الكاتب : سليم الحسني
لا تقتربْ من هذه الأرض أبداً. إحذرْ أن تكون عدوها. فيها أطفال لا يبكون خوفاً. فيها نسوة لا ينجبن جباناً. ورجالهم عبّوا الشجاعة حتى أفرغوا معينها، فكانوا أصل الشجاعة وغيرهم الفروع.
في اليمن تنام العيون على الكرامة وتصحو عليها. إنْ اقتربَ فأر من سيادتهم، خرجوا عليه ليوثاً ضارية. فاحذرْ المساس بهم.
هل قرأتَ أساطير البطولة عن الماضي؟ ستراها شاخصة أمام العين في اليمن.
هل صنعتْ مخيلتك عمالقة شداداً يخوضون حرباً؟ صَدَقَ الخيال إذا نظرتَ صوب اليمن.
هل ترى الأمواج على البحر؟ إنها رجفة الخوف من صولتهم، فإذا غضب أهل اليمن، يشعلون البحر ناراً.
أترى الجبال ساكنة بأرضهم؟ لقد انصاعت لقوتهم فصارت تحت أقدامهم حريراً.
لا تحسبْ حسابك في الحروب حين تريد مقاتلة أهل اليمن. هنا يموت العلم العسكري، وتتعطل التقنيات، وتنتحر أحدث الأسلحة. قوانين الحرب تخضع لهم، يحركونها كيفما يشاؤون. يمحون ما يريدون ويثبتون ما يريدون، وعلى أعدائهم تجري إرادتهم.
أترى الخنجر المغمود على أحزمتهم؟ ليس خنجراً ما ترى، إنه نصل الكرامة، يغرزه اليمني بصدره إن فكر بالتراجع. فهل ترجو بعد هذا هزيمتهم؟
هل رأيت أجسادهم النحيلة؟ هل سألت نفسك عن سر ذلك؟ إنهم يطعمون إرادتهم من أجسادهم. ومن يريد أن تبقى إرادته ينحل جسده.
هل سألت نفسك عن أقدامهم الحافية؟ يموت اليمني إنْ لم يجس ترابه.
أيها العدو، لا تجازف بحربهم. فالنصر عند أهل اليمن يكون هزيمةً إذا لم يركع الغازي تحت أقدامهم.
أيها العدو، ستنسى راحة النوم إذا اعتديت على اليمن. هذا البلد كابوس قديم أرهق المعتدين. وهذا الشعب ليس مثل شعوب الأرض، منهم خرجت الحكمة، ومراضعهم تصنع الكرامة والسيادة والبطولة. هم درس الشعوب لا يفهمه إلا من حاور أطفال اليمن.
١٢ كانون الثاني ٢٠٢٤