فبراير 4, 2025
b7d7999a-85c5-4203-9415-3767cc5cb91d

انوار داود الخفاجي

تُعدُّ ظاهرة العنف ضد الأطفال من القضايا الاجتماعية الخطيرة التي تؤثر على مستقبل الأجيال القادمة، إذ تتسبب في أضرار نفسية وجسدية خطيرة، وقد تؤدي إلى تأثيرات طويلة الأمد على شخصية الطفل وسلوكه. وفي العراق، تفاقمت هذه الظاهرة نتيجة لعوامل اجتماعية واقتصادية وثقافية وأمنية مختلفة. فيما يلي أبرز الأسباب التي أسهمت في انتشار العنف ضد الأطفال في المجتمع العراقي:

*الاضطرابات الأمنية والنزاعات المسلحة*

عانى العراق لعقود من الحروب والصراعات الداخلية التي أثرت بشكل مباشر على الأسرة والمجتمع، مما خلق بيئة غير مستقرة زادت من معدلات العنف، سواء داخل الأسر أو في الأماكن العامة. فقد تعرض العديد من الأطفال لمشاهد العنف والقتل والتهجير، ما جعلهم أكثر عرضة للعنف الأسري والمجتمعي، حيث أصبح العنف وسيلة للتعبير عن الغضب والإحباط.

*التدهور الاقتصادي والفقر*

يُعد الفقر من أبرز الأسباب التي تدفع الأسر إلى ممارسة العنف ضد الأطفال. فالضغوط الاقتصادية تؤدي إلى زيادة التوتر داخل الأسرة، مما يجعل الآباء أكثر عرضة للانفعال واستخدام العنف كوسيلة للتأديب. كما أن العديد من الأسر الفقيرة تضطر إلى تشغيل أطفالها في سن مبكرة، مما يعرضهم للاستغلال والعنف في بيئات العمل القاسية.

*العادات والتقاليد الاجتماعية*

لا تزال بعض العادات والتقاليد في العراق تبرر استخدام العنف ضد الأطفال باعتباره وسيلة للتربية والانضباط. إذ يُنظر إلى العقاب البدني على أنه ضرورة لتنشئة الأطفال بطريقة “صحيحة”، مما يجعل من الصعب تغيير هذه الثقافة. كما أن بعض العائلات تمنع الأطفال من التعبير عن أنفسهم، مما يعزز ثقافة الصمت والخضوع للعنف دون مقاومة.

*ضعف القوانين والتشريعات الرادعة*

على الرغم من وجود بعض القوانين التي تحمي الأطفال من العنف، إلا أن تطبيقها يظل ضعيفًا، مما يساهم في استمرار الظاهرة. كما أن عدم وجود قوانين واضحة تُجرّم العنف الأسري يجعل من الصعب معاقبة مرتكبي العنف ضد الأطفال، خاصة إذا كان العنف يحدث داخل نطاق الأسرة.

*غياب الوعي التربوي والأسري*

يفتقر العديد من الآباء إلى أساليب التربية الحديثة التي تعتمد على الحوار والتفاهم بدلًا من العنف. فالكثير منهم يمارس أساليب التربية القاسية دون إدراك التأثير السلبي لها على نفسية الطفل. كما أن غياب البرامج التوعوية والتثقيفية حول حقوق الطفل يزيد من تفشي الظاهرة.

*التأثير النفسي والاجتماعي للحروب والصراعات*

الأطفال الذين نشأوا في بيئات مليئة بالعنف والصراعات يكونون أكثر عرضة لتكرار أنماط السلوك العنيف في المستقبل. فالتجارب القاسية التي يمر بها الطفل في صغره تؤثر على تكوينه النفسي، مما قد يجعله أكثر ميلًا لممارسة العنف عندما يكبر، سواء ضد أقرانه أو داخل أسرته المستقبلية.

 في خلاصة القول يُعتبر العنف ضد الأطفال مشكلة معقدة تتطلب تضافر جهود المجتمع والحكومة للحد منها. ومن الضروري تعزيز الوعي بأهمية التربية الإيجابية، وتفعيل القوانين التي تحمي الأطفال من العنف، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي لهم. كما يجب العمل على تحسين الظروف الاقتصادية والتعليمية للأسر لضمان بيئة آمنة ومستقرة للأطفال، مما يسهم في بناء مستقبل أكثر أمانًا وعدالة للأجيال القادمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *