نوفمبر 22, 2024
563ac51bcb568

اسم الكاتب : ريشارد بونين /  ترجمة صالح الرزوق

الولادة والنشأة

ولد أحمد الجلبي في بغداد عام 1944 وكان الابن الأخير بين تسعة أولاد لعائلة معروفة تعود بنسبها للعثمانيين. ومن المعروف أن أسلافه في القرن السابع عشر أحرزوا تميزا اقتصاديا واجتماعيا، وامتلكوا مساحات واسعة من الأرض وشغلوا مناصب إدارية مهمة في الإمبراطورية. ولقب الجلبي هو لقب تشريفات خلعه السلطان عليهم، ولا يحمله إلا أبناء السلطان والمقربون فقط.

وتحولت العائلة إلى المذهب الشيعي في القرن الثامن عشر، حينما تحول عدد كبير من السنة واختاروا التشيع من أجل الحصول على منفذ لمصادر المياه التي تحكم بها الإكليروس الشيعي. ولكن هذا لم ينفع في إلغاء الكراهية أو عدم الثقة المتفشية بين السنة والشيعة الفرس..

ومع أن آل الجلبي لم يعد لديهم دور في الحكم، لكنهم استمروا بالثراء والازدهار. واستطاع جد الجلبي وهو عبد الحسين في أعقاب خسارة ثورة 1920 أن يلعب دورا معتدلا ويشارك بالحكومة ويكون مقبولا عند الشيعة. وشغل منصب وزير المعارف منذ 1922 وحتى وفاته عام 1939. أما ابنه وهو خال أحمد فقد كان مدير البنك الحكومي، أول مصرف يظهر في العراق.

وبالنسبة لوالده عبد الهادي فقد نجح في الشؤون المالية ومهد لعلاقة متينة مع ولي العهد الأمير عبدالله. وشاركه اللهو وسباق الخيول والمقامرة. وقدم للأمير قرضا عام 1938 ولم يسدد الأمير ديونه على الإطلاق. وبعد وفاة الملك واعتلاء الأمير العرش لمدة 14 عاما لم ينس عبدالهادي، وعينه وزيرا للأشغال العامة ثم رئيسا لمجلس الشيوخ.

وأصبحت بيده تجارة 90 بالمائة من غلال الحبوب والقطن. ثم اشترى 160 ألف فدان من أراضي بغداد القديمة. وامتلك مطحنة دقيق وأكبر نصيب من شركة الإسمنت وأاصبح عام 1936 أول رئيس لسوق البورصة في العراق. وفي عام 1958 عندما سقطت الملكية كان عبدالهادي أغنى رجل في العراق ويمتلك 9 مليون دينار عراقي (يعادل 36 مليون دولار أمريكي). حينها كان العامل العراقي الشيعي يربح في الأسبوع 1-2 دينار، مقابل 500 دينار في العائلات الميسورة..

الولادة والنشأة

ولد أحمد الجلبي في بغداد عام 1944 وكان الابن الأخير بين تسعة أولاد لعائلة معروفة تعود بنسبها للعثمانيين. ومن المعروف أن أسلافه في القرن السابع عشر أحرزوا تميزا اقتصاديا واجتماعيا، وامتلكوا مساحات واسعة من الأرض وشغلوا مناصب إدارية مهمة في الإمبراطورية. ولقب الجلبي هو لقب تشريفات خلعه السلطان عليهم، ولا يحمله إلا أبناء السلطان والمقربون فقط.

وتحولت العائلة إلى المذهب الشيعي في القرن الثامن عشر، حينما تحول عدد كبير من السنة واختاروا التشيع من أجل الحصول على منفذ لمصادر المياه التي تحكم بها الإكليروس الشيعي. ولكن هذا لم ينفع في إلغاء الكراهية أو عدم الثقة المتفشية بين السنة والشيعة الفرس..

ومع أن آل الجلبي لم يعد لديهم دور في الحكم، لكنهم استمروا بالثراء والازدهار. واستطاع جد الجلبي وهو عبد الحسين في أعقاب خسارة ثورة 1920 أن يلعب دورا معتدلا ويشارك بالحكومة ويكون مقبولا عند الشيعة. وشغل منصب وزير المعارف منذ 1922 وحتى وفاته عام 1939. أما ابنه وهو خال أحمد فقد كان مدير البنك الحكومي، أول مصرف يظهر في العراق.

وبالنسبة لوالده عبد الهادي فقد نجح في الشؤون المالية ومهد لعلاقة متينة مع ولي العهد الأمير عبدالله. وشاركه اللهو وسباق الخيول والمقامرة. وقدم للأمير قرضا عام 1938 ولم يسدد الأمير ديونه على الإطلاق. وبعد وفاة الملك واعتلاء الأمير العرش لمدة 14 عاما لم ينس عبدالهادي، وعينه وزيرا للأشغال العامة ثم رئيسا لمجلس الشيوخ.

وأصبحت بيده تجارة 90 بالمائة من غلال الحبوب والقطن. ثم اشترى 160 ألف فدان من أراضي بغداد القديمة. وامتلك مطحنة دقيق وأكبر نصيب من شركة الإسمنت وأاصبح عام 1936 أول رئيس لسوق البورصة في العراق. وفي عام 1958 عندما سقطت الملكية كان عبدالهادي أغنى رجل في العراق ويمتلك 9 مليون دينار عراقي (يعادل 36 مليون دولار أمريكي). حينها كان العامل العراقي الشيعي يربح في الأسبوع 1-2 دينار، مقابل 500 دينار في العائلات الميسورة..

وفي عام 1950 بلغ عمر أحمد الجلبي 6 سنوات، وكان يعيش مع أهله في ضاحية على حدود بغداد وضفاف دجلة هي الأعظمية. وهي منطقة للسنة غالبا. وفيها استقر معظم السياسيين العراقيين. وأمضى أحمد صباه برعاية خادمة إفريقية تدعى سعيدة كانت تعيش في قبو الفيلا. أما أمه بيبي حسن البصام فقد كانت شيعية متدينة لا تشرب الكحول وتصلي وتصوم شهر رمضان. وبعد انقلاب تموز في كانون الثاني 1959 سافر أحمد الجلبي إلى لندن لينضم إلى والده الذي سبقه إلى هناك. وسريعا تبعته الوالدة وبقية أفراد العائلة.

في المنفى

كان عمر أحمد الجلبي 14 عاما حينما وصل لندن. ونجح والده بتهريب بعض أمواله من العراق. ولذلك حافظت العائلة على رفاهيتها. ولكن فقدوا ما يعادل بقدرته الشرائية اليوم المليار. ولم يعد لدى عبدالهادي في لندن غير شقة بالإيجار تتألف من غرفتي نوم وعدد محدود من الصور الفوتوغرافية على الجدران.

انتسب الشاب أحمد لمدرسة ويست ساسيكس وانفصل عن والديه بما يعادل 60 ميلا نحو الجنوب. وبذل جهده ليتلافى الفراغ الذي يباعد بينه وبين الطلبة الآخرين. وفي المدرسة حسب القانون كان المسموح للطالب 5 شلنات في الأسبوع، أو ما يعادل 40 سنتا. وهذا لم يكن يكفيه لثمن السجائر. ولذلك كان يتلقى من أهله معونة تقدر بـ 2 جنيه كل أسبوع. مع دفعة بلغت 20 جنيها بشيك واحد للطوارئ. وأودعوا في مكتب البريد بحسابه 100 جنيه أخرى. وفي العام اللاحق انتقلت العائلة إلى بيروت لكن استمر أحمد في إنكلترا. وعاد عبدالهادي للتجارة والعمل المصرفي واستعاد أمواله من العراق بالتدريج. وكان وقت العطلة من أفضل أوقات أحمد في بيروت بسبب الرفاهية وتحسن الأوضاع المالية. وخصص بقية الوقت للقراءة. وبدأ مع (الجريمة والعقاب) لديستويفسكي. وقرأها خلال تقنين الكهرباء في المدينة الجامعية. ثم اطلع على (المسكون) لديستويفسكي أيضا. وبعد تعلقه بالثقافة الروسية واشتهار رحلة سبوتنيك انتقل لقراءة نيوتون وكبلير والجاذبية الأرضية والنسبية والسرعة. ثم درس التاريخ الإنكليزي وتابع سيرة عائلة تيودور وهنري السابع. وانتهت دراسته الثانوية عام 1961. وسافر إلى الولايات المتحدة. وأدرج اسمه في كلية الرياضيات. ولكنه تابع مع النظرية الماركسية والتي تحولت لقوة مؤثرة في العراق. وخلال أيام الجامعة تعلق بأخبار العراق وانتهى لنتيجة جازمة: ما يقبله تشرشل يجب أن يقبله هو.

وفي عام 1965 أنهى دراسته وحج إلى مكة. وهناك قابل الملك السعودي فيصل ومفتي القدس وزعماء المقاومة المغاربية وآية الله محمد باقر الحكيم . ثم عاد إلى شيكاغو ليحضّر للدكتوراة. وكانت أطروحته بعنوان “حول معامل جاكوبسون في المجموعات الجبرية”. وهناك ارتبط بصديقة اشترى من أجلها سيارة فورد 1966 ماركة ثاندير بيرد.

ثم سافر إلى إيران والتقى بمجموعات كردية انفصالية وبمضيفهم وهو السافاك (المخابرات الإيرانية). واجتازوا الجبال بالسر والتقوا بمصطفى البرزاني. واتفق الجلبي معه على محاربة البعثيين. ثم اشترك بعدة اجتماعات سرية في طهران حضرها رئيس السافاك نعمة الله نصيري، وتعاهدوا على قلب نظام الحكم في بغداد. وفي عام 1962 تزوج من ليلى عسيران، وهي ابنة عادل عسيران، وهو شخصية شيعية هامة من الجنوب، شاركت في بناء لبنان الحديث. وبارك الزفاف موسى الصدر شخصيا. ومن هذا المنعطف الهام: عسيران والصدر ولبنان بدأ أحمد الجلبي رهانه على المستقبل. ودخل إلى عالم السياسة من باب توماس ج. كارولان سفير أمريكا في بيروت. ولعب دور الوسيط بينه وبين زعيم الكرد البرزاني. وأبدى شكوكه من نوايا وإخلاص شاه إيران. ولكن السي آي إي نصحته أن يهتم بشؤونه. ولم يؤثر ذلك فيه. وتابع تمتين الصداقة بـ “كارولان” وبتقريبه من الأكراد.

ولكن السي آي إي أحبطت المساعي التي تبلور خلالها انقلاب عام 1979. فقد كان المفروض أن يساند فيه الشيعة الكرد للانتهاء من صدام حسين والبعث. غير أن السي آي إي اعترضت مساعدة مالية بلغت 16 مليون دولار. وكانت هذه أول تجربة قاسية تخذل فيها إيران وأمريكا رغبة الكرد بالتحرر. وألحت المخابرات الأمريكية على عدم تحويل العمل التبشيري والمدني إلى انقلاب مدبر.

في الأردن

في عام 1978 وصل أحمد الجلبي إلى الأردن. وبدأت زيارته وانتهت برعاية من صديقة الطفولة تمارا داغستاني. فهي ابنة ضابط سني عالي المكانة، وكان معارضا لانقلاب تموز 1958. وبعد الثورة مثل آل الجلبي فرت عائلتها إلى لندن. وكانت تمارا تعيش في كنف وبلاط فيصل الثاني، مما يدل على مكانتها لدى المؤسسة الملكية في العراق. وفي الأردن كانت عائلة الداغستاني مقربة من الملك الهاشمي الحسين بنت طلال. وقد اقترن شقيق تمارا مع شقيقة الملك حسين، وهكذا ازدادت العلاقة متانة. وفي عام 1977 بلغت تمارا 30 عاما وزارت لندن، وأقامت حفلة تذكارية حضرها أحمد ورشدي وجواد الجلبي. وقد قاطع الحفلة حضور الأمير الحسن بن طلال شقيق ملك الأردن. واستفاد جواد من الفرصة وعرض عليه إقامة نشاط مصرفي في الأردن. وحصل على الموافقة لطلب رخصة من عمان. ولكن طلبه رفض ثلاث مرات. وتدخلت تمارا بهاتف للأمير حسن الذي أوعز لمصرف الأردن المركزي بالموافقة. وتم كل شيء بغضون دقائق، وبإثر مكالمة من البلاط لمدير المصرف الأردني المركزي الدكتور محمود سعيد النابلسي. وبدأ جواد الجلبي نشاطه من 9 ملايين دولار. وقرر توكيل أحمد بإدارة المصرف. وعلى هذا الأساس غادر الدكتور أحمد الجلبي بيروت إلى عمان ليباشر أعماله في عام 1978. وكان عمره 33 عاما. وأطلق على مصرفه اسم البتراء، تيمنا بالموقع التاريخي الشهير. وتمدد نشاط المصرف ليستثمر في مشاريع هامة مثل: سوبر ماركت “سيف واي”، ومستشفى محلي اشتراه لاحقا الجيش الأردني، وشركات بناء. وتحول مصرف البتراء إلى ثاني مصرف في المملكة. وبين 1978 – 1982 تضاعف رصيده عشر مرات من 40 مليون إلى 400 مليون دولار. وفي السنوات الخمسة التالية تضاعف إلى 900 مليون دولار. ومع اندلاع الحرب بين العراق وإيران وتقارب صدام مع الأردن ضد إيران لم يكن أمام نشاط الجلبي إلا التراجع والخمود. فقد انحدرت الأرباح بسرعة مثلما صعدت بسرعة لأسباب سياسية مفهومة.

يتبع….

كان عمر أحمد الجلبي 14 عاما حينما وصل لندن. ونجح والده بتهريب بعض أمواله من العراق. ولذلك حافظت العائلة على رفاهيتها. ولكن فقدوا ما يعادل بقدرته الشرائية اليوم المليار. ولم يعد لدى عبدالهادي في لندن غير شقة بالإيجار تتألف من غرفتي نوم وعدد محدود من الصور الفوتوغرافية على الجدران.

انتسب الشاب أحمد لمدرسة ويست ساسيكس وانفصل عن والديه بما يعادل 60 ميلا نحو الجنوب. وبذل جهده ليتلافى الفراغ الذي يباعد بينه وبين الطلبة الآخرين. وفي المدرسة حسب القانون كان المسموح للطالب 5 شلنات في الأسبوع، أو ما يعادل 40 سنتا. وهذا لم يكن يكفيه لثمن السجائر. ولذلك كان يتلقى من أهله معونة تقدر بـ 2 جنيه كل أسبوع. مع دفعة بلغت 20 جنيها بشيك واحد للطوارئ. وأودعوا في مكتب البريد بحسابه 100 جنيه أخرى. وفي العام اللاحق انتقلت العائلة إلى بيروت لكن استمر أحمد في إنكلترا. وعاد عبدالهادي للتجارة والعمل المصرفي واستعاد أمواله من العراق بالتدريج. وكان وقت العطلة من أفضل أوقات أحمد في بيروت بسبب الرفاهية وتحسن الأوضاع المالية. وخصص بقية الوقت للقراءة. وبدأ مع (الجريمة والعقاب) لديستويفسكي. وقرأها خلال تقنين الكهرباء في المدينة الجامعية. ثم اطلع على (المسكون) لديستويفسكي أيضا. وبعد تعلقه بالثقافة الروسية واشتهار رحلة سبوتنيك انتقل لقراءة نيوتون وكبلير والجاذبية الأرضية والنسبية والسرعة. ثم درس التاريخ الإنكليزي وتابع سيرة عائلة تيودور وهنري السابع. وانتهت دراسته الثانوية عام 1961. وسافر إلى الولايات المتحدة. وأدرج اسمه في كلية الرياضيات. ولكنه تابع مع النظرية الماركسية والتي تحولت لقوة مؤثرة في العراق. وخلال أيام الجامعة تعلق بأخبار العراق وانتهى لنتيجة جازمة: ما يقبله تشرشل يجب أن يقبله هو.

وفي عام 1965 أنهى دراسته وحج إلى مكة. وهناك قابل الملك السعودي فيصل ومفتي القدس وزعماء المقاومة المغاربية وآية الله محمد باقر الحكيم . ثم عاد إلى شيكاغو ليحضّر للدكتوراة. وكانت أطروحته بعنوان “حول معامل جاكوبسون في المجموعات الجبرية”. وهناك ارتبط بصديقة اشترى من أجلها سيارة فورد 1966 ماركة ثاندير بيرد.

ثم سافر إلى إيران والتقى بمجموعات كردية انفصالية وبمضيفهم وهو السافاك (المخابرات الإيرانية). واجتازوا الجبال بالسر والتقوا بمصطفى البرزاني. واتفق الجلبي معه على محاربة البعثيين. ثم اشترك بعدة اجتماعات سرية في طهران حضرها رئيس السافاك نعمة الله نصيري، وتعاهدوا على قلب نظام الحكم في بغداد. وفي عام 1962 تزوج من ليلى عسيران، وهي ابنة عادل عسيران، وهو شخصية شيعية هامة من الجنوب، شاركت في بناء لبنان الحديث. وبارك الزفاف موسى الصدر شخصيا. ومن هذا المنعطف الهام: عسيران والصدر ولبنان بدأ أحمد الجلبي رهانه على المستقبل. ودخل إلى عالم السياسة من باب توماس ج. كارولان سفير أمريكا في بيروت. ولعب دور الوسيط بينه وبين زعيم الكرد البرزاني. وأبدى شكوكه من نوايا وإخلاص شاه إيران. ولكن السي آي إي نصحته أن يهتم بشؤونه. ولم يؤثر ذلك فيه. وتابع تمتين الصداقة بـ “كارولان” وبتقريبه من الأكراد.

ولكن السي آي إي أحبطت المساعي التي تبلور خلالها انقلاب عام 1979. فقد كان المفروض أن يساند فيه الشيعة الكرد للانتهاء من صدام حسين والبعث. غير أن السي آي إي اعترضت مساعدة مالية بلغت 16 مليون دولار. وكانت هذه أول تجربة قاسية تخذل فيها إيران وأمريكا رغبة الكرد بالتحرر. وألحت المخابرات الأمريكية على عدم تحويل العمل التبشيري والمدني إلى انقلاب مدبر.

في الأردن

في عام 1978 وصل أحمد الجلبي إلى الأردن. وبدأت زيارته وانتهت برعاية من صديقة الطفولة تمارا داغستاني. فهي ابنة ضابط سني عالي المكانة، وكان معارضا لانقلاب تموز 1958. وبعد الثورة مثل آل الجلبي فرت عائلتها إلى لندن. وكانت تمارا تعيش في كنف وبلاط فيصل الثاني، مما يدل على مكانتها لدى المؤسسة الملكية في العراق. وفي الأردن كانت عائلة الداغستاني مقربة من الملك الهاشمي الحسين بنت طلال. وقد اقترن شقيق تمارا مع شقيقة الملك حسين، وهكذا ازدادت العلاقة متانة. وفي عام 1977 بلغت تمارا 30 عاما وزارت لندن، وأقامت حفلة تذكارية حضرها أحمد ورشدي وجواد الجلبي. وقد قاطع الحفلة حضور الأمير الحسن بن طلال شقيق ملك الأردن. واستفاد جواد من الفرصة وعرض عليه إقامة نشاط مصرفي في الأردن. وحصل على الموافقة لطلب رخصة من عمان. ولكن طلبه رفض ثلاث مرات. وتدخلت تمارا بهاتف للأمير حسن الذي أوعز لمصرف الأردن المركزي بالموافقة. وتم كل شيء بغضون دقائق، وبإثر مكالمة من البلاط لمدير المصرف الأردني المركزي الدكتور محمود سعيد النابلسي. وبدأ جواد الجلبي نشاطه من 9 ملايين دولار. وقرر توكيل أحمد بإدارة المصرف. وعلى هذا الأساس غادر الدكتور أحمد الجلبي بيروت إلى عمان ليباشر أعماله في عام 1978. وكان عمره 33 عاما. وأطلق على مصرفه اسم البتراء، تيمنا بالموقع التاريخي الشهير. وتمدد نشاط المصرف ليستثمر في مشاريع هامة مثل: سوبر ماركت “سيف واي”، ومستشفى محلي اشتراه لاحقا الجيش الأردني، وشركات بناء. وتحول مصرف البتراء إلى ثاني مصرف في المملكة. وبين 1978 – 1982 تضاعف رصيده عشر مرات من 40 مليون إلى 400 مليون دولار. وفي السنوات الخمسة التالية تضاعف إلى 900 مليون دولار. ومع اندلاع الحرب بين العراق وإيران وتقارب صدام مع الأردن ضد إيران لم يكن أمام نشاط الجلبي إلا التراجع والخمود. فقد انحدرت الأرباح بسرعة مثلما صعدت بسرعة لأسباب سياسية مفهومة.

يتبع….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *