ليتكيف مع الوحدانية خوفاً على نفسه وعياله من العدوى ، ظاهراً يبدو أن هذا الوباء معدي فعلاً تنتقل جراثيمه مباشرة للدماغ فتشله .