الكاتب : د. فاضل حسن شريف
—————————————
جاء في خطبة جمعة مسجد الامام الحسين عليه السلام الشيخ حسن العامري عن موضوع (نجاح الامة) بسم الله الرحمن الرحيم “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ” (الجمعة 9) ابتدأ خطيب الجمعة بهذه الآية وقال ان الله تعالى بيده الرحمة وبيده الاخرى انزال العذاب، ففي الحالة الاولى عليك بشكره، والحالة الثانية عليك بذكر الله ومعرفة ما هو تقصيرك ثم التوبة الى الله.
وذكر الله يحصل بالقول والفعل في الرخاء والشدة. ومن ذلك السعي أي الإسراع بذكر الله للذهاب الى المسجد لاداء صلاة الجمعة كما بينت الآية المباركة. والنداء الى المؤمنين المكلفين بهذا الفعل. والاسراع في الطريق هو عكس المشي العادي. ولعل آيات قرآنية عديدة جاءت فيها المسارعة في عمل الخير والمغفرة “وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ” (ال عمران 133). ومن التهيئة قبل الصلاة قراءة سور من القرآن الكريم ومنها سورة الكهف المرغوب تلاوتها يوم الجمعة. والحضور قبل الخطبة وسماعها بكل خشوع وأداء الصلاة.
أن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم عند قدومه الى المدينة بعد هجرته من مكة فإن أول عمل قام به هو بناء مسجد مهما كان بسيطا من طين وجذوع النخل فإنه مركز اجتماع الناس لغرض روحي واقتصادي. فان المسجد ليس فقط مكان لأداء العبادة وإنما كذلك مكان للتعارف بين الناس وحتى حل مشاكلهم ومساعدتهم ماليا. الأمة لا تقوم على اسس صحيحة إلا اذا صلح الإنسان وبالتالي المجتمع. والمسجد مكان لاصلاح الانسان وإصلاح المجتمع بتعاون الناس مع بعضهم البعض وتعارفهم. وتتفرع من المسجد فعاليات منها اقامة صلوات الجماعة أقلها صلاة الجمعة اسبوعيا، بالاضافة الى الحلقات الدينية والعلمية اليومية أو الاسبوعية، وتعليم الاطفال والابناء شؤون دينهم ودنياهم.
بعد الانتهاء من صلاة الجمعة يقول الله عز وجل “فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِى ٱلْأَرْضِ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” (الجمعة 10) فانتشروا اي تفرقوا للقيام بعملين روحي يتمثل بذكر الله، وعمل اقتصادي وهو الابتغاء من فضل الله. أمة الإسلام لا تصبح أفضل الأمم إلا إذا كان مجتمعها مؤمنا متعلما له قوة اقتصادية يساعد بعضه بعضا حتى تصبح امة ناجحة “لعلكم تفلحون”. أما اذا اتكلت الامة على امم اخرى فتصبح تابعة لها وتفقد مكانتها بين الامم بل تصبح ذليلة لا يعار لها اهتمام.