اسم الكاتب : حواس محمود
الهوية هي المميز الرئيس لولاء الفرد وانتمائه، ولغرض الحفاظ على النظام والسلم في العالم وتنمية ولاء المرء لبلده، من الهام بالنسبة إلى الدولة أن تعتبر شرعية وأن تكون قادرة على تنمية شعور الانتماء عند مواطنيها.
يعنى كتاب “الهوية والأمة في العراق” لمؤلفه شيركو كرمانج بدراسة الهوية الوطنية العراقية وتطورها وعملية الوحدة الوطنية، وفق رؤية نقدية تحليلية، يتتبع المؤلف تاريخ العراق الحافل بالخصومات والعنف منذ تشكل العراق الحديث في عام 1921 إلى عام 2012.
ويقدم الكاتب تقييما أوليا ببصيرة نفاذة إلى التطورات التي حصلت أواسط 2012، وضمن المؤلف في دراسته هذه تحليلا قويا ونزيها لـ “المكونات الأساسية للعراق”، كما يحلو للعراقيين أن يشيروا به إلى المجتمعات الرئيسة الثلاثة: العرب السنة، والعرب الشيعة، والكرد، كما لا يغفل عن العديد من الأقليات الصغيرة في العراق.
يشير المؤلف إلى أن مسألة الهوية بصورة عامة وعملية الوحدة الوطنية بصورة خاصة، لم تأخذا حقهما وكفايتهما من الدراسة والتحليل.
ويتناول الكتاب فرضيات ووجهات نظر وتفسيرات مختلفة قام الباحثون بتطبيقها على العراق، ويقوم في الوقت نفسه بتقديم عرض لتاريخ العراق الحديث، ويبدأ البحث عن فترة تشكيل العراق، ويغطي الفترة التي تلت ذلك وصولا إلى العام 2012. إن دراسة هذه الفترة تساعد المؤلف خاصة على فهم تطور الوحدة الوطنية للعراق وسماتها، وكذلك على فهم تشكل هويته القومية، كما أن الخوض في مسألة الهوية – كما يذهب المؤلف – أمر حاسم إذا كان على المرء أن يفهم استقرار الدول أو غيابه، وقد شهدت الكثير من الدول التي ولدت بعد احتلالها، صراعات عرقية خطيرة كنتيجة للمسائل غير المحلولة التي تحيط بالهوية الوطنية.
إن فهم الآليات التي يؤدي الصراع العرقي من خلالها إلى فشل الدولة القومية، ضروري لتحديد خيارات العراق وهو يخرج من ورطته، كما أن الأمر مرتبط أيضا بالحرب الدولية ضد الإرهاب، لأن هذه الحرب إلى جانب كونها تضعف الدول، فإن الصراعات العرقية والمذهبية تجعلها غير قابلة للإدارة من قبل حكومة ما، وغير خاضعة للقانون، بالتالي قد تتحول الدول التي فيها صراعات عرقية غير محلولة إلى ملاذات للمجموعات الإرهابية، مع ذلك فإن سبب كون الهوية الوطنية مسألة حساسة على هذا الحد في العراق هو أنها تشارك في خلق الصراع العرقي والمذهبي بدلا من العمل على تماسك الشعب المكون لهذا البلد.
كما أن هذه المسألة هامة أيضا لأنها تعني أن أي محاولة لتشكيل هوية وطنية أو فرضها قد تكون لها تبعات سياسية من قبيل الحاجة إلى إعادة ترسيم الحدود الجغرافية أو استبدال تركيبة النظم السياسية والدول، وتأتي أهمية الهوية الوطنية كون أن نظام العالم الجديد أقيم أساسا على تشكيل الدول القومية.
ويناقش المؤلف أسباب فشل الوحدة الوطنية ودور النظام في ذلك، كما تم تتبع سياسات التعريب. ويناقش اثنتين من الاستراتيجيات التي استخدمها النظام القديم في سبيل البقاء في السلطة، كالقبلية والحملة الإيمانية، كما تطرق المؤلف إلى الآثار الاجتماعية – الاقتصادية – لعقوبات الأمم المتحدة وما نجم عنها من سوء إدارة من جانب الحكومة العراقية.
ونلفت إلى أن مؤلف الكتاب شيركو كرمانج أكاديمي زائر لجامعة جنوب أستراليا، عمل سابقا في برنامج تطوير الكفاءات البشرية لوزارة التعليم العالي في حكومة إقليم كردستان بأربيل – العراق.