اسم الكاتب : ميزوبوتاميا ـ جنيف / سليم مطر
خارطة اول دولة عراقية موحدة في زمن الملك العراقي الشهير (سرجون الاكدي) حوالي 2300 ق. م
الغالبية الساحقة من بلدان المعمورة، وخصوصا البلدان القديمة العريقة، مثل بلادنا العراق، قد رسمت حدودها طبيعة التضاريس الجغرافية التي تتكون منها. فالعراق ليس بالصدفة اطلق عليه (بلاد النهرين)، لان وجوده ككيان تشكل منذ الازل حول النهرين الخالدين(دجلة والفرات). وميزة العراق انه وادي خصيب محاط من كل ناحية بهضاب وجبال شبه وعرة: من الشرق جبال زاغاروس وهضبة ايران الممتدة حتى الهند والصين. . ومن الشمال جبال طوروس وهضاب القفقاس وهضبة الاناضول الممتدة حتى روسيا. ومن الغرب هضبة الشام الممتدة حتى جبال سوريا ولبنان على البحر المتوسط. ومن الجنوب هضبة الجزيرة العربية الممتدة حتى البحر الاحمر واليمن. اذن العراق، مثل الكثير من البلدان، لم يختر حدوده ابدا، بل الطبيعة هي التي اختارتها وحددتها بتضاريس طبيعية فاصلة الى درجة كبيرة، وهي الهضاب والجبال. ومن ينظر الى الخرائط التاريخية للعراق والى حقيقة الحدود الطبيعية ل(وادي النهرين) يجد ان الكثير من اراضيه وبلداته الحدودية قد انفصلت عنه وتبعت البلدان المحيطة به، مثل عبادان والحويزة(كانت تابعة لميسان والبصرة) وحلوان التي يقطنها الفيلية العراقيون (كانت تابعة لواسط) قد تبعت ايران في القرون الاخيرة. ومنطقة (الجزيرة: دير الزور والحسكة) قد تبعت سوريا، وجزيرة بوبيان واجزاء من الكويت، بالاضافة الى بعض المناطق الحدودية مع السعودية، مثل (التيماء) التي كانت العاصمة الدينية لآخر ملك بابلي(نبينود). .
والملاحظ ان بلادنا، ظلت دائما موحدة سياسيا ودينيا ولغويا، حتى في فترات السيطرة الاجنبية. وهذا التوحد، لم يكن نتيجة ارادة ما من قبل الناس، بل هي خصوصا ارادة الطبيعة. لقد ظل موحدا حضاريا رغم كل الهجرات السلمية والحربية للاقوام القادمة من كل انحاء الارض التي استوطنته، لأن طبيعة دجلة والفرات حتمت الانصهار بين الناس وتوحدهم الاقوامي والروحي والثقافي. ثم ان ضرورات التحكم بالري في النهرين من اجل سقي المزروعات وتجنب الفيضانات، حتمت ادارة موحدة، أي وجود دولة واحدة تقوده وتشرف على نظام ريه وادارة نهريه.
التقسيمات الادارية بعد الاسلام
بعد الفتح الأسلامي للعراق فقد انتهج المسلمون في حكمهم منهج الفرس. ابقوا تقسيمات العراق الأداريه كما كانت. فقد كانت مملكة العراق وبلاد الجزيره ايام الحكم العباسي الى كور والكور الى “طساسيج “وهو مايقابل الناحيه الآن وكان لكل كوره قصبه “مركز” ومدائن ولكل مدينة قرى مربوطة بها ربطا اداريا.
بقيت ديار الجزيره والعراق بعد فتح هولاكو في اضطراب واختلال. سنة 941 هـ 1534 م احتل السلطان سليمان القانوني وتغلب على الجيش الصفوي فأحدث التقسيمات التالية :قسم العراق 17 سنجقا(محافظة) وقطع منها ستة سناجق لقواده واصبح العراق كله (اياله ـ ولاية) عاصمتها (بغداد) تتبعها الموصل والبصره، ويحكمها وال يعينه السلطان.
في اوائل القرن الثامن عشر انفصلت مقاطعة (الموصل) عن (بغداد) وخضعت زمنا لأيالة ديار بكر وانفصلت بعدها (شهر زور) وكان مركزها (كركوك). وقد استقلت تلك المقاطعتين مده ثم اعيدتا الى حكم بغداد بعد زمن. اما في زمن الوالي العثماني (مدحت باشا) انقسمت ولاية العراق التي كانت تتألف من مقاطعتي بغداد والبصره والموصل، الى متصرفيات(سناجق) والمتصرفيات الى اقضيه والأقضيه الى نواحي يحكم السنجق (المتصرفيه)المتصرف ويحكم القضاء قائمقام والناحية مدير. والمراد بالسنجق وهي كلمه تركيه معناها (علم او لواء). وفي سنة 1879 م اصبحت الموصل مركز ولايه بعد ان كانت متصرفيه ويتبع لها مركز الموصل وكركوك والسليمانيه. وفي سنة 1880م قسمت ولاية بغداد الى سبعة سناجق وهي : بغداد– الحلة-كربلاء-العماره-المنتفق-البصره-نجد.
وفي سنة 1884م حول سنجق البصره الى ولايه. وفي سنة 1900م تميزت ولاية البصره عن ولاية بغداد، وقسمت اربعة سناجق وهي البصره –العماره-المنتفق (الناصرية)- نجد.
اما التقسيمات الأداريه قبل الحرب العالميه الأولى، فقد قسم العراق الى ثلاث ولايات تابعة الى العاصمة (بغداد)، وهي:
ولاية بغداد- ولاية البصره – ولاية الموصل
ـ ولاية بغداد ويتبعها متصرفية بغداد –الديوانية-كربلاء–
ـ ولاية الموصل ويتبعها الموصل –شهرزور-السليمانية
ـ ولاية البصره ويتبعها البصره –العماره-المنتفق
تقسيمات العراق الأدارية في العهد الملكي
اصبح العراق في ذلك العهد يتألف من اربعة عشر لواء. ويتألف كل لواء من مركز ومن بضعة اقضية وعدة نواح ومن قرى عديدة. يتولى ادارة اللواء المتصرف والقضاء القائمقام والناحية المدير، اما القرى فلها مختار يتولى شؤون ادارتها ويرتبط مباشرة بمدير الناحية اما المقر الاداري للألوية(المتصرفيات)فهي (العاصمة بغداد) ومراكز الوزارات ومجلس الأمة سابقا والمديريات العامة. وكان العدد 14 لواء 66 قضاء 174 ناحية 9918 قرية. وقد صدر في ذلك الوقت اول قانون لأدارة الألوية في سنة 1927 وكانت اكثر مواده مستقاة من قانون الولايات العثمانية ثم شرع قانون ادارة الألويه رقم 16 لسنة 1945 الذي عدل عدة مرات ولأول مره شكل في كل لواء مجلسان هما مجلس الأداره ومجلس اللواء العام ويقوم الأول بأعمال المزايدات والمناقصات وما أشبهها ويجتمع مره فيكل عام لمناقشة ماتم تحقيقه ووضع الخطة للسنة المقبله، اما المجلس الثاني فليس له اي دور ولم تتحقق اهدافه.
التقسيمات الأداريه في العهد الجمهوري
في هذا العهد بقيت التقسيمات الأدارية كما هي عليه سابقا وقد صدر تعديلا لقانون ادارة الألوية في سنة 1959 م، وبمقتضاه انشأت الأدارات المحلية في جميع الألوية ولها مجالس مستقله وميزانية لكي تكون نموذج للأداره اللا مركزية. وكان الهدف رفع مستوى الألويه، لكن هذا القانون لم يجد شيئا من التطبيق سوى الشكل فقط.
عند استلام السلطة من قبل حزب البعث عام 1968 م شرع قانون المحافظات رقم159 لسنة 1969 م الذي نص فيه على تشكيل المجالس المحليه والبلديه واعطى بموجبه صلاحيات واسعه للمحافظين ورؤساء الوحدات الأدارية، لكن هذا القانون بقي حبرا على ورق ولم ينفذ منه شيء عدا الشكل والمسميات فقط حيث استبدلت اسماء الألويه الى محافظات، واستحدثت اربعة محافظات جديده هي محافظة المثنى عام 1970 م ومحافظة دهوك 1975م ومحافظة النجف 1976م. كما استبدلت اسماء بعض المحافظات باسماء تأريخية مثل نينوى ومركزها الموصل والتأميم ومركزها كركوك والقادسيه ومركزها الديوانية وذ ي قار ومركزها الناصرية وبابل مركزها الحلة وواسط مركزها الكوت والأنبار ومركزها الرمادي.