الكاتب : فاضل حسن شريف
عن تفسير الميسر: قوله سبحانه “تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ” ﴿البقرة 134﴾ أمة: صنف من الناس. يريد صنفا طوي زمنه، تلك أُمَّة من أسلافكم قد مضَتْ، لهم أعمالهم، ولكم أعمَالكم، ولا تُسْألون عن أعمالهم، وهم لا يُسْألون عن أعمالكم، وكلٌّ سيجازى بما فعله، لا يؤاخذ أحد بذنب أحد، ولا ينفعُ أحدًا إلا إيمانُه وتقواه. وجاء في تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله سبحانه “تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ” وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ” (البقرة 134) “تلك” مبتدأ والإشارة إلى إبراهيم ويعقوب وبينهما وأُنِّث لتأنيث خبره “أمة قد خلت” سلفت، “لها ما كسبت” من العمل أي جزاؤه استئناف “ولكم” الخطاب لليهود “ما كسبتم ولا تُسألون عما كانوا يعلمون” كما لا يسألون عن عملكم والجملة تأكيد لما قبلها.
جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله سبحانه “تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ” ﴿البقرة 134﴾ “تلك أمة قد خلت ” أي جماعة قد مضت يعني إبراهيم وأولاده “لها ما كسبت ” أي ما عملت من طاعة أو معصية “ولكم ” يا معشر اليهود والنصارى “ما كسبتم ” أي ما عملتم من طاعة أو معصية “ولا تسئلون عما كانوا يعملون ” أي لا يقال لكم لم عملوا كذا وكذا على جهة المطالبة لكم بما يلزمهم من أجل أعمالهم كما لا يقال لهم لم عملتم أنتم كذا وكذا وإنما يطالب كل إنسان بعمله دون عمل غيره كما قال سبحانه ولا تزر وازرة وزر أخرى وفي الآية دلالة على بطلان قول المجبرة أن الأبناء مؤاخذون بذنوب الآباء وإن ذنوب المسلمين تحمل على الكفار لأن الله تعالى نفى ذلك.
عن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله سبحانه “تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ” ﴿البقرة 134﴾ هذه الآية تشير إلى مبدأ عام، وهوان نتائج الأعمال وآثارها تعود غدا على العامل وحده، لا ينتفع بها من ينتسب إليه، ان تكن خيرا، كما لا يتضرر بها غيره ان تكن شرا، وقرر الإسلام هذا المبدأ بأساليب شتى، منها الآية 164 من سورة الانعام: “ولا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى” ومنها الآية 39 من سورة النجم: “وأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى”. ومنها قول الرسول الأعظم صلى الله عليه واله لوحيدته فاطمة: يا فاطمة اعملي، ولا تقولي: اني ابنة محمد، فاني لا أغني عنك من اللَّه شيئا. وأمثال ذلك.. والتبسط في هذا الموضوع ان دل على شيء فإنما يدل على أننا حتى اليوم نجهل أوضح الواضحات، وأظهر البديهيات.
وعن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله سبحانه “تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ” ﴿البقرة 134﴾ وبذلك أرادت الآية أن توجّه أنظار هؤلاء إلى أعمالهم وسلوكهم وأفكارهم، وتصرفهم عن الإِنغماس في الإِفتخار بالماضين. هذه الآية ـ وإن اتجهت في الخطاب إلى فئة اليهود وأهل الكتاب في عصر البعثة ـ تخاطبنا نحن المسلمين أيضاً، وتطرح أمامنا مبدأ: إن الفتى من يقول ها أناذا * ليس الفتى من يقول كان أبي.