عَلم الدولة رمز للوطن وليس رمزاً للمعتقد

الكاتب : كامل سلمان
—————————————
عندما يتم رفع علم الدولة على المباني الحكومية وفي المحافل الدولية وفي المناسبات الوطنية والاحتفالات فهو تعبير رمزي عن هوية الوطن ككيان وانتماء وليس تعبيراً عن عقيدة الجهة التي تستحوذ على السلطة ، فليس من حق النظام الحاكم رسم معتقده في تصميم وشكل العلم . لو أخذنا نظرة عامة على جميع أعلام دول العالم سنلاحظ بأن أعلام الدول التي تحكمها أنظمة شمولية أو عقائدية هي إيحاءات لمعتقدات تلك الأنظمة بينما نلاحظ أعلام الدول التي تحكمها النظم الديمقراطية هي إيحاءات عن الأوطان بتركيبتها الجغرافية والسكانية والتأريخية ، لا يوجد علم لدولة من دول العالم تحكمها حكومة شمولية أو عقائدية لا يخلو في تصميمه من رمز عقائدي ديني أو قومي أو أيدلوجي وكذلك الحال ينطبق على النشيد الوطني وعلى العملة المحلية لذلك فأن الدول التي تحكمها أنظمة شمولية عندما يتغير فيها نظام الحكم فأن أول ثلاثة أشياء يتم تغييرها هو العلم والنشيد الوطني والعملة كإشارة لسقوط النظام القديم وبدأ مرحلة جديدة . النظام العقائدي والنظام الشمولي لا يمثلان جميع أصناف المجتمع داخل حدود الدولة لذلك فأن تصميم صورة علمهما لا يمثل تلك المجتمعات ، يمثل فقط السلطة الحاكمة ومن يسير على نهجها . تغيير شكل العلم وتغيير النشيد الوطني وتغيير العملة المحلية يستوجب أيضاً تغيير الدستور ، هذه التغيرات التي تحدث بعد تغيير النظام السياسي تربك وضع البلد وتعيده إلى نقطة الصفر من حيث البناء والتقدم مما يضع تلك البلدان التي تتغير أنظمة حكمها في خانة التخلف . كلنا نتذكر علم الاتحاد السوفياتي السابق الذي كان يمثل مبادىء الحزب الشيوعي الحاكم ( لون أحمر مع المنجل والمطرقة ) ولم يكن يمثل روسيا كأمة وجغرافيا ، فعندما سقط نظام الحكم الشيوعي في الاتحاد السوفياتي في بدايات تسعينيات القرن الماضي سرعان ما تحولت هذه الدولة العظمى الأولى عالمياً إلى دولة عاجزة متواضعة متفككة عادية لا تقارن بالدول المتقدمة لأنها عادت إلى مربع البداية قريبة من الصفر ، ثم أخذت تعيد عافيتها تدريجياً لكنها لم تصل إلى ما كانت عليه من مكانة عالمية ، هذا بالنسبة لدولة عظمى فما بالك إذا كانت هذه الدولة هي من دول العالم الثالث ؟ .
السؤال الذي يخطر ببال كل منا هو لماذا تسعى الدول العقائدية الشمولية وضع رمزها العقائدي على رسم وتصميم العلم ؟ هناك سببان لهذا السلوك ، الأول هو إعطاء القدسية للعقيدة طالما أن العلم رمز مقدس للجميع فبذلك تصبح تلك العقيدة مقدسة لإنها أصبحت جزء من العلم فيتم فرضها على جميع أصناف ومكونات المجتمع بلا إستثناء والسبب الثاني هو التعريف بتلك العقيدة ونشرها عالمياً لأن هذا العلم سيتم رفعه في معظم دول العالم وفي أغلب المناسبات الدولية فيصبح العلم وسيلة دعائية لذلك المعتقد وليس لحضارة ومكانة وتركيبة ذلك البلد . وأخيراً فأن فكرة إدخال مفاهيم المعتقد في رسم وتصميم العلم هي فكرة لا تنم عن وعي ولا تنم عن حكمة بل توحي إلى تخلف النظام الحاكم وعنصريته في عدم احترام مكونات المجتمع ( الوطن للجميع ) وقد تكون مثل هذه السلوكيات للأنظمة العقائدية سبباً لضعف الولاء للوطن عند طبقات واسعة من المجتمع ولنسترجع الذاكرة لبعض البلدان العقائدية وماذا أحل بها عند سقوط أنظمتها وكيف تدمرت تلك البلدان وتمزقت كياناتها عندها سندرك حجم الخطأ الذي كانت ترتكبها الحكومات العقائدية .