images (1)

سلام عادل

لهذا تعتبر المكاسب الاقتصادية كبيرة في حال ذهب شيعة العراق إلى الاستقلال بدولة تبدأ حدودها من سامراء إلى البصرة، لكونه سيؤدي إلى الاحتفاظ بأموال تقدر بنحو 45 مليار دولار من الموازنة السنوية يجري في العادة تبذيرها على مناطق السُنة والأكراد

كتب / سلام عادل

أثار الجدل الأخير، حول إمكانية استقلال شيعة العراق بدولة، الحوارات السياسية على كافة المنصات، باعتباره يمثل افكاراً من خارج الصندوق، أو على الأقل هي محاولة للخروج من المحاصصة، التي أضعفت البلاد وتسببت بشلل واضح في إدارة الدولة على مدار الدورات النيابية الخمسة، التي أنتجت سبع حكومات وبددت ميزانيات وموارد هائلة، فضلاً عن الكثير من الأزمات والمشاكل الداخلية والخارجية والمفتوحة على مختلف أشكال السيناريوهات.

ولعل مشروع دولة العراق الشيعي المستقلة، والمطروح حالياً للتداول بين الأوساط السياسية والنخبوية، له مقدمات تعود لفترة المعارضة في التسعينيات، وجرى الكتابة والتنظير له من قبل مجموعة مفكرين، أتذكر من أبرزهم رئيس مجلس الحكم الشهيد عز الدين سليم حين كتب سلسلة مقالات منشورة في صحيفة كيهان، إضافة إلى بعض الخطوط العريضة في كتابات الأستاذ حسن العلوي، (كتاب الشيعة والدولة القومية وكتاب بيت الطين)، إلى جانب تأسيسات أولية على شكل فيدرالية طرحها السيد عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، ونالت مقبولية النجف آنذاك.

وكانت مقدمات مشروع الاستقلال الشيعي تستهدف العيش بسلام وفق قواعد حسن الجوار مع المكونات الاخرى ودول الجوار، والمنطلق في ذلك خصوصية الشيعة ورغبتهم في الحفاظ على هويتهم الجامعة ومقدساتهم والإرث الحضاري، وهو ما يكشف عن رغبة الشيعة بأن يكونوا طرفاً إيجابياً وفاعلاً في المنطقة، التي شبعت حروباً ونزاعات واستنزفت موارد كبيرة دون أي فوائد تنعكس على السكان وحركة التنمية البشرية.

ومن هنا صار الحديث اليوم عن الاستقلال الشيعي في العراق يأخذ بعداً أعمق من التصورات الوجودية أو الدينية أو السياسية، لكونه يرى في المصالح الاقتصادية أهمية أخرى مضافة، وسط عصر مليء بالتحديات الاستهلاكية والبحث عن الموارد، وخصوصاً حين صار شيعة العراق ينفقون جزءاً كبيراً من وارداتهم على المناطق السُنية والكوردية دون أن تساهم تلك المناطق بما يعزز الخزينة العامة، لا من وارداتها وضرائبها ولا حتى من مواردها الطبيعية، وهو ما خلق تفاوتاً وتسبب بنسب فقر وحرمان وقعت على رأس المحافظات ذات الأغلبية السكانية.

وبحسب الموارد المتاحة لشيعة العراق، الذين قد يصل عددهم إلى قرابة ثلاثين مليون نسمة، يمكن أن يرتفع مستوى دخل الفرد الشيعي ما بعد الاستقلال إلى ما يضاهي مستويات دخل المواطن الكويتي أو السعودي أو الإماراتي، وربما يرتفع إلى ما فوق مستوى دخل المواطن القطري، وذلك بمنظور العائد من واردات النفط فقط، إذا ما أضفنا أرباحاً أخرى تتعلق بالاستثمار والعمل ومكتسبات التبادل التجاري والزراعي والصناعي، بلحاظ الجغرافيا الشيعية الغنية والواعدة بالفرص.

ولهذا تعتبر المكاسب الاقتصادية كبيرة في حال ذهب شيعة العراق إلى الاستقلال بدولة تبدأ حدودها من سامراء إلى البصرة، لكونه سيؤدي إلى الاحتفاظ بأموال تقدر بنحو 45 مليار دولار من الموازنة السنوية، مستحصلة من واردات نفط الشيعة، يجري في العادة تبذيرها على مناطق السُنة والأكراد، بعضها يُصرف كمخصصات لحكومة الإقليم، والأخرى مخصصات صندوق إعمار المناطق المتضررة وتنمية الأقاليم، علاوة على حصص إدارة المحافظات الشمالية والغربية، وهي محافظات لا تساهم في الدخل القومي على الإطلاق.

وفي الختام .. في حال حصل الاستقلال الشيعي، فسوف يحصل كل فرد شيعي من سكان الوسط والجنوب، في أول سنة ما بعد الاستقلال، على مليون دولار من عائدات 45 مليار دولار ستعود لخزينة الدولة الشيعية المستقلة، وسوف تتوفر معها وظائف وفرص عمل لملايين الشيعة في عموم القطاعات الحكومية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *