القهر الاجتماعي البعــثي كما تدرسه الدكتورة أمل الأسدي

علي المؤمن

الكتابة عن جرائم نظام البعث تحتاج إلى جلد وقوة قلب وأعصاب، لأنها تجدد مشاعر الغضب والوجع واللوعة والاكتئاب، وتنكأ جروح تلك الحقبة الحالكة السواد وقروحها وطعناتها؛ فهي جرائم تتجاوز حدود التصور، ولم تعرف البشرية مثيلاً لها، ولا تقتصر على مجال حياتي دون آخر.. من جرائم الإقصاء العنصري والطائفي، إلى جرائم الإبادة الجماعية والقتل، إلى جرائم الاعتقال والتشريد والتهجير، إلى جرائم الاستبداد والدكتاتورية ومصادرة الدولة لمصلحة الحاكم الفرد ثم الأُسرة ثم الحزب، إلى الجرائم الاجتماعية وتمزيق المجتمع والتدمير الثقافي المجتمعي، إلى جرائم الحروب ضد دول الجوار، إلى الجرائم المعيشية التي أفقرت الشعب، إلى جرائم سرقة ثروات الشعب، إلى الجرائم القضائية، والسلسلة لا تنتهي. 

    ورغم هذا الوجع العميق الذي يعانيه الباحث والكاتب والإعلامي والأديب والخطيب، وهو يكتب عن جرائم النظام البائد ويعرضها ويكشفها؛ فإن هذه المهمة تبقى واجباً وفرضاً، دينياً ووطنياً وإنسانياً، بهدف اجتثاث ما تبقى من ثقافة البعث وأدبياته وحضوره السياسي والاجتماعي، وتحصين المجتمع العراقي من أي اختراق دعائي وسياسي واجتماعي محتمل للبعث، والتصدي لمحاولات تزييف التاريخ العراقي المعاصر، فضلاً عن واجب إحياء ذكرى ضحايا النظام، وخاصة الشهداء والمسجونين والمشردين والمهجرين، وعوائلهم، وكل من عانى التمييز والإقصاء والفقر والعوز وفراق الأحبة.  

    ولعل جرائم القهر الاجتماعي هي من أبشع الجرائم الخطيرة الخفية، والتي يمكن تلمس آثارها الاجتماعية والثقافية بوضوح في الواقع العراقي، ولا يزال كثير من هذه الآثار قائمة، وستبقى. ومن الباحثين الذين يحملون وعياً عميقاً بضرورة الكشف عن هذا الجانب المظلم، ويتحملون عبء تداعي أوجاعه وقهره؛ الباحثة والأكاديمية العراقية الدكتورة أمل محمد الأسدي، كونها بنت المحنة والمعاناة، ومن عائلة شهداء ومضحين ومجاهدين؛ إذ تتميز كتاباتها في هذا المجال بالعمق والوضوح والإحاطة، فضلاً عن دقة المنهج. 

وآخر نتاجاتها في هذا المجال، كتاب «القهر الاجتماعي: نظام البعــث ونهجه في تدمير المجـتمع العراقي»، وهو كتاب قيم ومهم لتوثيق سنوات الجمر البعثية، وخاصة في بعد القهر الاجتماعي. وقد قرأته بعناية؛ فوجدته يستوفي عنوانه المعبر.

    أدعو جميع العراقيين وقراء العربية لمطالعة هذا الكتاب، ليتعرفوا على جزء يسير من حقبة العذاب والموت البعثية الصدامية. وقبل ذلك؛ أُبارك للدكتورة أمل الأسدي هذا الجهد الذي يثقل ميزان حسناتها، ويحقق لها رضا الله ورسوله وآل بيته.                                                                                                                  ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لمتابعة “كتابات علي المؤمن” الجديدة وارشيف مقالاته ومؤلفاته بنسخة (Pdf) على تلغرام: https://t.me/alialmomen64

One thought on “القهر الاجتماعي البعــثي كما تدرسه الدكتورة أمل الأسدي

  1. حقبت البعث ولت.. ولكن حقبت الاسلاميين الشيعة ذيول ايران بفسادهم بالعراق لم يولي لحد اليوم..

اترك رداً على حسين كاظم إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *