download

رياض سعد

الشر ليس شذوذًا عابرًا، بل هو النَّسَق الخفي الذي يُحرك عجلة الوجود… ؛ فمنذ فجر التاريخ، والإنسان مُحاصرٌ باختيارٍ مرير: إما أن يكون وقودًا للشر، أو أن يُداري شروره بذكاءٍ كي لا يُسحق تمامًا.

 لن تنجو أبدًا من الوقوع في شباكه، سواءٌ أدركت ذلك أم لا، فحتى “الخيّرون” منهمكون في لعبةٍ يقبلون فيها “الشر الأهون” كي يهربوا من شرٍّ أعظم… ؛ و تلك هي القاعدة التي يُدار بها العالم: صراعٌ لا ينتهي، تُخفي وراءه القوى العظمى قبضتها على خيوط الدمى. 

السلام الدائم مجرد أوهامٍ تُبث في عقول المثاليين كي يناموا قريري الأعين بينما تُحاك المؤامرات في الخفاء… ؛  انظر إلى التاريخ : كل حقبة “سلام” كانت مجرد هدنةٍ مؤقتةٍ تختزن في أحشائها بذور الحرب التالية… ؛  والحقيقة التي لا يُريدونك أن تعرفها هي أن “النور” الذي تتحدث عنه لا يولد إلا بعد أن تُحرق القرى وتُزهق الأرواح… ؛ فالحرب ليست حدثًا استثنائيًا، بل قانونٌ طبيعي يُجدد دماء النظام العالمي البالي. 

لا تغترّ بصراخ المناضلين أو دموع الإنسانيين؛ فالبلدان والاوطان تدور فوق بحرٍ من الدماء، وكل “انتصارٍ للخير” ما هو إلا تغييرٌ في وجوه اللاعبين، لا في قواعد اللعبة.

الأقوياء يدركون أن “الاستقرار” وهمٌ خطير، وأن الفوضى المُحسوبة هي الضامن الوحيد لبقائهم… ؛  لذلك، تراهم يلقون بشرار الصراع هنا وهناك، كي لا تنطفئ النيران تمامًا. المجازر؟ الكوارث؟ الحرائق؟ كلها أدواتٌ في يد من يمسك بورقة قواعد اللعبة ، أدوارٌ مكتوبةٌ بدمٍ باردٍ لتحقيق معادلة الرعب المُربحة. 

والأكثر إيلامًا أنك أنت نفسك قد تُصبح – دون أن تدري – جزءًا من آلة الشر هذه… ؛  فالفوضى العارمة لا تسأل عن نواياك، بل تبتلعك في دوامتها، وتجبرك على أن ترفع سلاحًا كنت ترفضه بالأمس… ؛ و ستجد نفسك فجأةً تبرر ما كنت تستنكره في السابق ، وتقاتل في معركةٍ ليست معركتك، وتُحطم مبادئك واحدةً تلو الأخرى، فقط كي تنجو من السحق… ؛  حينها، ستعلم أن “القناعة” مجرد درعٍ هشّ، وأن “الوعي” وحده لا يكفي لإنقاذك من الدور الشرير الذي كُتب لك. 

اللعبة مستمرة، سواءٌ أغمضت عينيك أم فتحتهما… ؛ والظلام لن يزول، لأن النور الحقيقي لم يُخلق أساسًا إلا ليكون أداةً للتحكم… ؛ فاختر: إما أن تظل حالمًا تُنشد السلام في عالمٍ لا يعرف سوى لغة القوة، أو أن تتعلم قواعد اللعبة القذرة كي تنجو، ولو مؤقتًا، من أن تكون مجرد رقمٍ في سجل الضحايا.

فالهروب من الشر مستحيل ؛ وسنكون جزءا منه شئنا ذلك ام أبينا… ؛ ونادرا ما ينتصر الخير على الشر ؛ والسلام المطلق والدائم والشامل مجرد اكذوبة لم ولن تتحقق على سطح الأرض… ؛ لان الكبار يعتقدون ان السلام الدائم والاستقرار الشامل يعني الركود والركود يعني السقوط ؛ والبقاء يتطلب التوازن بين الاطراف , وهو بدروه يتطلب استمرار الصراعات وديمومة النزاعات ولكن من دون انهيار كامل وشامل ؛ نعم ان الذين يتحكمون بهذه الفوضى والصراع والحروب لا يختلفون الفوضى والحرب عبثا او اعتباطا ؛ او لا اقل هم يعتقدون بذلك .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *