
الكاتب : ضياء ابو معارج الدراجي
مما لا شك فيه أن ما يسمى بانتفاضة العشائر السنية البعثية ضد حكومة المالكي أو ضد حكومة بغداد المركزية عام ٢٠١٤، والتي استقبلتها الموصل وصلاح الدين والأنبار ومناطق جنوب بغداد وديالى وباقي المناطق الرخوة كفاتحين بعد انسحاب سنة القوات الأمنية إلى أهلهم وقتل ومطاردة شيعة القوات الأمنية فيها وتمكين داعش منها، والتي أعلنها فيما بعد أبو بكر البغدادي بالدولة الإسلامية، وأعلن نفسه خليفتها حظيت بدعم كبير من دول الخليج وتركيا وأمريكا وإسرائيل بالإضافة لدعم العراقيين الطامحين للتقسيم والحالمين بدولتهم المستقلة حيث سلمت المحافظات المنتفضة أراضيها بدون قتال مع أهازيج النصر والفرح بقدوم الفاتحين (السنة ضد الحكم الصفوي والاحتلال الإيراني لبغداد) حسب تعبيرهم طبعا، حتى وصل الأمر بهم إلى قتل وإعدام واستملاك وسبي كل من يقع تحت أيديهم من شيعة أو غيرهم من الأقليات الدينية، واستباحت أموالهم وأراضيهم وأجسادهم وأرواحهم بحجة تطبيق الشريعة الإسلامية ضد الكفار. بينما حصلت تلك الجماعات المجرمة على دعم مادي وإعلامي وعسكري من قبل أمريكا وإسرائيل وتركيا والسعودية وقطر والإمارات ودول شرق آسيا وغرب أفريقيا، وسمحت لمؤيدي البغدادي بالسفر إلى العراق من كل أنحاء العالم لنصر دولته هناك وتثبيت قواعدها.
لكن بالمقابل انصدم العالم بأجمعه عندما أطلقت مرجعية النجف فتوى الجهاد الكفائي، وتطوع أكثر من مليونين ونصف المليون رجل شيعي عراقي للدفاع عن أرض العراق من البعبع العالمي داعش، وتأسست أول نواة للحشد الشعبي العراقي الذي استطاع خلال ثلاثة أعوام فقط بسلاح إيران ومشورتها أن يحرر العراق، ويهزم دولة داعش الإرهابية المدعومة عالميا، ويخسر داعش كل ما استولى عليه من أراضي عراقية، وتصبح كلمة النصر والقوة بيد الحشد الشعبي لتتحول داعش بعد خسارتها بقدرة قادر عند دول العالم والداعمين السنة العراقين إلى تنظيم إرهابي إيراني واجب قتاله بعد ان كان سنيا بعثيا عراقيا مدعوماً من قبلها.
وكذلك اليوم في عام 2024 نجد أن نفس الذين دعموا أبا بكر البغدادي عراقيا واقليميا وعالميا يدعمون أبا محمد الجولاني في سوريا وبنفس النفس الطائفي وبالخطوات أنفسهن والخطة ذاتها، لكن الفرق بينهما أن الجولاني لبس ثوب المنظمات المدنية المناهضة للإسلام، وتجنب شعارات البغدادي ومجازره الطائفية التي سبب خسارته العراق، فلم يلبس العمامة، ولم يعلن نفسه خليفة، ولم يهدد باقي الطوائف علنا رغم ما يحدث من مجازر على ارض الواقع و توغل إسرائيل وتركيا في الاراضي السورية شمالا وجنوبا.
من ذلك نستنتج أن الشعارات الدينية والانتماء الطائفي والديني والقومي هو المسيطر على الفكر العالمي، وليست حقوق الأقليات والشعارات الإنسانية الزائفة التي يضحكون بها على الناس، وأن الإرهاب هو شعار مجازي تستخدمه الدول الكبرى ذات المصالح لتحقيق غايتها في استعمار الدول المستقلة، أو التي لا تخضع لسيطرتها وتقلبه ذات اليمين وذات الشمال.
ومن المفارقات التي شاهدناها في سوريا، وتؤكد أن الدعم يكون حسب الطائفة والتعصب المذهبي أن صور صدام حسين قد رفعت مع علم جيش الجولاني في احتفالات إسقاط بشار الأسد في كل دول العالم. مع العرض أن صدام وبشار من نفس حزب البعث العربي الاشتراكي الذي أسسه مشيل العفلق ونفس الاستبدادية والشمولية نفسها، بينما دموية صدام وإجرامه أكثر بمئة مرة من إجرام بشار الأسد، لكن الفرق أن صدام سني قاتل إيران الشيعية 8 سنوات وأسقطته أمريكا، وأصبحت القيادة لشيعة العراق المدعومة إيرانيا، بينما الأسد علوي أسقطته تركيا السنية بدعم الجولاني السني ضد الأقليات الشيعية المدعومة إيرانيا في سوريا.
لذلك أصبح صدام بطلاً قومياً سنياً وبشار خائن علوي إيرانياً.