الكاتب : د. فاضل حسن شريف
—————————————
عن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي:قوله تعالى عن أقواتها: “وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِّلسَّائِلِينَ” ﴿فصلت 10﴾ “وقدر فيها أقواتها” أي قدر في الأرض أرزاق أهلها على حسب الحاجة إليها في قوام أبدان الناس وسائر الحيوان وقيل قدر في كل بلدة منها ما لم يجعله في أخرى ليعيش بعضهم من بعض بالتجارة من بلد إلى بلد. وجاء في تفسير الميسر: أَقْوَاتَهَا: أَقْوَاتَ اسم، هَا ضمير. وَبَارَكَ: وَبَارَكَ: وَ حرف عطف، بَارَكَ فعل، وَ حرف عطف، بَارَكَ فعل، أقواتها: أرزاق أهلها و ما يصلح لمعايشهمْ. وجعل سبحانه في الأرض جبالا ثوابت من فوقها، وبارك فيها فجعلها دائمة الخير لأهلها، وقدَّر فيها أرزاق أهلها من الغذاء، وما يصلحهم من المعاش في تمام أربعة أيام: يومان خلق فيهما الأرض، ويومان جعل فيها رواسي وقدر فيها أقواتها، سواء للسائلين أي: لمن أراد السؤال عن ذلك، ليعلمه.
وردت كلمة أقوات ومشتقاتها في القرآن الكريم: مُقِيتًا، أَقْوَاتَهَا. جاء في معاني القرآن الكريم: قوت القوت: ما يمسك الرمق، وجمعه: أقوات. قال تعالى: “وقدر فيها أقواتها” (فصلت 10) وقاته يقوته قوتا: أطمعه قوته، وأقاته يقيته: جعل له ما يقوته، وفي الحديث: (إن أكبر الكبائر أن يضيع الرجل من يقوت) (الحديث أخرجه مسلم برقم (996) بلفظ: (كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت). وأخرجه أحمد 2/160)، ويروى: (من يقيت). قال تعالى: “وكان الله على كل شيء مقيتا” (النساء 85) قيل: مقتدرا. وقيل: حافظا. وقيل: شاهدا، وحقيقته: قائما عليه يحفظه ويقيته. ويقال: ما له قوت ليلة، وقيت ليلة، وقيته ليلة، نحو الطعم والطعمة.
عن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى عن نمير ونبغي وبعير “وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ ۖ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي ۖ هَـٰذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا ۖ وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ۖ ذَٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ” ﴿يوسف 65﴾ البغي هو الطلب ويستعمل كثيرا في الشر ومنه البغي بمعنى الظلم والبغي بمعنى الزنا، وقال في المجمع،: الميرة الأطعمة التي تحمل من بلد إلى بلد ويقال: مرتهم أميرهم ميرا: إذا أتيتهم بالميرة، ومثله: امترتهم امتيارا. انتهى. وقوله:”يا أبانا ما نبغي” استفهام أي لما فتحوا متاعهم ووجدوا بضاعتهم ردت إليهم وكان ذلك دليلا على إكرام العزيز لهم وأنه غير قاصد بهم سوءا وقد سلم إليهم الطعام ورد إليهم الثمن فكان ذهابهم إلى مصر للامتيار خير سفر نفعا ودرا راجعوا أباهم وقالوا: يا أبانا ما الذي نطلب من سفرنا إلى مصر وراء هذا؟ فقد أوفى لنا الكيل ورد إلينا ما بذلناه من البضاعة ثمنا. فقولهم: “يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا” أرادوا به تطييب نفس أبيهم ليرضى بذهاب أخيهم معهم لأنه في أمن من العزيز وهم يحفظونه كما وعدوه و”لذلك عقبوه بقولهم: “وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ” أي سهل. وربما قيل: إن”ما” في قوله: “ما نبغي” للنفي أي ما نطلب بما أخبرناك من العزيز وإكرامه لنا الكذب فهذه بضاعتنا ردت إلينا، وكذا قيل: إن اليسير بمعنى القليل أي إن الذي جئنا به إليك من الكيل قليل لا يقنعنا فنحتاج إلى أن نضيف إليه كيل بعير أخينا.
تفسير الميسر: قوله تعالى عن نمير ونبغي وبعير “وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ ۖ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي ۖ هَـٰذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا ۖ وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ۖ ذَٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ” ﴿يوسف 65﴾ نبغي فعل،وَنَمِيرُ: وَ حرف عطف، نَمِيرُ فعل. بعير اسم، نمير: نحمل الميرة. و الميرة: الطعام و المؤونة. و المَير: الطعام. ما نبغي؟: ما نطلب من الإحسان بعد ذلك؟ البعير: الجمل البازل، للذكر و الأنثى، دُعي كذلك نسبة إلى ما يُخرجه من البعر. ولما فتحوا أوعيتهم وجدوا ثمن بضاعتهم الذي دفعوه قد رُدَّ إليهم قالوا: يا أبانا ماذا نطلب أكثر من هذا؟ هذا ثمن بضاعتنا ردَّه العزيز إلينا، فكن مطمئنًا على أخينا، وأرسله معنا، لنجلب طعامًا وفيرًا لأهلنا، ونحفظ أخانا، ونزداد حِمْلَ بعير له، فإن العزيز يكيل لكل واحد حِمْلَ بعير، وذلك كيل يسير عليه. وجاء في تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: “ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم قالوا يا أبانا ما نبغي” ما استفهامية أي أيَّ نطلب من إكرام الملك أعظم من هذا وقرئ بالفوقانية خطابا ليعقوب وكانوا ذكروا له إكرامه لهم “هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا” تأتي بالميرة لهم وهي الطعام، “ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير” لأخينا “ذلك كيل يسير” سهل على الملك لسخائه.
وجاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى عن نمير ونبغي وبعير وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ ۖ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي ۖ هَـٰذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا ۖ وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ۖ ذَٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ” ﴿يوسف 65﴾ يمكن أن تكون جملة ( ما ينبغي) استفهامية ويكون تقديرها ما نبقى وراء ذلك، ويمكن أن تكون نافية وتقديرها: (ما نبغي بذلك الكذب او مانبقى منك دراهم). “ونمير أهلنا” (نمير) مأخوذة من مادة (مير) يعني حمل الطعام والمواد الغذائية. وهكذا نتمكّن من أن نشتري كيل بعير من الحبوب “ونزداد كيل بعير”.
جاء في معاني القرآن الكريم: مير الميرة: الطعام يمتاره الإنسان، يقال: مار أهله يميرهم. قال تعالى: “ونمير أهلنا” (يوسف 65). والغيرة والميرة يتقاربان (قال ابن منظور: والغيرة، بالكسر والغيار: الميرة. اللسان (غير)).
وردت كلمة بغي ومشتقاتها في القرآن الكريم: بَغْيًا بَاغٍ وَابْتَغُوا تَبْتَغُوا ابْتِغَاءَ وَابْتِغَاءَ يَبْغُونَ يَبْتَغِ تَبْغُونَهَا تَبْغُوا تَبْتَغُونَ أَيَبْتَغُونَ يَبْتَغُونَ تَبْتَغِيَ أَبْتَغِي بِبَغْيِهِمْ أَبْغِي وَالْبَغْيَ وَيَبْغُونَهَا وَتَبْغُونَهَا أَبْغِيكُمْ يَبْغُونَكُمُ ابْتَغَوُا بَغْيُكُمْ نَبْغِي وَلِتَبْتَغُوا لِتَبْتَغُوا لَابْتَغَوْا وَابْتَغِ نَبْغِ يَنبَغِي بُغِيَ ابْتَغَى الْبِغَاءِ نَبْتَغِي فَبَغَى تَبْغِ فَابْتَغُوا وَابْتِغَاؤُكُم ابْتَغَيْتَ بَغَى لَيَبْغِي لَبَغَوْا الْبَغْيُ وَيَبْغُونَ بَغَتْ تَبْغِي يَبْغِيَانِ.
جاء في معاني القرآن الكريم: بعر قال تعالى: “ولمن جاء به حمل بعير” (يوسف 72)، البعير معروف، ويقع على الذكر والأنثى، كالإنسان في وقوعه عليهما، وجمعه أبعرة وأباعر وبعران، والبعر: لما يسقط منه، والمبعر: موضع البعر، والمبعار من البعير: الكثير البعر.