
فاضل حسن شريف
جاء في موقع الزيدي عن عقيدة الخلود في ميزان الثقلين (كتاب الله – أهل البيت): قال الله تعالى: “وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا” (النساء 18). الشّاهد: الخطابُ هُنا لأهل القبلَة من المُسلمين، وفيه تأمّل أخي الباحث امتناع الله تعالى من قبول التوبة حال غرغرة النّفس واقتراب أجلِها، وتأمّل وعيدهُ لمن ماتَ ولم يَتُب في قوله: “أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا” (النساء 18)، ستجد أنّه جلّ شأنه يعتذرُ عن أيّ مغفرَة مُستقبليّة لهؤلاء الفسَقَة المُصرّين، والمغفرة متى انتفَت كانَ الخلود في النّار.
عن موقع عرفان: بعد أن أخرجت عقائد الزيدية من كتاب البحر الزخار، وقفت على رسالة مختصرة باسم العقد الثمين في معرفة ربّ العالمين لموَلّفه العلامة الاَمير الحسين بن بدر الدين محمد المطبوع باليمن، نشرته دار التراث اليمني صنعاء، ومكتبة التراث الاِسلامي بصعده وهي من أوائل الكتب الدراسية في حقل أُصول الدين والموَلّف من أجلّ علماء الزيدية، وأكثرهم تأليفاً وتعد كتبه من أهم الاَُصول التي يعتمد عليها علماء الزيدية و يدرسونها كمناهج. فصل (في معرفة القرآن) فإن قيل: فما اعتقادك في القرآن؟ فقل: اعتقادي أنّه كلام اللّه تعالى، وأنّه كلام مسموع محدثٌ مخلوق. فإن قيل: فما دليلك على ذلك؟ فقل، أمّا قولي: إنّه كلام اللّه تعالى، فلقوله تعالى: “وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ المُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّه” (التوبة 6)، المعلوم أن الكلام الذي سمعه المشركون ليس بشيء غير هذا القرآن، ولاَنّ المعلوم ضرورة أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يدين ويخبر بذلك، وهو لا يدين إلاّ بالحق، ولا يخبر إلاّ بالصدق، لاَنّ ظهور المعجز على يديه قد استأمن وقوع الخطأ فيما يدين به، وظهور الكذب فيما يخبر به. وأمّا قولي: إنّه مسموعٌ فذلك معلوم بالحسّ ولقوله تعالى: “إِنّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً” (الجن 1) والمعلوم ضرورة أنّ ذلك المسموع هذا القرآن. وأمّا قولي: إنّه محدَثٌ، فلاَنّه فعل من أفعاله تعالى، والفاعل متقدم على فعله بالضّرورة، ومايتقدمه غيره فهو مُحدَث، ولاَنّ بعضه متقدم على بعض، وذلك يدل على أنّه محدَث، ولقوله تعالى: “مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍج” (الاَنبياء 2). والذكر هو القرآن، لقوله تعالى: “وإنّهُ لَذِكْرٌ لكَ ولِقَوْمِكَ” (الزخرف 44)، أيْ شَرَفٌ لك ولقومك. وأمّا قولي: إنّه مخلوقٌ، فلاَنّه مُرَتَّبٌ منظومٌ على مقدارٍ معلومٍ موافقٍ للمصلحة. بهذه الصِّفةِ المنزَّلة جَازَ وَصفهُ بأنّه مخلوقٌ، ولِما رواه عمر بن الخطاب، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: “كان اللّه ولا شيء ثم خلق الذكر”، والذكر هو القرآن كما تقدم. ثم قل: وأعتقد أنّه حقّ لا باطل فيه، لقوله تعالى: “وَإِنّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ” (فصلت 41 – 42). ثم قل: وأعتقد أنّه لا تناقض فيه ولا تعارض ولا اختلاف، “وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُوْا فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثيراً” (النساء 82).
قال الإمام زيد بن علي عليه السلام: (فَسلهُم عَن أصحَاب الموجِبَات (أي الموبِقات، الكبائر)، هَل وَعَدهم اللّه تعالى النّار عليها، أم لا؟ فإن شَهدوا أنَّ اللّه تعالى قَد وعَدَهم النّار عليها، فقل: أتشهدُون أن اللّه سبحانه وتعالى سُينجِزُ وعدَه، أم فِي شكٍّ أنتُم لا تَدرون هَل يُنجزُ اللّه وعدَهُ أم لا؟ فَارضَوا بِمَا شَهِد اللّه به واشهَدوا عَليه ولا تَرتابوا، فإن اللّه جل وعلا قَال: “وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ قِيلًا” (النساء 122)، فَمَن حَدّثكُم حَديثاً بِخِلاف القُرآن فَلا تُصَدِّقُوه واتّهِموه، وليكُن قول اللّه عز وجل أشفَى لقُلوبكم مِن قَولهم: إنَّ أصحَاب الموجبات فِي المشيئة، وكَذلك مَن شَاء أن يَغفِرَ لَه مِن أهل القِبلة يَترُك الموجِبات لا يَعمَل بها، فَإن عَمِل بِشيء مِنها ثمّ تَاب إلى اللّه تعالى قَبل أن يَمُوت فإن اللّه تعالى قال: “يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ” (إبراهيم 27)، فمَن مَات مُؤمناً دَخَل قَبرَه مُؤمناً، وبَعثه اللّه تعالى يَوم القِيامة مُؤمناً).
جاء في موقع الزيدي عن عقيدة الخلود في ميزان الثقلين (كتاب الله – أهل البيت): قال الله تعالى: “إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا” (النساء 145-146) الشّاهد: سَل أخي الباحث المُنصف أصحاب الشفاعة لأهل الكبائر، وعدم الخلود، عن مُنافقي أهل القِبلَة، هَل سيخرجونَ من النّار؟، هَل سيجدونَ لهُم ناصراً يشفَعُ لهُم، والله تعالى يقول لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم: “وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا” (النساء 145)؟ إن قالوا: نعم، سيخرجونَ من النّار بشفاعة الرّسول صلى الله عليه وآله وسلم، وهُو قولُهم. فقُل: قد كذّبتم الله تعالى في قوله: “إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا”. نعم ثمّ لا يفوتُك أخي الباحث أن تتأمّل متى سيغفرُ الله لأصحاب الكبائر من المُنافقين المُستحقين للخلود: “إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا”، فإنّ الله لا يَغفرُ لهم إلاّ بعد التوبَة والإصلاح، أمّا إذا أصرّوا، فإنّ الله لا يشاء لهُم المغفرة ولا الرّحمة، بل العذاب والخلود، وتأمّل قول الله تعالى في مُنافي أهل القبلة: “وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ” (التوبة 68).