عدنان علامة
عدنان علامه / عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين
هذه هي حالنا مع قوات اليونيفيل؛ فالعدو بدلًا من الإنسحاب من جنوب لبنان فإنه يواصل إنتهاكاته وتجريف الأراضي ويحتل ما يختار من منازل وأراضي تحت نظر قواتها. فهي بالتوصيف القانوني دون أية صلاحيات، لمنع العدوان وردعه، حتى لا يفرض أمرًا واقعًا، بعد الإنسحاب المفترض إلى ما وراء الخط الأزرق، بعد حوالي 27 يومًا. ولكن الأخبار الرسمية لا تبشر بالخير.
قال الرئيس ميقاتي بعد اجتماع، الثلاثاء من الإسبوع الماضي، مع قائد الجيش العماد جوزيف عون واللجنة الفنية لمراقبة وقف إطلاق النار في الجنوب برئاسة الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز: “لبنان ملتزم ببنود التفاهم فيما إسرائيل تواصل خروقاتها، وهذا أمر غير مقبول”.
فإستنكاركم حضرة الرئيس كالشيكات اللبنانية لا تصرف؛ فلماذا لم تطلبوا من الجنرال جاسبر جيفرز مناشدةمجلس الأمن؛ أو تقدموا دعوة عاجلة لإنعقاد مجلس الأمن لوقف هذه الإعتداءات؟
والمثير للريبة والشك هو تصريح قوات اليونيفل صباح الامس :” التدمير الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي في المناطق السكنية في جنوب لبنان يشكل إنتهاكًا للقرار1701″.
وجدد أدرعي أمس الثلاثاء تحذيره إلى سكان جنوب لبنان بأنه “حتى إشعار آخر يحظر عليكم الانتقال جنوبا إلى خط القرى ومحيطها”.
وجاء في بيان الجيش الإسرائيلي: “تذكير جديد إلى سكان لبنان أنه حتى إشعار آخر يحظر عليكم الانتقال جنوبا إلى خط القرى التالية ومحيطها: شبعا، الهبارية، مرجعيون، أرنون، يحمر، القنطرة، شقرا، برعشيت، ياطر، المنصوري”.
وأضاف: “جيش الدفاع لا ينوي استهدافكم ولذلك يحظر عليكم في هذه المرحلة العودة إلى بيوتكم من هذا الخط جنوبا حتى إشعار آخر. كل من ينتقل جنوب هذا الخط يعرض نفسه للخطر”.
اليس من المفروض أن تقوم اليونيفيل والجيش اللبناني بمنع قوات العدو من الخروقات او هناك من يمنعهم؟
فالإتفاق بين لبنان وأمريكا لا يجب أن يمر عبر امريكا لأنه من صلاحيات الجهة التي أصدرت القرار.
وتعتقد أمريكا، التي تتوسط بين إسرائيل ولبنان في الصراع الحالي، أن العودة إلى مبادئ القرار هي في مصلحة للطرفين، لكنها أصرت على آلية لتطبيقه بشكل أكثر صرامة.
كما تضمن الاتفاق تعهدا إسرائيليا عسكريا يقوم في الأساس على عدم قيامها بأي عمل عسكري هجومي ضد أهداف في لبنان، وكما يقال ًتكمن الشياطين في التفاصيل؛ “الاحتفاظ بحق البلدين في الدفاع الشرعي عن نفسيهما، حال تعرضهما لأي تهديد” .
ففسرت إسرائيل هذه العباره على هواها وشنت عدة غارات على الحدود اللبنانية السورية وهي بعيدة كل البعد عن جنوب الليطاني وهي المنطقة التي ينحصر عمل اليونيفيل فيها.
وهنا لا بد للمقارنة بين وقف إطلاق النار عام 1996 و 2006 و2024.
لا بد من الإشارة بأن وقف إطلاق النار في الإعوام الثلاثة كان بطلب من العدو نتيجة لعدم قدرته على تحمل المزيد من الخسائر البشرية والمادية وضغط الجبهة الداخلية. وللعلم فأن وارن كريستوفر حضر إلى سوريا لإنجاز إتفاق نيسان 1996 وكعادة الأمريكي فقد بدأ بالتهديد وبإعطاء صورةمغايرة للواقع على الإرض؛ فاستمهل الرئيس السابق حافظ الأسد الوفد الأَمريكي ليطمئن على وضع المقاومة فأرسل موفدًا خاصًا ناقلًا شرط الوفد الأمريكي الوحيد بتسمية المقاومة بالجماعات المسلحة مهما كانت الشروط فطمأن الموفد الرئيس على وضع المقاومة وتم إقرار كافة البنود التي كتبتها الَمقاومة؛ وسمي بتفاهم نيسان تم فيه حماية المدنيين.
وفي العام 2000 إنسحبت إسرائيل من لبنان دون قيد او شرط نتيجة لتراكم عمليات المقاومة وضغط الجبهة الداخلية.
وفي عدوان 2006 طلب العدو وقف إطلاق النار لعدم قدرته على تحمل المزيد ِمن الخسائر المادية وخاصة في مجازر الدبابات في وادي الحجير وفي وادي السلوقي.
وكان الوسيط وزير الخارج القطري يفاوض؛ وعرض الطلب الأسرائيلي بوقف إطلاق النار. فجاء رد قائد المقاومة شهيدنا الأسمى سماحة السيد حسن نصر الله؛ “يوافق حزب الله على وقف إطلاق النار بشرط واحد فقط؛ عدم بقاء اي جندي إسرائيلي على أي شبر من الأراضي اللبنانية”.
وتفل الوسيط القطري عن لأمريكا وإسرائيل بأن ذلك مستحيل من الناحية العملية فجاء الرد الحاسم من قائد المقاومة: “هذه مشكلتهم وليست مشكلتنا”؛ وتم تكثيف الهجمات على العدو.
فخضعت إسرائيل لشروط المقاومة بفضل القيادة الحكيمة التي تتقن فن التفاوض.
وفي عدواَن أيلول 2023 أوصلت المقاومة جيش العدو إلى النقطة التي طلب فيها وقف إطلاق النار بإلحاح وبأي ثمن؛ وكان بحاجة سماحة إلى مخرج لإقناع جمهوره بذلك؛ وقدمه له الرئيس ميقاتي على طبق من ذهب باستماتته في طلب وقف إطلاق النار وأبدى كامل إستعداده لتطبيق القرار 1701؛ إستغل نتنياهو وضع الرئيس ميقاتي الضعيف وطلب من الأمريكي البند الذي تكرر في کافة المعاهدات
السابقة: “فليس هناك في ما يمنع أي طرف من ممارسة حق الدفاع عن النفس” .
واستغل العدو الصهيوني ضعف موقف الدولة اللبنانية فبدأ يفرض أمرأ واقعًا مدعيًا أن لديه تفويضًا من بايدن وأكد على حقه بالبقاء في لبنان 60 يومًا لترتيب الإنسحاب و يفعل ما يحلو له .
فالرئيس ميقاتي لم يستفيد من الَإتفاقيات السابقة حول وقف إطلاق النار مع العدو ؛كما إنه لم يخرِب الدنيا ولم يقعدها حول إستمرار العدو في العدوان على المواطنين وتهجيرهم ومنعهم من التوجه إلى أراضيهم.
فالرئيس میقاتی لم يرفع المواد القانونية إلى المندوب الأمريكي ويثبت له بأن ممارسات إسرائيل هي خروق فاضحة للقرار 1701 وللسيادة اللبنانية.
وكما تعلمون فإن اللجان مقبرة القضايا؛ وقد اثبتتها مجموعة الرصد التي تألفت من الولايات المتحدة، وفرنسا، ولبنان وإسرائيل وستكون مهمتها مراقبة تطبيق التفاهم المذكور أعلاه. والشكاوى ستقدم إلى مجموعة الرصد.
فماذا فعلت مجموعة الرصد بمئات الخروقات؟ واين هي أحقية لبنان بالرد على الخروقات؟
وإن غدًا لناظره قريب
1 كانون الثاني/ يناير 2025