نوفمبر 22, 2024
3906bcb97

الكاتب : فاضل حسن شريف

عن التبيان للشيخ الطوسي: قوله عز من قائل “لَو كان‌َ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللّه‌ُ لَفَسَدَتا فَسُبحان‌َ اللّه‌ِ رَب‌ِّ العَرش‌ِ عَمّا يَصِفُون‌َ” (الانبياء 22) نزه‌ ‌تعالي‌ نفسه‌ ‌عن‌ ‌ان‌ ‌يکون‌ معه‌ إله‌ يحق‌ ‌له‌ العبادة، بأن‌ ‌قال‌ “فَسُبحان‌َ اللّه‌ِ رَب‌ِّ العَرش‌ِ عَمّا يَصِفُون‌َ” (الانبياء 22) و انما أضافه‌ ‌الي‌ العرش‌، لأنه‌ أعظم‌ المخلوقات‌. و ‌من‌ قدر ‌علي‌ أعظم‌ المخلوقات‌ ‌کان‌ قادراً ‌علي‌ ‌ما دونه‌. کل‌ بناء: عرش‌، عرش‌ يعِرش‌ و يعرُش‌ عرشاً: ‌إذا‌ بني‌. و العرش‌ البيت‌، و جمعه‌ عروش‌ لارتفاع‌ أبنيته‌. و العرش‌: السرير، لارتفاعه‌ ‌علي‌ غيره‌. و عرش‌ الرجل‌: قوام‌ أمره‌ و عرش‌ البيت‌: سقفه‌، لارتفاعه‌. و التعريش‌ جعل‌ الخشب‌ تحت‌ الكرم‌ ليمتد ‌عليه‌. تقول‌: عرشته‌ تعريشاً. و عرشته‌ أعرشه‌ عرشاً. و ‌ذلك‌، لارتفاعه‌ ‌في‌ امتداده‌ ‌علي‌ الخشب‌ ‌ألذي‌ تعمده‌. و التعريش‌ رفع‌ الحمار رأسه‌ شاحيا فاه‌ ‌علي‌ عانته‌، عرش‌ بعانته‌ تعريشاً. و العريش‌ ظلة ‌من‌ شجر ‌أو‌ نحوه‌، لارتفاعه‌ ‌علي‌ ‌ما يستره‌. و عرش‌ البئر طيّها بالخشب‌ ‌بعد‌ طيها بالحجارة. و العرشان‌ ‌من‌ الفرس‌: آخر شعر العرف‌ لارتفاع‌ العرف‌ ‌علي‌ العنق‌. وثل‌ عرشه‌: ‌إذا‌ قتله‌. و أصل‌ الباب‌: الارتفاع‌. و ‌قال‌ الحسن‌: الكرسي‌ ‌هو‌ العرش‌. و ‌قيل‌: ‌هو‌ سرير دون‌ العرش‌ و ‌قد‌ روي‌ ‌ذلك‌ ‌عن‌ أبي ‌عبد‌ اللّه‌ عليه السلام. يقال‌: عروش‌ مكة ‌ أي ‌ بناؤها.

جاء في تفسير القرآن الكريم للسيد مصطفى الخميني: إن الذات غيب مطلق لا اسم له ولا رسم له، وإن الصفات ليست له إلا باعتبار ظهوره ومشيته، ولمشيته اعتباران: اعتبار وجهها إلى مقام الغيب، واعتبار وجهها إلى مقام الخلق، وتسمى بالاعتبار الأول (عرشا)، و بالاعتبار الثاني (كرسيا)، و بهذين العنوانين يسمى الحق الأول بالله و بالرفيع والعلي، وتوصف بالرفعة، وهو رفيع الدرجات ذو العرش، وباعتبار هذين العنوانين قال تعالى: “الرحمن على العرش استوى” (طه 5) وقال: “وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم” (البقرة 255). في ديباجة (الفصوص): (إن العرش مظهر الرحمن ومستواه، والكرسي مظهر الرحيم). الصحيح عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام، وقد مضى صدره، وفي ذيله: (والرحمن بجميع خلقه والرحيم بالمؤمنين خاصة) قوله تعالى: “رب العزة عما يصفون” (الصافات 180)، ومنه قوله تعالى: “رب العرش” (الأنبياء 22)، فإن العزة والعرش لا يكونان ناقصين حتى يحتاجان إلى المدبر والمخرج من القوة إلى الفعل. اللهم إلا أن يقال: بأن العزة لا اعتبار لها إلا قائمة بالعزيز، فأضيف إليها الرب لتلك الجهة، وهكذا في ناحية العرش. وفي رواية محمد بن مروان، عن جعفر بن محمد عليهما السلام، قال: (فأخبرني عن هذا الطواف كيف كان؟ ولم كان؟ قال: إن الله لما قال للملائكة: “إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها” (البقرة 30) إلى آخر الآية، كان ذلك ممن يعصي منهم، فاحتجب عنهم سبع سنين، فلاذوا بالعرش يلوذون يقولون: لبيك ذا المعارج لبيك حتى تاب عليهم).

جاء في التفسير الوسيط للدكتور محمد سيد طنطاوي: قوله تعالى “إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ما مِنْ شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (3) إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (4)” (يونس 3-4) قال الإمام الرازي ما ملخصه: (اعلم أنه تعالى لما حكى عن الكفار أنهم تعجبوا من الوحى والبعثة والرسالة ثم إنه تعالى أزال ذلك التعجب بأنه لا يبعد ألبتة في أن يبعث خالق الخلق إليهم رسولا يبشرهم وينذرهم.. كان هذا الجواب إنما يتم بإثبات أمرين: أحدهما: إثبات أن لهذا العالم إلها قاهرا قادرا، نافذ الحكم بالأمر والنهى. والثاني: إثبات الحشر والنشر والبعث والقيامة، حتى يحصل الثواب والعقاب اللذان أخبر الأنبياء عن حصولهما. فلا جرم أنه سبحانه ذكر في هذا الموضع ما يدل على تحقيق هذين المطلوبين. أما الأول: وهو إثبات الألوهية فبقوله تعالى: “إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ” (يونس 3) وأما الثاني: فهو إثبات المعاد والحشر والنشر بقوله: “إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً” (يونس 4) فثبت أن هذا الترتيب في غاية الحسن، ونهاية الكمال). والمعنى: إن ربكم ومالك أمركم الذي عجبتم من أن يرسل إليكم رسولا منكم هو الله الذي خلق السموات والأرض في مقدار ستة أيام أى أوقات. وقوله: “ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ” معطوف على ما قبله، لتأكيد مزيد قدرته وعظمته سبحانه. والاستواء من معانيه اللغوية الاستقرار. وقد ذكر العرش في القرآن الكريم في إحدى وعشرين آية، وذكر الاستواء على العرش في سبع آيات. أما الاستواء على العرش فذهب سلف الأمة الى أنه صفة الله تعالى بلا كيف ولا انحصار ولا تشبيه ولا تمثيل لاستحالة اتصافه سبحانه بصفات المحدثين، ولوجوب تنزيهه عما لا يليق به فيجب الإيمان بها كما وردت وتفويض العلم بحقيقتها إلى الله تعالى. فعن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت في تفسير قوله تعالى “الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى” (طه 5): الكيف غير معقول، والاستواء مجهول، والإقرار به من الإيمان، والجحود به كفر.

أخرج الطبراني عن عقبة بن عامر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: الحسن والحسين سيفا العرش وليسا بمعلقين. علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دخل على رجل من بني هاشم وهو يقضي، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قل: لا إله الا الله العلي العظيم، لا إله الا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما بينهن ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين، فقالها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الحمد لله الذي استنقذه من النار. عن الصادق عليه السلام: (إذا بكى اليتيم اهتز لـه العـرش فيقول الله تبارك وتعالى من هذا الذي أبكى عبدي الذي سلبته أبويه في صغره فو عزتي وجلالي وارتفاعي في مكاني لا يسكته عبد مؤمن إلا وجبت له الجنة).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *