نحو بناء نظام إقليمي متكامل للإنذار المبكر مدمج بالذكاء الاصطناعي ومكافحة حرائق الغابات في الشرق الأوسط ؟ سوريا نموذجا.

إعداد وتحليل وتقديم صباح البغدادي

في قلب الجبال الخضراء للساحل السوري، حيث تمتد غابات الفرنلق وجبال التركمان، اندلعت حرائق مدمرة في بداية حزيران 2025، التهمت أكثر من 15 ألف هكتار من الغطاء النباتي، وهددت المحميات الطبيعية والمجتمعات المحلية. هذه الكارثة البيئية، التي امتدت من ريف اللاذقية إلى إدلب، طرطوس، وحماة، كشفت عن هشاشة النظام الحالي لإدارة الحرائق في سوريا، وأثارت تساؤلات حول قدرة البلاد على مواجهة مثل هذه الأزمات في ظل التغير المناخي ونقص الموارد. في هذا التقرير الاستقصائي، نستعرض اقتراحًا طموحًا لإنشاء “دائرة الإنذار المبكر ومكافحة حرائق الغابات” ضمن الدفاع المدني السوري ووزارة الطوارئ وإدارة الكوارث، مع التركيز على التكنولوجيا المتقدمة، التوعية المجتمعية، وتبادل الخبرات الدولية لخلق نظام متكامل يحمي البيئة والمجتمع.وتُعد حرائق الغابات كارثة إقليمية تهدد دول الشرق الأوسط، من سوريا إلى تركيا، لبنان، والعراق، وتسببت في خسائر بشرية ومادية هائلة. في ظل التغير المناخي وتكرار هذه الكوارث، يبرز الحاجة إلى نظام إقليمي متكامل يعتمد على التكنولوجيا المتقدمة، التعاون بين دول المنطقة، والتوعية المجتمعية لمواجهة حرائق الغابات. يقترح هذا التقرير الاستقصائي إنشاء “دائرة الإنذار المبكر ومكافحة حرائق الغابات” في سوريا، مع إطار تعاون إقليمي يشمل تركيا، لبنان، والعراق، ومبادرة طموحة لإطلاق قمر صناعي إقليمي لرصد التغيرات المناخية، بدعم من الاتحاد الأوروبي ودول الخليج العربي.


من خلال الخبرة العملية الميدانية التي اكتسبتها سابقا ومن واقع المشاركة الفعلية المباشرة ومن خلال الانتساب لفرق التطوع المجتمعية لإخماد حرائق الغابات ومساندة الجهد الخدمي لرجال الإطفاء ومن خلال كذلك الدورات والمحاضرات حول السلامة العامة استطيع ومن خلال هذه الخبرة المكتسبة أن اقدم وفي سياق البحث عن حلول مستدامة لمواجهة حرائق الغابات، التي تشتعل إما بفعل عوامل طبيعية مثل ارتفاع درجات الحرارة، الرياح القوية، والجفاف المرتبط بالتغير المناخي، أو نتيجة تدخلات بشرية غير مقصودة كوضع مواد قابلة للاشتعال تحت أشعة الشمس المباشرة، يبرز الحاجة إلى نهج علمي وعملي للحد من هذه الكوارث. دون الخوض في تحديد أسباب الحرائق – وهي مسؤولية الجهات المختصة – يركز هذا التقرير الاستقصائي على اقتراح منظومة إقليمية متكاملة للإنذار المبكر ومكافحة حرائق الغابات، تشمل سوريا، تركيا، لبنان، والعراق، مع الاستفادة من التجارب الدولية الرائدة، وصولاً إلى إطلاق قمر صناعي مخصص لرصد التغيرات المناخية. الهدف هو تقليص الخسائر البشرية والمادية الهائلة، من خلال التنسيق الإقليمي، التكنولوجيا المتقدمة، والتوعية المجتمعية.وسوف نناقش ونلقي الضوء عن الكيفية التي سوف تستفاد منها وتطويع التكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وبشكل مباشر استخدام الطائرات المسيرة لإنشاء صور ثلاثية الأبعاد مدعومة بالذكاء الاصطناعي لمكافحة حرائق الغابات في سوريا حاليا أو في المستقبل لا سامح الله لغرض الاستفادة من هذه التجربة ليس فقط في سوريا ونما جميع دول المنطقة التي تعاني من ظاهرة حرائق الغابات والأحراش الكثيفة.

في ظل موجة الحرائق المدمرة التي اجتاحت مناطق الساحل السوري، خاصة محافظة اللاذقية، خلال بداية شهر حزيران 2025، والتي أتت على أكثر من 10 آلاف هكتار من الغطاء النباتي، تبرز الحاجة الملحة لتطوير نظام حديث ومتكامل للإنذار المبكر ومكافحة حرائق الغابات. هذا التقرير الاستقصائي الذي نحن بصدد تناوله في سياق هذا المقام يسلط الضوء على اقتراح إنشاء دائرة متخصصة ضمن الدفاع المدني السوري ووزارة الطوارئ وإدارة الكوارث، تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة، تبادل الخبرات الدولية، والتوعية المجتمعية، لمواجهة هذه الكوارث المتكررة التي تهدد البيئة والمجتمع السوري.

فإن حرائق يوليو 2025 أتت على مساحات شاسعة تقدر بنحو 100 كيلومتر مربع، أي ما يعادل نصف مساحة مدينة حلب أو ضعف مساحة مدينة جبلة. الحرائق، التي بدأت قرب الحدود التركية في 3 يوليو، انتشرت بسرعة بسبب ارتفاع درجات الحرارة، الرياح القوية، والجفاف المستمر، مما جعل الأحراش الجافة وقودًا مثاليًا للنيران. المناطق المتضررة تشمل غابات الفرنلق، وهي آخر الغابات الساحلية الكثيفة في سوريا، إلى جانب مواقع مثل قسطل معاف، ربيعة، والزنّزاف.

فرق الدفاع المدني، بمساندة طائرات من سوريا، تركيا، الأردن، ولبنان، واجهت تحديات هائلة بسبب وعورة التضاريس، نقص إمدادات المياه، ووجود مخلفات الحرب مثل الألغام التي أعاقت حركة الفرق. هذه الأزمة، التي أثرت على أكثر من 8,500 شخص وشردت 1,120 آخرين، تؤكد الحاجة إلى نظام متكامل يعتمد على التكنولوجيا الحديثة والتخطيط الاستراتيجي.

تشير صور الأقمار الصناعية التي نشرتها وكالة “ناسا” (FIRMS) إلى أن حرائق حزيران 2025 بدأت قرب الحدود التركية في جبال اللاذقية، وامتدت إلى مناطق إدلب، طرطوس، وحماة، مدمرةً غابات الفرنلق ومزارع المواطنين. وعلى الرغم من جهود فرق الدفاع المدني السوري، بدعم جوي من طائرات سورية، تركية، أردنية، ولبنانية، إلا أن نقص الموارد مثل صهاريج المياه والوقود، إلى جانب التضاريس الجبلية الوعرة، أعاق الاستجابة السريعة. هذه الأزمة تكشف عن فجوة كبيرة في البنية التحتية للإنذار المبكر والاستجابة الفعالة، مما يستدعي إنشاء دائرة متخصصة ضمن الدفاع المدني ووزارة الطوارئ والكوارث السورية لمواجهة هذه التحديات المستقبلية أن حدثت والاهم الاستفادة القصوى من هذه التجربة لغرض إنشاء وإيحاد حلول مستقبلية لأي كارثة قد تحدث سواء بفعل عوامل الطبيعة أو بصورة متعمدة ة ومن هذا المنطلق هناك حلول ومقترحات نستطيع أن نساهم ونوصي بها.

أقتراح إنشاء دائرة الإنذار المبكر ومكافحة الحرائق / الهيكلية المقترحة:
إنشاء “دائرة الإنذار المبكر ومكافحة حرائق الغابات” ضمن هيكلية الدفاع المدني السوري، بالتنسيق مع وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث. ستتولى هذه الدائرة المهام التالية:

  1. إنشاء شبكة مراقبة تكنولوجية: تثبيت كاميرات حرارية ونقاط مراقبة في المناطق الحرجية، مثل جبال اللاذقية، للكشف المبكر عن الحرائق. هذه الأنظمة يمكن أن تعتمد على تقنيات التصوير الحراري والطائرات المسيرة المزودة بأجهزة LiDAR لإنشاء خرائط ثلاثية الأبعاد دقيقة واستخدام الطائرات المسيرة: نشر طائرات مسيرة مزودة بتقنيات LiDAR وكاميرات حرارية لإنشاء خرائط ثلاثية الأبعاد دقيقة للغابات، كما هو معمول به في كاليفورنيا. هذه الخرائط، مدعومة بالذكاء الاصطناعي، يمكن أن تحدد بؤر الحرائق، تحلل أنماط انتشارها، وتوجه فرق الإطفاء بدقة.
  2. تطبيق ذكي للإبلاغ الفوري: تطوير تطبيق هاتف محمول، يتيح للمواطنين الإبلاغ عن الحرائق فور رصدها، مع ميزات تحديد الموقع الجغرافي وإرفاق الصور، لتسريع استجابة فرق الإطفاء.واستخدام الطائرات المسيرة: نشر طائرات مسيرة مزودة بتقنيات LiDAR وكاميرات حرارية لإنشاء خرائط ثلاثية الأبعاد دقيقة للغابات، كما هو معمول به في كاليفورنيا. هذه الخرائط، مدعومة بالذكاء الاصطناعي، يمكن أن تحدد بؤر الحرائق، تحلل أنماط انتشارها، وتوجه فرق الإطفاء بدقة.
  3. تبادل الخبرات الدولية: الاستفادة من تجارب دول مثل الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، وتركيا في إدارة الحرائق، مع التركيز على تقنيات متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيرة.
  4. برامج التوعية المجتمعية: تنظيم ندوات وورش عمل، وتوزيع منشورات وبوسترات توعوية لتثقيف المجتمعات المحلية حول الوقاية من الحرائق وكيفية التعامل معها بطرق عملية وميدانية.برامج توعية وتدريب: تنظيم حملات توعية وطنية ودورات تدريبية للمتطوعين وفرق الإطفاء، بالإضافة إلى برامج تعليمية للمجتمعات المحلية حول الوقاية من الحرائق

التكنولوجيا في قلب الحل والحدث:

من خلال الطائرات المسيرة والذكاء الاصطناعي والاهم الاستفادة من تجربة إدارة الغابات في كاليفورنيا (Cal Fire) توفر نموذجًا يمكن لسوريا الاستفادة منه. تستخدم Cal Fire طائرات مسيرة مزودة بتقنية LiDAR لإنشاء صور ثلاثية الأبعاد للغابات، مما يتيح تحليل الكتلة الحيوية وتحديد المناطق الأكثر عرضة للحرائق. يتم دمج هذه البيانات مع خوارزميات الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بحركة الحرائق بناءً على الرياح، الجفاف، ونوع الغطاء النباتي. وفي سوريا، يمكن نشر هذه التقنيات في مناطق مثل غابات الفرنلق، مع التركيز على خرائط دقيقة وإنشاء خرائط ثلاثية الأبعاد لتحديد بؤر الحرائق وتسهيل توجيه فرق الإطفاء.والتحليل التنبئي واستخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل أنماط الحرائق وتحديد المناطق الحرجة وإدخال جميع هذه المعلومات في برمجة داتا .
الاستجابة السريعة: دمج بيانات الطائرات المسيرة مع خرائط “ناسا” الحرارية لتحديد الأولويات عمليات الإخماد.

تبادل الخبرات الدولية: دروس من أمريكا، أوروبا، وتركيا

  • الولايات المتحدة: تجربة Cal Fire تُظهر كيف يمكن للطائرات المسيرة أن تقلل من وقت الاستجابة وتحسن كفاءة تخصيص الموارد. يمكن لسوريا التعاون مع الوكالات الأمريكية عبر برامج الأمم المتحدة لنقل هذه التقنيات.
  • الاتحاد الأوروبي: نظام “كوبرنيكوس” الأوروبي، الذي دعم جهود مكافحة الحرائق في سوريا عام 2025، يوفر خرائط دقيقة لبؤر الحرائق. يمكن للدفاع المدني السوري الاستفادة من هذا النظام من خلال تدريب فرق محلية على تحليل بياناته.
  • تركيا: بفضل قربها الجغرافي ودعمها الجوي الحالي، يمكن لتركيا توفير دورات تدريبية للمتطوعين السوريين على استخدام الطائرات المسيرة، كما فعلت مع فرق الدفاع المدني في إدلب عام 2013

التوعية المجتمعية: بناء ثقافة الوقايةالحرائق لا تنتج فقط عن العوامل الطبيعية، بل أحيانًا عن الإهمال البشري. لذلك، يجب أن تركز دائرة الإنذار المبكر على برامج توعية شاملة:

  • ندوات وورش عمل: تنظيم جلسات في القرى والمدن الريفية، بالتعاون مع منظمات مثل الخوذ البيضاء، لتعليم السكان كيفية التعامل مع الحرائق، مثل إنشاء خطوط نارية أو إخلاء المناطق بأمان.
  • بوسترات ومنشورات: توزيع مواد توعوية في الأسواق والمدارس تحدد خطوات الإبلاغ عن الحرائق وسبل الوقاية، مثل تجنب إشعال النار في الأحراش الجافة.
  • تطبيق ذكي: إطلاق تطبيق “إنذار الحرائق”، يتيح للمواطنين الإبلاغ عن الحرائق فورًا، مع توفير إرشادات فورية حول السلامة. التطبيق يمكن أن يتضمن خرائط تفاعلية وتنبيهات مباشرة من الدفاع المدني

إدارة الأحراش الجافة والزراعة المستدامة : الأحراش الجافة هي الوقود الأساسي للحرائق في سوريا، خاصة في ظل الجفاف المتفاقم. يقترح التقرير استراتيجيات للحد من هذه المخاطر:

  • إزالة الأحراش الجافة: تنظيم حملات مجتمعية، بالتعاون مع الدفاع المدني ومنظمات الأمم المتحدة، لإزالة الأحراش الجافة في المناطق الحرجية، مع توفير بدائل مثل تحويلها إلى كومبوست للزراعة.
  • زراعة أشجار مقاومة للحرائق: استبدال الأحراش بأنواع أشجار أقل قابلية للاشتعال، مثل أشجار الزيتون أو الصنوبر الحلبي، التي تتحمل الجفاف وتقلل من مخاطر الحرائق. يمكن الاستفادة من حملة “بأيدينا نحييها” التي أطلقها محافظ اللاذقية لإعادة تشجير المناطق المتضررة

التحديات والحلول المقترحة:

  • نقص التمويل: يعاني الدفاع المدني السوري من شح الموارد. يمكن معالجة ذلك من خلال طلب دعم دولي من خلال الأمم المتحدة أو دول مثل قطر وتركيا، التي قدمت تمويلًا سابقًا للخوذ البيضاء.
  • التضاريس الجبلية: التضاريس الوعرة في اللاذقية تعيق الاستجابة. استخدام الطائرات المسيرة يمكن أن يتغلب على هذه العقبة من خلال توفير بيانات دقيقة عن مواقع الحرائق.
  • الوضع الأمني: الاضطرابات الأمنية في سوريا قد تعيق تنفيذ المشاريع. يمكن التعاون مع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة لضمان أمن فرق العمل

نحو مستقبل أكثر أمانًا :

إنشاء دائرة الإنذار المبكر ومكافحة حرائق الغابات ليس مجرد مشروع إداري، بل استثمار في أمن واستقرار سوريا. من خلال الجمع بين التكنولوجيا المتقدمة، تبادل الخبرات الدولية، والتوعية المجتمعية، يمكن لسوريا بناء نظام قوي لمواجهة الحرائق وتقليل أضرارها. التحدي كبير، لكن مع التعاون الدولي والإرادة المحلية، يمكن تحويل هذه الأزمة إلى فرصة لإعادة بناء بيئة مستدامة ومجتمع آمن.توصيات نهائية:

  1. تخصيص ميزانية طارئة من الحكومة الانتقالية لتأسيس الدائرة وتجهيزها بكاميرات مراقبة وطائرات مسيرة.
  2. إطلاق حملة توعية وطنية تحت شعار “معًا ضد الحرائق”، تشمل ندوات ومنشورات في المناطق الريفية.
  3. التعاون مع الأمم المتحدة وتركيا لنقل الخبرات وتوفير التدريب.
  4. تطوير تطبيق “إنذار الحرائق” خلال 6 أشهر، مع اختباره في مناطق مثل اللاذقية وإدلب.

التمويل والتنفيذ:

إنشاء هذه الدائرة يتطلب ميزانية أولية تقدر بنحو 10 ملايين دولار، يمكن تأمينها عبر التعاون مع الأمم المتحدة، منظمة الأغذية والزراعة (FAO)، ودول مثل تركيا وقطر التي قدمت دعمًا سابقًا للدفاع المدني السوري. يمكن أن تبدأ مرحلة تجريبية في اللاذقية وإدلب خلال عام 2026، مع توسيع النطاق ليشمل باقي المحافظات بحلول 2028.

التكنولوجيا في صميم الحل: الطائرات المسيرة والذكاء الاصطناعي تجربة كاليفورنيا كنموذج:
في كاليفورنيا، تستخدم إدارة الغابات (Cal Fire) طائرات مسيرة مزودة بتقنية LiDAR لإنشاء صور ثلاثية الأبعاد دقيقة للغابات، مما يتيح قياس الكتلة الحيوية ومحتوى الكربون، والتمييز بين الدخان والجزيئات الأخرى باستخدام الذكاء الاصطناعي. هذا النظام يعتمد على تحليل بيتابايت من البيانات للكشف المبكر عن الحرائق، مما يقلل من وقت الاستجابة ويحسن كفاءة تخصيص الموارد. في سوريا، يمكن تطبيق هذا النموذج وذلك عبر:

*خرائط ثلاثية الأبعاد: إنشاء خرائط دقيقة لمناطق مثل غابات الفرنلق وجبال التركمان، مما يساعد في تحديد بؤر الحرائق وتخطيط مسارات الإطفاء.
*التحليل التنبؤي: استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات الطائرات المسيرة وخرائط “ناسا” الحرارية للتنبؤ بحركة الحرائق بناءً على عوامل مثل سرعة الرياح ودرجة الجفاف.
*إدارة الموارد: توجيه الطائرات المروحية وفرق الإطفاء إلى المناطق الأكثر خطورة، مما يقلل من إهدار الموارد المحدودة.

تبادل الخبرات الدولية ومن خلال دروس وتجارب الدول الأخرى :
نموذج Cal Fire في كاليفورنيا يوفر دروسًا قيمة. بالإضافة إلى استخدام الطائرات المسيرة، تعتمد Cal Fire على شبكة واسعة من كاميرات المراقبة وأبراج الرصد، مدعومة بالذكاء الاصطناعي، للكشف عن الحرائق في غضون دقائق. سوريا يمكن أن تتعاون مع الوكالات الأمريكية عبر برامج الأمم المتحدة لنقل هذه التكنولوجيا.

الاتحاد الأوروبي:
نظام “كوبرنيكوس” الأوروبي، الذي قدم خرائط دقيقة لحرائق اللاذقية 2025، يمثل أداة حيوية لتحليل الأضرار. يمكن للدفاع المدني السوري تدريب فرق محلية على استخدام بيانات “كوبرنيكوس” لتحسين التخطيط والاستجابة.

تركيا:
تركيا، التي قدمت دعمًا جويًا لحرائق 2025، تمتلك خبرة في استخدام الطائرات المسيرة لمراقبة الغابات. يمكن تنظيم دورات تدريبية مشتركة مع فرق الدفاع المدني السوري، خاصة في إدلب واللاذقية، لنقل هذه الخبرات.

تجربة منظمة الأغذية والزراعة (FAO):
بين 2004 و2008، نفذت FAO مشروعًا في سوريا للإدارة المتكاملة لحرائق الغابات، تضمن تدريب 700 مشارك وتأسيس طواقم إطفاء مجهزة بأدوات يدوية ومعدات مراقبة. يمكن إعادة إحياء هذا المشروع بتمويل إيطالي أو دولي آخر لدعم الدائرة المقترحة.

    التوعية المجتمعية وبناء ثقافة الوقاية ومن خلال :ـ

    *حملات توعية وطنية: ندوات وورش عمل: تنظيم جلسات توعية في القرى والمدن الريفية، بالتعاون مع منظمات مثل الخوذ البيضاء وجمعية “درب عكار”، لتعليم السكان كيفية التعامل مع الحرائق. يمكن أن تشمل هذه الجلسات تدريبات عملية على إنشاء خطوط نارية، استخدام طفايات الحريق، وإخلاء المناطق بأمان.

    *بوسترات ومنشورات: توزيع مواد توعوية في الأسواق، المدارس، والمراكز المجتمعية، تحدد خطوات الإبلاغ عن الحرائق وسبل الوقاية، مثل تجنب إشعال النار بالقرب من الأحراش الجافة. يمكن أن تحمل هذه المواد شعارات مثل “حافظ على غاباتك، أنقذ مستقبلك”.


    *إعلام رقمي: إطلاق حملات على منصات التواصل الاجتماعي، مستوحاة من التضامن الواسع الذي شهدته منصات مثل X خلال حرائق 2025، لتشجيع المواطنين على المشاركة في الوقاية.

    تطبيق “إنذار الحرائق”:
    تطوير تطبيق ذكي يتيح للمواطنين الإبلاغ عن الحرائق فور رصدها، مع ميزات مثل:إرسال إشعارات فورية إلى فرق الدفاع المدني.
    خرائط تفاعلية تظهر مواقع الحرائق النشطة.
    إرشادات سلامة للمواطنين، مثل الابتعاد عن مناطق الدخان واستخدام أقنعة التنفس.
    يمكن إطلاق التطبيق بالتعاون مع شركات تقنية محلية أو دولية، مع اختباره في مناطق مثل اللاذقية خلال 6 أشهر

    إشراك المجتمعات المحلية: برامج تطوعية: تشجيع الشباب على الانضمام إلى فرق الإطفاء التطوعية، مع توفير تدريب على استخدام معدات الإطفاء والطائرات المسيرة.
    مبادرات مدرسية: دمج التوعية بالحرائق في المناهج الدراسية، مع تنظيم زيارات ميدانية للغابات لتعليم الطلاب أهمية الحفاظ على البيئة.

    إدارة الأحراش الجافة والزراعة المستدامة1. إزالة الأحراش الجافة:
    الأحراش الجافة هي السبب الرئيسي لتفاقم الحرائق، خاصة في ظل موجات الجفاف التي شهدتها سوريا منذ 2006. يقترح التقرير:

    حملات مجتمعية: تنظيم حملات لإزالة الأحراش الجافة في المناطق الحرجية، بالتعاون مع منظمات مثل FAO، مع تحويل النفايات النباتية إلى كومبوست لدعم الزراعة.
    حوافز اقتصادية: تقديم دعم مالي للمزارعين الذين يشاركون في إزالة الأحراش، مثل قروض ميسرة أو معدات زراعية.

    زراعة أشجار مقاومة للحرائق: اختيار الأنواع المناسبة: زراعة أشجار مثل الزيتون، الصنوبر الحلبي، أو الأرز، التي تتحمل الجفاف وتقلل من مخاطر الحرائق. يمكن الاستفادة من حملة “بأيدينا نحييها” التي أطلقها محافظ اللاذقية لإعادة تشجير المناطق المتضررة.

      البذر الجوي: يمكن استخدام تقنية البذر الجوي، التي نجحت في كاليفورنيا وأستراليا، لإعادة تشجير المناطق المتضررة بسرعة.
      الغابات الكبسولية: تطبيق تجربة كينيا بزراعة “كرات طينية” تحتوي على بذور، مما يساعد على إعادة التشجير بكفاءة وتكلفة منخفضة

        التحديات والحلول1. نقص التمويل:
        الدفاع المدني السوري يعاني من شح الموارد. يمكن معالجة ذلك عبر:طلب تمويل من الأمم المتحدة، التي أكدت دعمها لجهود إخماد الحرائق في 2025.

        التعاون مع دول مثل تركيا والأردن، التي قدمت دعمًا جويًا وبريًا.

        إطلاق صندوق وطني لدعم إدارة الحرائق، بمساهمات من القطاع الخاص.

        1. التضاريس الوعرة:
          التضاريس الجبلية في اللاذقية تعيق وصول فرق الإطفاء. الطائرات المسيرة وكاميرات المراقبة يمكن أن تحل هذه المشكلة من خلال توفير بيانات دقيقة عن مواقع الحرائق.3. الوضع الأمني:
          مخلفات الحرب، مثل الألغام، تشكل خطرًا على فرق الإطفاء. يمكن التعاون مع قوات الأمم المتحدة لتطهير المناطق الحرجية قبل نشر أنظمة المراقبة.
        2. نقص الكوادر المدربة:
          تتطلب التكنولوجيا المتقدمة كوادر مؤهلة. يمكن تنظيم دورات تدريبية بالتعاون مع تركيا أو FAO لتأهيل 500 فرد خلال عامين.خطة تنفيذ مقترحةالمرحلة الأولى (2026): إنشاء دائرة الإنذار المبكر ومكافحة الحرائق، مع مقر رئيسي في اللاذقية.
          تركيب 50 كاميرا حرارية و10 أبراج مراقبة في المناطق الحرجية.
          شراء 20 طائرة مسيرة مزودة بتقنية LiDAR، بتمويل من الأمم المتحدة.
          إطلاق تطبيق “إنذار الحرائق” في مرحلة تجريبية.
          تنظيم 10 ورش عمل توعوية في ريف اللاذقية وإدلب.

        *المرحلة الثانية (2027-2028): توسيع شبكة المراقبة لتشمل طرطوس وحماة.
        تدريب 200 متطوع على استخدام الطائرات المسيرة وتحليل البيانات.
        إطلاق حملة وطنية لإزالة الأحراش الجافة وإعادة التشجير بأشجار مقاومة للحرائق.
        دمج بيانات “كوبرنيكوس” و”ناسا” مع أنظمة الدائرة.

        *المرحلة الثالثة (2029-2030): توسيع الدائرة لتشمل كل المحافظات السورية.
        إنشاء مركز بيانات وطني لتحليل أنماط الحرائق باستخدام الذكاء الاصطناعي.
        إطلاق برنامج وطني لإعادة التشجير باستخدام البذر الجوي والغابات الكبسولية.

        نحو شرق أوسط اخضر دائما وسوريا خضراء وآمنة حرائق 2025 ليست مجرد كارثة بيئية، بل دعوة لإعادة التفكير في كيفية حماية الغابات والمجتمعات السورية. إنشاء دائرة الإنذار المبكر ومكافحة حرائق الغابات، بدعم من التكنولوجيا المتقدمة، تبادل الخبرات الدولية، والتوعية المجتمعية، يمكن أن يحول هذه الأزمة إلى فرصة لبناء نظام بيئي مستدام. مع الإرادة السياسية والدعم الدولي، يمكن لسوريا أن تصبح نموذجًا إقليميًا في إدارة الحرائق، محافظةً على تراثها الطبيعي للأجيال القادمة.توصيات نهائية: تخصيص ميزانية طارئة بقيمة 10 ملايين دولار لتأسيس الدائرة.
        التعاون مع FAO وتركيا لنقل الخبرات وتوفير المعدات.
        إطلاق حملة توعية وطنية بعنوان “سوريا خضراء” خلال 3 أشهر.
        تجربة تطبيق “إنذار الحرائق” في اللاذقية بحلول يناير 2026.
        إعادة تشجير 5,000 هكتار باستخدام البذر الجوي بحلول 2027.

        حرائق الغابات سوف تظل تشكل تهديدًا مشتركًا لدول الشرق الأوسط، لكنها توفر فرصة لبناء منظومة إقليمية متكاملة تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة، التنسيق بين سوريا، تركيا، لبنان، والعراق، والدعم من الاتحاد الأوروبي ودول الخليج. إطلاق قمر صناعي إقليمي، مدعوم بالطائرات المسيرة، أنظمة المراقبة، والتوعية المجتمعية، يمكن أن يقلل الخسائر ويحمي الغابات للأجيال القادمة.