الكاتب : فاضل حسن شريف
عن تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قال الله تعالى عن أمة “وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ ” فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ” (يونس 47) “ولكل أمة” من الأمم “رسول فإذا جاء رسولهم” إليهم فكذبوه “قضي بينهم بالقسط” بالعدل فيعذبون وينجى الرسول ومن صدقه “وهم لا يظلمون” بتعذيبهم بغير جرم فكذلك نفعل بهؤلاء.
وعن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قال الله تعالى عن أمة “وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ” ﴿يونس 47﴾ قضاء إلهي منحل إلى قضاءين أحدهما: أن لكل أمة من الأمم رسولا يحمل رسالة الله إليهم ويبلغها إياهم، وثانيهما: أنه إذا جاءهم وبلغهم رسالته فاختلفوا من مصدق له ومكذب فإن الله يقضي ويحكم بينهم بالقسط والعدل من غير أن يظلمهم. هذا ما يعطيه سياق الكلام من المعنى. ومنه يظهر أن قوله: “فإذا جاء رسولهم” فيه إيجاز بالحذف والإضمار والتقدير: فإذا جاء رسولهم إليهم وبلغ الرسالة فاختلف قومه بالتكذيب والتصديق، ويدل على ذلك قوله: “قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ” فإن القضاء إنما يكون فيما اختلف فيه، ولذا كان السؤال عن القسط وعدم الظلم في القضاء في مورد العذاب والضرار أسبق إلى الذهن. وقد تقدم الفرق بين الرسول والنبي في مباحث النبوة في الجزء الثاني من الكتاب، وهذا القضاء المذكور في الآية من خواص الرسالة دون النبوة.
وعن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قال الله تعالى عن أمة “وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ” ﴿يونس 47﴾ “ولِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ” يبشرها وينذرها، وبعد الانذار والإعذار يكون الحساب والعقاب، إذ لا عقوبة من غير نص “فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ” وبلغهم ما تجب معرفته عليهم من أمور الدين، ولم يبق من عذر لمعتذر “قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ”فيحكم لمن استجاب للَّه ورسوله بالفوز والثواب، وعلى من أعرض ونأى بالخذلان والعقاب “وهُمْ لا يُظْلَمُونَ” فلا نقصان من ثواب من أطاع، وقد يزداد، ولا زيادة في عقاب من عصى، وقد تشمله الرحمة، وهذا المعنى يدل عليه قوله تعالى: “بِالْقِسْطِ” ولكن من عادة القرآن أن يؤكد كل ما يتصل بالآخرة وثوابها وعقابها.
عن شبكة الألوكة الشرعية مفهوم ومقومات الأمة في النص القرآني للكاتب الدكتور أسعد بن أحمد السعود: الإحاطة بذكر مجيء الأمة: قال الله تعالى: “وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا” (البقرة 143). تَمثَّل هذا الجزء من الآية بعبارة لفظية لغوية متكاملة نحويًّا، غير مُجْتَزَأَةِ المعنى والقصد، من حيث الإشارة البيِّنة على الأمر الإلهي بتكوين الأمة، أما من حيث البيان على سبب ذِكْرها، فهو لارتباطها بقصد الجزء الثاني من الآية نفسها (143)، وهو الأمر الإلهي العام الثاني بتوحيد هذه الأمة على (قِبلة) واحدة جديدة يرضاها النبيُّ محمد الخاتم الكريم صلى الله عليه وسلم، وهذا ليس له شأن باهتمامنا في هذه المقالة، ولا يُخِلُّ تركه أبدًا لا بالقصد ولا بالمعنى، سواء كان لغويًّا أم تفسيريًّا. أولًا: تحليل عناصر العبارة: قائل العبارة ومُنشئُها الله جل جلاله، وهو في الوقت ذاته جاعل الأمة، أي: صانعها، وكأنه يقول: (نحن جعلناكم أُمة). المخاطَبون بتكوين العبارة، (وكأنه يقول لهم: جعلناكم أنتم، لتكونوا أنتم، عليكم أنتم)، وهم المؤمنون الذين نزَل عليهم القرآن وفيه كلام الله، ومنه خبر التكوين هذا (جعلناكم). الشاهد الوسيط ما بين القائل الصانع، وما بين المؤمنين الذين صنَعهم وجعَلهم (أُمة)، ألا وهو النبيُّ الرسول الذي أرسَله الله الصانع، ليُبيِّن للمؤمنين الذين آمنوا به وبرسوله كيف جعلهم جل جلاله (أُمة). ثانيًا: فائدة تحليل العبارة: وجدنا أن مكونات الفعل أو صيرورة (جعلناكم أمة)، هي الآتي: 1- الله جل جلاله (الصانع). 2- الرسول وهو محمد صلى الله عليه وسلم (الشاهد). 3- المؤمنون وهم (الأمة). ومن هذه الخلاصة أيضًا نَستخلص فائدةً ثانيةً متفرعة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا فيما بين مكوناتها، ونجد أن هذا الارتباط ذو منهجين: المنهج الأول: ارتباط لُغوي ولفظي. المنهج الثاني: ارتباط صيروري. ولا يمكن لأيٍّ من هذين المنهجين أن يَشُذَّ أو يَنفصل أحدهما عن الآخر – لا باللفظ ولا بالفعل – وإذا تلمَّسنا دلائلَ وجودهما وارتباطهما في آيات القرآن العظيم – وجدناها كثيرة، ذلك لأهمية موضوعها في قوة تكوين الأُمة واستمرارية قيامها، وها هي الآية 164 من سورة آل عمران تقدِّم تفاصيلَ ذلك بالمعجزة البلاغية الربانية، قال تعالى: “لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ” (آل عمران 164).
عن علاقة المواطنة بالأمة جاء في المركز الاسترتيجي للدراسات الاسلامية التحديد المفاهيمي لمصطلحيّ الأمّة والمُواطَنة للسيد صادق عباس الموسوي: واجبات المواطن: الأوّل: الرابطة العُليا التي تربط الأفراد هي عضويَّة كلٍّ منهم في الوطن، فخطُّ الإنتماء العريض هو للوطن من خلال عدمِ تقديم أي انتماءٍ عليه مهما تزاحمت الهويَّات. الثاني: الشراكة في الوطن تعني احترام آراء الآخرين مهما تعارضَت مع الهويَّة الشخصيَّة للأفراد، هذه الشراكة تعني أموراً: 1 ـ الإعتراف بحقِّ الآخر في انتخاب من يُريد ليمثِّله سياسيّاً، فيكون شريكاً حقيقيّاً في الحكم؟ 2ـ الإعتراف بحقِّ الشريك في الانتماء إلى أيِّ فكرة أو دين أو مذهب أو جماعة لا تتعارض مع السلم الأهلي والانتماء الوطنيّ. الثالث: القانون هو الشخصُ المعنويّ الذي يضمن حقوق الجميع، وأيّ عملٍ أو تنظيم مُخالِف للقانون يتعرَّض للعقاب بدون تمييز بين جماعة أو أُخرى، والدستور هو الحاكم على سلوك الحاكم والمحكوم، حيث يستمِّر المُنتخَب في مكانه طالما استمرَّ في حفظ الدستور وصيانته. ويمكن أخيراً اختصار مفهوم المُواطَنة بمفاهيم ثلاثة، تُعدُّ العناصر الأساسيَّة في تكوينه هي الليبراليَّة (في المجال الاقتصادي) والعلمانيَّة (في الجانب السياسيّ الاجتماعيّ) والديمقراطيَّة (على المستوى السياسي).