أدهم-الشبيب

ادهم شبيب

وجدت رجلا طيبا يعاتب الحكام العرب الأغنياء على عقد صفقات مع امريكا والاستثمار فيها لعيون ترامب او لأجل “تقوية التحالف” كما يظن ، وعتابه ليس اعتراضا على الصفقة انما يرشدهم الى استغلالها مقابل مطالب سياسية كما تفعل الدول المتقايضة جميعها فيقول مثلا : ال سعود يستثمرون 600 مليار دولار مع ترامب مقابل لا شيء وبدلا من ذلك يمكن ان يشترطوا فتح المساعدات الغذائية والدوائية لغزة على الأقل ! 

سقتٌ هذا المثال للتنبيه الى جدلية ليست جديدة لكن برزت و وضحت في العقد الاخير خصوصا وهي “حكام العرب مع مَن”؟ وقد تجادلنا في أول الامر مع مثقفين كثيرين كانوا -قبل سنوات-يعتبرون كلامي حول عمالة الحكام العرب ضربا من المبالغة وليس شكلا من التحلبل والتوصيف ، 

اخي المواطن الغيور والمثقف العزيز : فَهم الحالة المرَضية جيدا يساعد في معالجتها مبكرا ، وكلما تاخر التشخيص صعب العلاج ، 

تساؤلك او نصيحتك بهذا الشكل تدل على براءة وجدانية لا تناسب واقع الامور ، أولا يجب ان تدرك ان صاحب الصفقة وامثاله وحلفاءه ابناء عمومته وجيرانه من نظرائه هم ليسوا معك ومع قضاياك لتعاتبهم على ذلك وان كانوا حكامك والمسؤولين -قانونا-عن رعاية شؤونك . 

هذا هو الواقع الذي يجب ان تدركه ، نحن مصيبتنا لم تجر على اي دولة ولا اي جيل منذ بدء الحضارة ونشوء القبائل وتاسيس الدول ، اخي ،، الحاكم الذي تستغرب كيف لم يستغل صفقة اقتصادية لفوائد سياسية او اجتماعية او حتى تعليمية هو ليس جاهلا بذلك او يفتقر لحاشية من المستشارين تنصحه او ان الدولة بملايينها خَلت من شخص واحد ذكي يدرك ما ادركته انت من الخطا التفاوضي والتعاقدي ، إنما هذا الحاكم متعمد ان يعطي ولا ياخذ الا ما يديم كرسيّه ، وهم يدعمونه لانه يؤدي ذلك ويرضون عنه لأنه يهتم بمصالح شعوبهم وليس شعبه الذي انت منه ، وهذا ليس الحاكم الوحيد او الخطا الوحيد او البلد الوحيد بين بلدان العرب ، 

انظر الى العراق يستورد من تركيا عشر انتاجها ويساهم بعشر ميزانيتها وهو جار ملاصق يزوّدها بالنفط المخفّض ولكن لا يستطيع ان يجبرها-بالمقابل-على اطلاق حصته الكاملة من المياه او ان تُعامِل مواطنيه الزائرين بطريقة لائقة ، ويُدخل ملايين الزوّار الايرانبين بدون تاشيرة ويدفع مصاريفهم ويشتري غازهم المحاصر ومنتجاتهم المعاقَبة ددوليّا ويهرّب لهم الدولار من خزينته ولكن لا يستطيع ان ياخذ مقابل ذلك ايّ منفعة حتى وان كانت “منع ارسال المخدرات” ،

 وكذلك تفعل مصر مع اثيوبيا وافريقيا ومع اسرائيل فتعطيهم ولا تأخذ منهم ، ومثل ذلك تفعل تونس والمغرب والجزائر مع اسبانيا واوربا فيعطونهم العمال والكفاءات والمواد الأولية ويساهمون بإقامة اقتصادهم ولا يقايضون ذلك حتى بكرامة مهاجريهم العاملين ، ويفعل كذلك اهل الخليج مع امريكا وكندا وتفعل ليبيا مع تركيا وروسيا ، الجميع بالجبن نفسه والعمالة نفسها فلا تتعب نفسك بالحسرة والأسف او تكلّف خاطرك بإسداء النصيحة فهم يعرفونها خيرا منك ،

 ويعرفون ان الزراعة سلاح وان اراضي بلادهم خصبة ويعرفون ان الصناعة قوة وان ثروتهم البشرية مؤهلة ويعرفون ان التعليم تقدُّم وان لديهم اموالا ليقوّموه ، ويعرفون ان السلاح عزّ وان الوحدة قوة ، ولكن تغيب لديهم النيّة ويفتقدون الوطنية وتنقصهم الغيرة وتُلزمهم العمالة ويمهّد لهم ذلك كله ويشجعّهم عليه سكوت وسذاجة امثالي وامثالك من الشعوب النائمة ، و إذ فات الأمرُ عليّ وعليك ومضى زمانُنا فأرجو ان تُعلّم ذلك لإبنك وأنا سأعلم ذلك لطلّابي علّهم يتداركون ، 

تحياتي

ادهم الشبيب 8 آذار 2025

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *