اسم الكاتب : سرور ميرزا
مع تقلبات حياة العراقيين ومحاولة تمزق الارض العراقية بعد الاحتلال وتدخل القوى الاقليمية، الذي ينزع العراق من سياقه الأوسع، ويقطع صلته بتاريخه وتراثه ومصالحه، بات موضوع هوية العراق: من ابرز الموضوعات المثيرة على الساحة الوطنية والسياسية والاجتماعية، فنحن امام تحول عميق في الهوية العراقية المرتبطة بالمكان السكاني المتنوع بحضاراته ودياناته وقومياته،وهذا يستلزم علينا كعراقيين الكشف عن الهوية القومية الحقيقية وإبرازها للجيل الحالي، والأجيال القادمة المتكونة من أطفال اليوم، لأن الوطن الذي يتمسك بقوميته ويحافظ على هويته وخاصة بثقافته الحضارية المبنية على العادات المتوارثة والتقاليد الأصيلة مع تبني الموضوعية بعيدا عن التطرف والجمود، والإقرار عن الحقيقة الإنسانية المعاصرة لهذا الوطن، وهو ما دعانا ان نتناول هذا الموضوع الحيوي.
الانتماء غريزة فطرية، الى الأرض التي يعيش عليها، والبيئة التي خرج منها، وهي جزء من الهوية، فالانتماء للأسرة وللعمل والبيئة المحيطة، وكل ما هو في دائرته الصغرى، كلها أساس لانتمائه الأكبر نحو الوطن، والانتماء يستحيل أن يكون بقرار أو بتوجيه، سواء من المواطن ذاته أو من المجتمع، اذا الانتماء مرتبط بعوامل ثقافية – دينية والى عوامل تأريخية لارض الاجداد.
تبقى الهوية الوطنية نتاج للوحدة المتكاملة في كتلة واحدة، يعيش أفرادها تحت كنف الأمة المستقلة التي تعني في فحواها ضمان التضامن وتوطيد لأواصر الأخوة وترابط الشعب في علاقة بدون مقابل نفعي يعود على أي طرف، أو صلات إجتماعية لا تحكمها المادة ولا تكون المصلحة الذاتية غاية لها، بقدر ما يكون الإنتماء الحضاري والتاريخي والثقافي هو الذي يتحكم في التعامل المتبادل والإتصال المزدوج بين أفراد الأمة الواحدة، الذين يربطهم المصير المشترك ويجعلهم يحتكمون لضمير إجتماعي واحد.
ظهرت هوية بلاد مابين النهرين منذ فجر التأريخ بصماتها على الشخصية التى أخذت مكوناتها الأساسية من تاريخها،وعلى أرضها تشكّلت حضارة عريقة، نجحت وتمكنت من استيعاب كل من سكن فيها ومن قدم من خارجها، و ما وفد إليها من ثقافات وحضارات وتفاعلت معها أصبحت أجزاء ممتزجة أو متفاعلة مع هويتها الأم لكنها لا تمنحها هوية بمفردها، وعلى ارضها التي اقيمت على ضفاف دجلة والفرات والمناطق المحيطة بها عرفت التوحيد قبل ظهور الديانات، و على أرضها طبق الحكام السومريين والاشوريين بالقوة احيانا بالتوحيد، وكانت ملاذاً آمناً، فعلى أرضها نشأ وترعرع بعض من الانبياء ومنهم نبى الله ابراهيم،
ووسط أهلها عاش اليهود، ووجد على أرضها الأمن والأمان،
وفيها انشأت الصابئية وانتشرت المسيحية، ومن ثم جاء الاسلام ودخل غالبية اهلها الى الاسلام، فمن العراق انتشر الاسلام الى بلاد فارس واسيا وصولا الى الصين، اصبح العراق مقر الخلافة العباسية التي كانت تعتبر اوج الحضارة الاسلامية والثقافية، تلك الثقافة التي استوعبت كل الأمم والشعوب؛ التي انضوت تحت لواء الأمة العربية الإسلامية، ووسعت كل الثقافات التي تعايشت معها، فصارت بذلك ثقافة العرب المسلمين، وثقافة المسيحيين واليهود، وثقافة كل الأديان، وطوائف الملل والنحل التي اندمجت في الكيان الإسلامي،
وعاشت في ظل الدولة الإسلامية عبر الأزمنة والعصور، ومن أهم الخصائص التي تميزت بها الثقافة العربية أنها امتزجت بالثقافات الأخرى التي كانت سائدة في عهود الإسلام الأولى، وتفتحت لعطاء الأجناس والأقوام، وأهل الديانات والعقائد التي تعايشت مع المجتمع الإسلامي، فصارت بذلك الثقافة غنية المحتوى، متعددة الروافد، متنوعة المصادر، ولكنها ذات روح واحدة، وهوية متميزة متفردة،
وارتفع عدد سكان العراق الى 20 مليون نسمة، وجعل بغداد مركزاً لامبراطورية غنية مترامية الاطراف، واشتهر بتطوره وتنوعه، و بات قِبلَة لكل من لم يشعر بالأمان بين أهله ووالجهة التي جاء منها، تركت الهوية العراقية بصماتها الواضحة على طبيعة الشخصية العراقية، فأصبح المواطن العراقي متديناً، يهودياً، صابئياَ مسيحياً أو مسلماً، يقدر فى غالبيته الساحقة الأديان، يحترم المقدّسات، يضفى بصماته الخاصة على المناسبات الدينية فتصبح هذه المناسبات، لا يقبل فى غالبيته الساحقة إساءة إلى دين، أو مساساً بمقدس، هذه الطبيعة للهوية العراقية هى التى حفظت ان يكون العراق صامداً فى وجه أنواء وعواصف وتدخلات من كان يطمع فيه، وفي عام 1257 دخل المغول بغداد واصبح الرمز المضيء للدولة العباسية مجرد انقاض بعد ان كان مركزا لدولة عريقة ومترامية الاطراف، ودخل في عصر مظلم واصبح معزولا ومهزوما طمعت وتنافست عليه القوى الخارجية، وفي اواخر الحقبة العثمانية، فى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، جاءت البعثات لبعض من شرائح المجتمع العراقي بثقافات جديدة، ومع ازداد وعيه من ازدياد نسبة التعليم وانتشار الصحف، بدأ البحث عن الانتماء الوطني العراقي والعربي وتحديدا في منتصف القرن التاسع عشر مع ظهور الجمعيات ذات الطابع السياسي والقومي، عندها بدأ التلميح عن هوية عراقية، محافضة ثقافياً لناحية التزامها بالقيم الثقافية العربية المسلمة، دون اعتداء على الهويات الثقافية الاخرى، منفتحة حضارياً، فالنهضة الثقافية التي عرفها العالم العربي في حينها انطلقت من بلاد الشام ووصلت الى مصر والعراق.
وفي مرحلة القرن العشرين انتهت الإمبراطورية العثمانية بنهاية الحرب العالمية الأولى،
وتقاسم البريطانيون والفرنسيون المنطقة العربية استناداً لاتفاقية “سايكس – بيكو”، الذي قسم المنطقة العربية إلى دويلات، مما ادى ادى الى عدم انشاء كيانٍ سياسي عربي واحد، وصنع ثقافاتٍ فئوية خاصَّة في البلدان التي سيطرت عليها، والمحافظة على الواقع العربي المجزَّأ، فالهدف الأول من تلك التجزئة كان إحلال هويات محلّية بديلا عن الهوية العربية المشتركة التي هي حصيلة التقارب بين الهوية الوطنية والدين المنفتح والثقافة العربية، وإضعافاً لكلّ جزء بانقسامه عن الجزء العربي الآخر.
عند النظر الى بداية الاحتلال البريطاني للعراق، فان القضايا المتعلقة بالهوية الطائفية والعرقية والأثنية لم تكن بالظاهرة الجديدة فقد تمرد الاكراد عام 1919 وكان تأثير رجال الدين واضح في ثورة العشرين، وتمرد الاشوريين بعدها في بداية الثلاثينات، ومن ثم فإن أي محاولة لتفكيك هويتها أو اختزالها في صنف أو لون واحد كان محكوم عليها بالفشل، فالموروث الشعبي يتمدد فيه كل هذا الزمن لتبقى قيم ومعان وألفاظ وطقوس مستمرة لا تهتز ولا تذهب، ولهذا لم تتأثر اطر ترابط النسيج الاجتماي،
تشكلت دولة العراق الملكية عام1921، وجدت الشارع العراقي فى معظمه يغط فى الجهل والأمية، والقلة منهم عندهم تعليم تقليدى، سعت الدولة في مراحلها الاولى الى خلق هوية جامعة للمجتمع العراقي، بدأت الشرائح بعد تشكيل دولة العراق الملكية تبحث عن ذاتها المتأثرة بتراثها التأريخي، كبداية مرحلة سياسية على ضفاف نهري دجلة والفرات والمناطق المحيطة بها من وديان وهضاب وجبال وصحارى وهي تمتلك اقدم تراث موجود حيث تمتلك مدنه ومناطقه الريفية على السواء باثار العديد من من الحضارات القديمة، ومقر الخلافة العباسية التي كانت تعتبر اوج الحضارة الاسلامية المتطوررة والمتنوعة، فالعراق شعب وتأريخ وسياسة، فقد تولت الدولة الجديدة مهمة تطوير العلاقات بين الجماعات المختلفة، واصبحت المجموعات تعيش ازمة هوية بسبب المخلفات من التغريب الثقافي والاجتماعي من جهة، وبينها والدولة من جهة اخرى، اقدمت الدولة الملكية بانشاء الجيش وسمحت فيه لكل شرائح المجتمع العراقي بالانظمام له رافعة شعار الوطنية في تكوينه، لم تغب حقيقة التنوع الذي يتسم به المجتمع العراقي عن الملك فيصل الاول الذي قدم قبل وفاته بفترة وجيزة تحليلا متشائما ودقيقا للمشكلة التي تواجه العراق، فقد اعرب عن استيائه من انه “في العراق… لا يزال لا يوجد شعب عراقي ، وانما كتل لا يمكن تخيلها من البشر الخالين من اي هدف وطني.. والذين لا يربطهم رابط مشترك، ويستجيبون الى نداءات الشر، ويميلون الى الفوضى، ويظلون مستعدين باستمرار الى الثورة ضد اي حكومة، مهما كان لونها”، وفي تلك الفترة وما تلاها برز تيار فكري على الساحة الوطنية يسعى الى تشكيل هوية عراقية شارك فيها بعض من الشخصيات العسكرية، تحت لواء الثقافة والأنتماء العربي، و تيارالإخوان المسلمين، وبدأت الهوية الإسلامية تطل من جديد وتظهر فى شعب الإخوان، وظهور الهوية الكردية،اوبدأت المؤسسات ذات الطابع الغربي تأخذ دورها في العمل لبناء الدولة المدنية والعصرية، مضطرة الى الخضوع لاشكال مختلفة من الحكم السلطوي احياناً، وهكذا كانت بداية الاحزاب التى كانت قيادته من العلمانيين، وخلال فترات فى أوائل القرن العشرين تكون حزب الأستقلال،
وهو أول حزب ينادى بالهوية الوطنية، وحقق وهو الحكم الملكي، موافقة الأمة بمسلميها ومسيحييها على إلقاء الهوية الدينية جانبًا، والتمسك بالهوية العراقية التى تحققت لأول مرة فى العراق بعد قرون طويلة، وبدأ الشعب يتمتع بحرية لم يعهدها من قبل، على الرغم من الاختلافات التأريخية ضمن المجتمع العراقي لم تؤثر الطائفية والهويات دون الوطنية في العلاقات المجتمعية، مما شكل وقعًا كبيرًا على نفوس العراقيين الذين شعروا بالفخر أولا لكونهم أصبحوا أمة مستقلة نوعا ما، وثانياً لإدراكهم بامتلاك حضارة كبيرة قادرة على خلق كل هذا الجمال والألق، وهو ما جعل الكثير يتجه صوب اختيار الهوية الوطنية،وتميّزت الحقبة الزمنية اللاحقة، أي النصف الثاني من القرن العشرين، بطروحات فكرية وبحركات سياسية يغذّي بعضها المفاهيم عن الوطنية والعروبة والدين، أو لا تجد في فكرها الآحادي الجانب أيَّ متّسعٍ للهويّات الأخرى التي تقوم عليها الأمَّة.
بعد عام 1968 تولى نظام البعث الحكم التى كانت قيادته من العلمانيين، والأفكار التى ينادى بها كانت أفكارًا منجذبة لهوية القومية العربية والاشتراكية التي أصبحت الأيديولوجيا الرسمية للدولة، وشكل اطاراً وطنياً من انشاء رابط بين المواطن والحكومة وذلك عبر نظام مؤسساتي وسياسي يضمن مستويات عديدة من اجل تسهيل التفاعلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية مستعيناً بالهويات والمؤسسات المحلية لتعزيز تطوره وتطور اطار عمل لنسيج عراقي واحد من خلال الاعتراف بالحكم الذاتي للاكراد في المناطق التي يسكونها، وسعى الى نشوء مجتمع مدني اكثر نشاطاً في تحقيق توهين الهويات الطائفية وتشجيع تطوير قطاع الاعمال التعاوني والخاص، واستمر انبعاث الهوية القومية العراقية والتي يغلب عليها الطابع القومي العربي بالرغم من عدم اكتمال الهوية الجامعة.
من المعلوم بان ساسة ايران منذ مجيء الخميني الى الحكم في ايران اتخذوا من الطائفية والتوسعية كانت تغشيان سياساتها الخارجية،ادرك العراقيون بمن فيهم البسطاء من الشيعة ان ايران لايهمها العراق ولا الشيعة ، وان من يحكم ايران ليسوا رجال دين حقيقيين بل هم ايرانيون توسعيون ومتعصيون قوميا، وبقى العراقيون متمسكون بوحدة العراق على رغم اختلافاتهم الدينية والقومية والثقافية، وظلت الثقافة العراقية هي الاقوى من الثقافات الفرعية الاخرى بل ازدادت رسوخا كلما تعرض العراق الى الى خطر اوتهديد، هذا ولا انكار وجود المشكلة الكردية التي ما كانت تتفاقم لو كان الاكراد قد حصلوا على حقوقهم القومية وكل ذلك كان بسبب التدخلات الأجنبية والاقليمية.
قامت الولايات المتحدة الامريكية عام 2003 بغزو دولة مركزية من النظام العربي هو العراق واحتلاله، وعانت مدن العراق خلال الغزو من ضرر كبير أصاب البنى التحتية والاقتصاد، فضلا عن عمليات النهب والسرقة التي حصلت بسبب انعدام الأمن، علاوة على ما نشر حول سماح القوات الأمريكية بسرقة الوزارات والمنشآت الحكومية وعدم منع سرقة وتخريب الممتلكات وخاصة المتحف العراقي التاريخي الذي نهبت مقتنياته الشاهدة على حضارة العراق التي تعود الى ما قبل التاريخ، فتبخرت العلمانية والمواطنية الجامعة وظهور سريع للهويات الطائفية وترسيخها، مما ادى الى تهديم الدولة من الداخل وتغييرها وتفكيك هياكلها بغية عودة المجتمع العراقي الى مكوناته الاولية الدينية والمذهبية والعرقية والتي سرعان ما لجأت الى هوياتها الفرعية السابقة لنشوء الدولة الوطنية، كالقبلية والجهوية والمذهبية واصبحت تتحكم بالخيارات السياسية لمختلف الاطراف، وافرز الاحتلال عن انهيار الدولة، ووضعت المجتمع العراقي امام تحديات صعبة، مما ساعد بدفع ابناء المجتمع للابتعاد عن فكرة الوفاق الوطني والتجاه نحو ثقافة الانتقام والقتل، وغاب المشروع الوطني وتشكل نظام المحاصصة الطائفية والعرقية والقومية، مما ساهم في تصدّع الهوية الوطنية الجامعة وسيادة الهويات الطائفية عليها، سنحت فرصة ايران للسيطرة على العراق بعد الغزو الامريكي الذي تعاون معها قبل الغزو وجرى تسليمها مفاتيح الحكم وتولي شؤون الامن والاقتصاد والتجارة، فتغلغلت في كل مفاصل الدولة العراقية عبر الجماعات السياسية الطائفية، وانشأت العشرات من المليشيات، وزرعوا ثقافة الموت والعنصرية والطائفية والكراهية بغية تفتيت العراق وابقائه ضعيفا، وفى النهاية تمزق العراق بين هوية طائفية إسلامية وقومية وعربية، لكن العراقيين لم يستكينوا لما يحصل لبلدهم، “ونهضوا من صميم اليأس جيل جبار عنيد” كما قاله الجواهري في احدى اشعاره، فهبوا في الاول من نشرين الاول لاستعادة العراق ورفعوا شعارا بليغا هو “نريد وطن”، عبر ميادين المحافظات الجنوبية وبغداد، وسط اعجاب الكثيرون لتجعل العراقيون في لحظة تاريخية، يتسامون فوق الاحتقان الطائفي والطبقي والسياسي التي عانوا منها عقودا، فالاحتجاجات نجحت في اذكاء جذوة الهوية الوطنية العراقية ورفع الوعي الوطني العراقي الى درجات عليا، وهذا الوعي سوف يساهم في تعزيز قوة العراق واستقلاله وتماسك شعبه، فالمعركة طويلة وامامها الكثير لكي تصل للدولة المستقلة وذاتيته الحرة.
اننا في العراق تبقى الهوية الوطنية نتاج لعراق واحد، تعبّر عن مجموعة بشرية بينها مشتركات وروابط، لتخلق نوعًا من الحميمية بين الدولة وسكانها، يعيش أفرادها تحت كنف الأمة المستقلة القوية بالأساليب السلطوية التي تعني في فحواها ضمان التضامن وتوطيد لأواصر الأخوة وترابط الشعب اجتماعياً وجغرافياً وعرقياً، فلا يمكن ان نفرز الهوية الوطنية من عادات واعراف الشعب المكتسبة، كما لا يمكن ان نبعدها عن التعاليم السماوية والعروبة والعربية، وعندئذ تنشأ هوية انتماء إلى الدولة وكيانها السياسي والجغرافي، فالعراقيون لم يعط لهم الحرّية والحقّ بتشكيل وعيهم الذاتي بأنفسهم، بل فُرضت عليهم هويّة مسبقة الصنع جمعيّة وشموليّة قرّرها لهم أصحاب السلطة وكانت هي الاصوب لتفادي تقسيمه او تمزيقه.
وطالما ان ثورة تشرين قد حركت ثورة نفسية في العقل والمثل والجينات الموروثة وايديولوجية الحياة، قبل أى تغيير حقيقى فى حياتها وكيانها ومصيره، ثورة في الشخصية، ذلك كان شرطاً لتغيير شخصية وكيان ومستقبل العراق، فان ما يحتاجه العراق، هوية عراقية واحدة تجمع كل أبناء الوطن بانتمائه العربي، بغض النظر عن الدين واللون والعرق، وهذا لا يحصل الا برجل قوي وسلطة تسيطر في جميع ارجاء الوطن ومختلف اوجه الحياة فيها، مستعينين بأمثلة من التاريخين القديم والحديث ، بما تشمله من قادة سلطويين كحمورابي في العهد البابلي والمهارات العسكرية التي تمتع بها الاشوريون والحكم العباسي في بداياته، لأن الوطن الذي يتمسك بقوميته ويحافظ على هويته وخاصة بثقافته الحضارية المبنية على العادات المتوارثة والتقاليد الأصيلة مع تبني العصرنة والتجديد بعيدا عن الإنطواء والرجعية، قد تكون هذه خطوة على طريق بناء الوطن بعيدًا عن الصراعات المذهبية والقومية والأفكار التى دفنت منذ زمن بعيد فى العالم المتقدم، و يعتبر بمثابة الإقرار الصادق عن الحقيقة الإنسانية المعاصرة لهذا الوطن، وأننا كنا نتقدم حين نكون صفًا واحدًا تحت علم الوطن العراقي بهوية عراقية، انهض ايها العراقي فالعراق يناديك ويتطلع الى الامام، ومن الله التوفيق.