
الشيخ حسن العطوان
خسرنا معركة ، نعم .
وكانت خسارة فادحة ، بل وفي غاية الفداحة ، نعم .
📌 ولكن ..
فرق كبير بين الخسارة وبين الهزيمة ..
فالمكابرة ونفي الخسارة ليس هو الموقف الصحيح .
📌 كما أنَّ الإحباط والإنكسار والهزيمة ليس من شيم مَن تربى في مدرسة كربلاء ..
فما دامت روح كربلاء فينا
فلا مكان للإنكسار أو الهزيمة ..
فإنْ نَهْزِم فهزامون قدماً
وإنْ نُهْزَم فغير مُهَزَّمينا …
وما أنْ طبّنا جَبْنٌ ولكن
منايانا ودولة آخرينا ..
فقُلْ للشامتين بنا أفيقوا
سيَلّقى الشامتون كما لقينا ..
📌 إنّما نحتاج الى استراحة محارب ..
ليست استراحة دعة وغفلة ونوم ، فإنْ نامت عينك فعين عدوك لن تنم ..
إنّما هي وقفة لمراجعة شاملة ، لأسباب ما حصل ومكامن الخلل ..
📌 هل كان السبب إختراقاً أمنياً كبيراً ؟!
لابد من تحقيق دقيق بصبر وطول نَفَس ، لا تُهْمَل فيه أبسط الجزئيات من جهة ، ولا ينبغي أنْ نستمع فيه لتسريبات وإشاعات إعلامية قد يقف العدو ورائها لتضليل ذلك التحقيق ، ولزرع التشكيك بالقيادة الأمينة من جهة أخرى .
📌 هل كان سبب الخسارة أخطاء في التقديرات ، أخطاء في تقدير قوة العدو ، وأخطاء في تقدير ما أعددناه نحن لمعركة بهذا النحو ؟!
📌 هل كان سبب خطأ التقدير عند القيادة الأمينة الإتكاء على الغيب بنحو مطلق أم أنّه كان بسبب تغرير وإيصال معلومات خاطئة لتلك القيادات من القادة الأمنيين والعسكريين المسؤولين عن إيصال ذلك ، غروراً أو تملقاً أو خيانة حتى ؟!
📌 هل كان أصل قرار الدخول في معركة مباشرة مع العدو دعماً لغزّة صحيحاً ؟!
لا سيّما وأنَّ نَفْس أهلها الذين دخلنا المعركة لأجلهم ممّن لا يؤمن غدرهم ، بل ودخلنا المعركة مع حلفاء قد يبيعوننا في أية صفقة ، وهو أمر كان واضحاً لكل ذي عينين .
📌 يجب دراسة كل ذلك بنحو دقيق ، بمشرط جرّاح ، حكيم ، دقيق ، شجاع ، قد يحتاج أحياناً الى بتر جزءٍ للحفاظ على الكيان ..
ولكن بدون إحباط ، وبدون إلقاء الّلوم على هذا الطرف أو ذاك من أطراف هذه الجبهة التي تقف بشرف أمام عدو متغطرس مدعوم من كل قوى الإستكبار غرباً وشرقاً ، ومعه كل الأنظمة الوضيعة في المنطقة .
📌 لا مانع من إبقاء مشاغلة العدو إذا كان ذلك لا يؤدي الى حرب شاملة ، لا يصح أنْ نستمر بها قبل إعداد العدّة لها من جديد .
📌 حالة ( اللآ حَرْب و اللآ سِلْم ) هي القرار الأنسب لوضعنا الحالي ، على أنْ لا ننجر ايضاً لحرب إستنزاف طويلة قد يفرضها علينا العدو .
📌 ومن الآن الى ذاك اليوم طال أم قصر ، أذكّر الأحبة ببعض الإشارات :
يقول عزَّ من قائل :
( الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَ قَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ) [ آل عمران : 168 ] .
ويقول جلَّ وعلا :
( إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَ تَرْجُونَ مِنَ اللَّـهِ ما لا يَرْجُونَ وَ كانَ اللَّـهُ عَلِيماً حَكِيماً ) [ النساء : 104 ] .
ويقول جلَّ اسمه ايضاً :
( إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَ تِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَ لِيَعْلَمَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ يَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَ اللَّـهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ) [ آل عمران : 140 ] .
📌 وفي آية معبرة تشير الى أنَّ المؤمنين قد يخططون لشيء ، ولكنّ الله جلَّ وعلا له حسابات أخرى ، يقول عزَّ اسمه واصفاً حال المسلمين عندما خرجوا لقافلة أبي سفيان ، ولم يكونوا راغبين بخوض معركة مع المشركين ، لكن الله سبحانه أراد ذلك :
( إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَ هُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وَ الرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَ لَوْ تَواعَدْتُمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ وَ لكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّـهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ إِنَّ اللَّـهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ) [ الأنفال : 42 ] .
لعل لله سبحانه في معركتنا الأخيرة أراد أنْ ينبهنا بهذه الخسارة لخلل كبير عندنا ، ولأنّه رؤوف بالمؤمنين ، فلم تكن الضربة قاصمة ، بل الضربة التي لا تميتك تقوي ظهرك ، وإلّا فقد تبيّن أنَّ العدو كان قد خطط لذلك .
📌 في الآيات الكريمة المتقدمة من الإشارات ما هو واضح لكل ذي بصيرة ، ولا تحتاج الى توضيح ، غاية ما أستطيع التذكير به :
أنَّ هذه الدنيا صُممتْ بمشيئة الله أنَّ فيها صراعاً ..
بين الخير والشر ..
بين الحق والباطل ..
بين الشرف والدناءة ..
وهذا الصراع لا يمكن أنْ يتعايش فيه مَن هو على خط الحسين بن علي ( عليه افضل الصلاة والسلام ) مع مَن هو على غرار يزيد بن معاوية ( لعنة الله عليه ) وعلى منهجه ..
📌 والدنيا في تداول وصراع مستمر ..لا يتعايش فيها الإيمان مع الطغيان ..