سلمان رشيد الهلالي
لايمكن حصر جميع الغرائب التي يطرحها العراقيون بالفيس بوك من التصرفات والسلوكيات , ولكن يمكن عرض الدارج هذه الايام , وهو ان الكثير من العراقيين – وخاصة الناشطين والمدنيين والتشرينيين – تجدهم ينتقدون ويهاجمون ويسخرون من الافراد الذين يستقبلون او يمدحون او يزورون او يرحبون باي سياسي (جيد او غير جيد) , بل وربما شتموه واعتبروه لوكيا وذيلا وتابعا وخادما ومرتزقا ولاحوكيا وانتهازيا للسلطة , فيما الغريب والعجيب تجد ان نفس هولاء الافراد يستقبلون السياسيين الاخرين ويرحبون بهم , او يمدحونهم ويتملقون لهم وياخذون معهم الصور , او ينظمون لهم الندوات والمحاضرات , او يلبون دعواتهم بالمناسبات الشخصية والعائلية والانتخابية والمحاضرات وغيرها , سواء اكانوا من الوزراء او النواب او المحافظين السابقين او الحاليين , ولانعرف بصراحة تفسير ذلك بدقة ؟؟؟ !!!!
وهذا الامر لانقصد به او يقتصر على اتباع الاحزاب السياسية الذين يتهمون الاخرين بالواكة عندما يمدحون او يستقبلون سياسيا معينا , فيما تجدهم يمدحون اتباعهم , ويرحبون بهم حتى لو كان فسادهم واصل للضالين .. لان الولاء لاحزابهم وفائدتهم والامتيازات التي حققوها تمنعهم من التصرف السليم والعقلاني , بل الامر الذي نقصده الافراد المستقلين – او يدعون ذلك على الاقل – وقد يفسر الكثير من الناس هذا العمل بالنفاق والانتهازية والبحث عن المصلحة وغيرها , فيما ان الامر ابعد من ذلك , وبينت قسما كبيرا منه في مقالتي في موقع (الحوار المتمدن) قبل اكثر من اربع سنوات وهى (من غرائب العراقيين – يصفها بدولة العصابات ويتمنى العمل معها) وذكرت الاسباب الاجتماعية والنفسية والسياسية لذلك . الا اننا وجدنا ان هناك اسبابا اخرى لهذا العمل منها :
1 – السبب السياسي : ان العراقي ليست عنده تلك المشكلة الحقيقية مع السلطة , لانها لاتخالف افكاره وقيمه بتحقيق الفائدة ونيل الحقوق والمكتسبات والمناصب والامتيازات والغنائم والفساد والسرقات والعقود وغيرها , وانما خلافه ومشكلته مع الدولة التي تريد منه الواجبات والالتزامات , وكما بينا سابقا ان الدولة جسم غريب عن المجتمع العراقي وطبيعته وقيمه البدوية والعشائرية الحقيقية , فيما ان السلطة متلازمة معه , والدليل ان الدولة في العراق اسسها الانكليز عام 1921 والامريكان عام 2003 , فيما كان عمل العراقيين فهو تدمير الدولة بالفوضى والفساد والتسيب والتحريض والهجوم وتقريب السلطة من اجل المناصب والامتيازات والاموال , واذا كان هيغل يقول (الدولة اله يمشي على الارض) فانها عند العراقيين (شيطان محلق بالسماء) .
وليست السلطة فقط هي القريبة لقيم العراقيين وانساقهم الاجتماعية , وانما الاحزاب السياسية ايضا , فالعراقي يرفض الدولة ويهاجمها , فيما يقرب الاحزاب وينضم اليها , وهى مفارقة عجيبة وغريبة , والسبب لان الاحزاب من اهم المعاول لتدمير الدولة من جانب , وتحقيق المكاسب والمناصب والامتيازات والعقود والفساد من الدولة من جانب اخر , سواء اكان قبل السقوط او بعدها والسبب – كما ذكرت سابقا – ((لان الحزب عشيرة سياسية)) , وتجد فيها رئيس الحزب يشبه شيخ العشيرة العموم , وشيوخ الفروع يشبهون رؤساء الفروع بالمحافظات وغيرها من التقاليد والعادات والتضامن والاتحاد وانصر اخاك ظالما او مظلوما وجمع الاموال . رغم ان وجودهم وحياتهم ومناصبهم واموالهم من الدولة وليس من الاحزاب , ولولاها لبقوا صعاليك وفقراء يعيشون على هامش الحياة والتاريخ …
2 – السبب الاجتماعي : وهو ماذكره علي الوردي بان (العراقي اكثر هياما بالمثل العليا واكثر الناس ابتعادا عنها) . فالمثل العليا المدنية التي وفدت عليه من تراثه الحضاري القديم , تفرض عليه ان يكون مثاليا وثوريا واصلاحيا في طرحه , فيما ان قيمه الريفية والعشائرية تفرض عليه الانتهازية والغنيمة والبرغماتية والواقعية واستغلال المكاسب والفرص . كما ان العراقي معروف عنه تقريب السياسيين المخيفين ومناصريهم واتباع احزابهم , او لديهم اتباع قافلين , فيما يسخرون وينقدون ويهاجمون السياسيين المعتدلين والمتحضرين . لذا تجد مصداق ذلك في منشورنا , حيث تجد هجوما على السياسيين ويصف من يمدحهم بالوكية , فيما هو نفسه يمدح ويقرب السياسيين المخيفين .
الا اننا نختلف مع علي الوردي بعدم وصف هذا العمل بالنفاق , لانه يعتقد ان تصرف العراقيين هذا هو تصرف لاشعوري او واعي , لان العراقي بالاصل لايعرف بان لديه شخصيتان في داخله (شخصية مدنية وحضرية وشخصية ريفية وعشائرية) وبالتالي يخضع لنظامين من القيم بدون وعي , فيما ارى ان الصحيح هو اذا كان هذا العمل ياتي من الانسان العامي البسيط والجاهل بالسلوك , فانه ليس بنفاق وتصرف عفوي , ولكن اذا جاء من الانسان الواعي والمثقف والمتعلم , فانه يمكن وصفه بالنفاق والانتهازية .
للكاتب سلمان رشيد الهلالي المحترم..
تحية طيبة..
لماذا اذن ملايين العراقيين هاجروا بحثا عن الدولة و مؤسساتها ليطمئنون باوطان جديدة.. ويخضعون للدولة من حقوق وواجبات.. وليس بحثا عن السلطة؟
ثانيا:
ملايين العراقيين بالداخل نادمين لانهم لم يهاجرون بوقت كانت لديهم فرصة بذلك.. بحثا عن وطن ودولة تحكمهم؟
ثالثا:
تم سؤال احد الاكاديميين اللبنانيين بالحرب الاهلية اللبنانية قبل عقود.. (كيف لك ان تكون جزء من مليشيات واحزاب طائفية) وانت اكاديمي.. قال (لو لم انتمي لكنت ضحية للطائفة الاخرى.. وا لاخطر ساعتبر عدو لطائفتي ويتم مضايقعتي حتى بمعيشتي)..
رابعا:
ما دور الدولة المرسومة بصورة العقلية العراقية.. مومروثة من العثمانيين بارسالهم للحروب ولا يعود منهم احد كدكة ابن رشيد والغربية.. ونبفس الوقت الدولة لم تقدم للشعب ما يطمح له من خدمات واعمار و فرص عمل .. وحتى الفترات القصيرة التي يمكن ان نقول حصل بها اعمار.. فجئة تذهب هباءا من قبل سلطة الحكم بالدولة..
خامسا:
كيف تفسر اغلب الشعب قاطع الانتخابات وانتفض بتشرين.. فلماذا نظريتكم بان العراقيين مع السلطة وليس مع الدولة؟ كيف اذا الشعب بغالبيته رفض سلطة الاحزاب والمليشيات الموبوءة بالفساد والعمالة والفشل وباديولوجيات مسمومة شمولية عابرة للحدود قومية و اسلامية وشيوعية مصدرة للعراق من خارج حدوده..
تحياتي..