الإيزيديون في العراق ومعاناتهم على يد داعش

الكاتب : انوار داود الخفاجي

الإيزيديون هم مجموعة دينية عرقية تعيش بشكل رئيسي في شمال العراق، وتحديدًا في منطقة سنجار. يُعتبر الإيزيديون من أقدم المكونات الدينية في العراق، وتعود جذورهم إلى آلاف السنين. ويُعرفون بعاداتهم وتقاليدهم الفريدة التي تُميزهم عن باقي المجموعات الدينية.

على الرغم من كونهم أقلية دينية، كان الإيزيديون دائمًا جزءًا أساسيًا من النسيج الاجتماعي العراقي. ومع ذلك، فقد تعرضوا عبر التاريخ إلى العديد من موجات الاضطهاد والتمييز بسبب معتقداتهم. لكن المحنة الأكثر مأساوية في تاريخهم الحديث كانت على يد تنظيم “داعش”، حيث تعرضوا لواحدة من أبشع الجرائم الإنسانية في القرن الحادي والعشرين.

في أغسطس 2014، اجتاح تنظيم داعش منطقة سنجار، التي تُعد الموطن الرئيسي للإيزيديين في العراق. اعتبر التنظيم المتطرف الإيزيديين “كفارًا” و”مشركين”، وحكم عليهم بالإبادة الجماعية. خلال الهجوم، ارتكب التنظيم فظائع لا توصف بحق الإيزيديين، وصُنفت أفعالهم لاحقًا كجرائم إبادة جماعية من قبل الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان.

*القتل الجماعي:** تم قتل الآلاف من الرجال الإيزيديين بدم بارد، وذلك بعد رفضهم تغيير دينهم واعتناق الإسلام. وقُتل البعض لمجرد انتمائهم لهذه الديانة.

*الاستعباد الجنسي:** اختُطفت آلاف النساء والفتيات الإيزيديات، وأُجبرن على العبودية الجنسية. تعرضن للاغتصاب المنهجي، والبيع في أسواق النخاسة التي أقامها التنظيم.

*اختطاف الأطفال:** اختُطف الآلاف من الأطفال الإيزيديين، وتم تجنيدهم قسرًا في صفوف التنظيم، حيث تم تدريبهم على القتال وغسل أدمغتهم بأفكار التنظيم المتطرفة.

*تهجير السكان:** اضطر عشرات الآلاف من الإيزيديين إلى الفرار من منازلهم، واللجوء إلى الجبال والوديان هربًا من بطش التنظيم. مات الكثيرون بسبب الجوع والعطش والظروف القاسية أثناء محاولتهم الهروب.

أدت هذه الجرائم إلى تدمير النسيج الاجتماعي والإنساني للإيزيديين. فقدوا بيوتهم وأراضيهم، ووجد الكثير منهم أنفسهم مشردين في مخيمات اللاجئين داخل العراق وخارجه. كما أن العديد من النساء اللواتي نجحن في الهروب من قبضة داعش يواجهن اليوم صدمات نفسية عميقة تحتاج إلى سنوات من العلاج والتأهيل.

من جهة أخرى، أدى تهجير الإيزيديين الجماعي إلى تهديد وجودهم كجماعة دينية وثقافية. فمع انتشارهم كلاجئين في مختلف دول العالم، أصبح الحفاظ على هويتهم وتقاليدهم تحديًا كبيرًا.

بعد تحرير المناطق التي سيطر عليها داعش، بدأت جهود محلية ودولية لإعادة بناء حياة الإيزيديين. قامت بعض المنظمات الإنسانية بتقديم المساعدات للناجين، وتم إنشاء برامج لتأهيل النساء والأطفال الذين تعرضوا لجرائم داعش. كما تم توثيق الجرائم التي ارتُكبت بحقهم، بهدف محاسبة الجناة وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.

على الرغم من هذه الجهود، لا تزال معاناة الإيزيديين مستمرة. يعيش معظمهم في مخيمات غير مجهزة بشكل كافٍ، ويواجهون صعوبة في العودة إلى ديارهم بسبب تدمير البنية التحتية والخوف من تكرار الهجمات.

وفي الختام الإيزيديون في العراق هم مثال حي على صمود الإنسان في وجه الفظائع. عانوا من إبادة جماعية مروعة على يد داعش، لكنهم يواصلون الكفاح من أجل استعادة حياتهم وحماية ثقافتهم وهويتهم. ورغم التحديات الهائلة التي يواجهونها، فإن المأساة التي تعرضوا لها تُذكر العالم بضرورة الوقوف ضد التطرف والإرهاب، والعمل على تحقيق العدالة وضمان حقوق الأقليات في كل مكان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *