الحرب النفسية والقرآن الكريم والروايات (ح 7)

الكاتب : د. فاضل حسن شريف
—————————————
جاء في کتاب التفسير الوسيط للدكتور محمد سيد طنطاوي: الحرب النفسية التي شنها أهل الكتاب على الدعوة الإسلامية، وردت عليهم بما يخرس ألسنتهم، ويبصرهم بالحق إن كانوا طلاب حق وساقت للمؤمنين من التوجيهات والعظات، ما يهدى قلوبهم، ويصلح بالهم ويكفل لهم النصر على أعدائهم. الحرب النفسية التي كان مشركو مكة يشنونها على الدعوة الإسلامية، بقصد تضليل البسطاء، والوقوف في وجه تأثير القرآن في القلوب، ومحاولة طمس معالم الحق ولو إلى حين.

جاء في شبكة المعارف الاسلامية الثقافية عن أهمية الحرب النفسية وضرورتها: تقوية معنويات المجاهدين وإيجاد روحية الشك في صفوف العدو: إنّ عمل كلّ إنسان، وميزان قوّته أو ضعفه في إنجاز هذا العمل، يرجعُ إلى معتقداته وتصوّراته التي يحملها. فالإنسان الذي يعتقدُ بفائدةِ عملٍ ما وضرورته، ينجزه بمنتهى القوّة والدقّة والمسؤولية. وإن كان متردّداً بشأنه، فإنّه يتركُه عندَ أول مشكلة يواجهها. ولهذا، يُعدُّ رسوخُ العملِ في معتقدات الإنسان، أهم عامل من الناحية النفسية في إنجازه وإتمامه. وبالالتفات إلى هذا الأمر، ولأجل أن يؤدّي المجاهدون في سبيل الله ما عليهم في ساحة الحرب بشكل صائب، ولا تظهر منهم أدنى بوادر الضعف والتراجع، ينبغي عليهم في البداية أن يقوّوا معتقداتهم، وأن يُهيّئوا أنفسهم عن طريق معرفة الحقّ وتمييزه عن الباطل. ومن جانب آخر، لإضعاف العدو يجب أن يعمل المجاهدون على أن تسودَ بينهم روحيّة الشكّ والضعف. فالأعداء الذين حضروا إلى ساحة القتال وهم يحملون عقائد واهية وباطلة، وهم يظنّون أنّها الحقّ، يمكن أن تُسلبَ القدرةُ منهم والمبرّرات بمجرّد بيان الحقائق والوقائع الصحيحة. ومثل هذا العدو، إن أمكننا أن نبدّل يقينه إلى شكّ، لن يحتاج بعدها إلى كثير عمل نقوم به في مواجهته، ويمكن هزيمته بسهولة. ولهذا السبب ذُكِرَ في الفقه الإسلامي لزوم الدعوة إلى الإسلام قبل جهاد العدو ومقاتلته. وفي سيرة المعصومين عليهم السلام ما يحكي عن ذلك بوضوح. فقد كان أمير المؤمنين عليه السلام خلال الحروب، يسعى بقوّة – قبل بدء المعركة – إلى هداية أعدائه وتغيير ما هم عليه، وذلك عن طريق إلقائه أو أحد قادته، لخطبة أو حديث على مسامعهم. وطبعاً لا تنبغي الغفلة عن أنّ العدو في هذا النوع من الحرب النفسية، يعمد إلى بذل جهود مقابلة لإضعاف قدرة المجاهدين. فرَفْع جيش معاوية للمصاحف على رؤوس الرماح في معركة صفّين كان لأجل تحقيق هذا الغرض، وهو ما أدّى بالفعل- وعن طريق إدخال الشكّ في نفوس كثيرين من جند الإمام علي عليه السلام إلى دفع هؤلاء الجنود للضغط على الإمام عليّ عليه السلام لقبول وقف الحرب والتحكيم المفروض. وقد نُقِلَ في بعض التفاسير5 أنّ البعض من أهل الكتاب كانوا يعمدون لأجل إيجاد روحية الشكّ والضعف في نفوس مسلمي صدر الإسلام، إلى الإيمان أوّل النهار والكفر في آخره، ليشكّكوا بهذه الوسيلة في صحّة الإسلام وصوابيّته، حيث يقول تعالى: “وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ” (آل عمران 72).

جاء في موقع براثا عن الحرب النفسية ومخاطرها للكاتب مانع الزاملي: ان الحرب النفسية تعتبر حرب العصر، حيث انها حرب تغيير السلوكيات والقناعات وميدانها ليس الفرد وانما تستهدف مجتمعات باكملها،وهي من اخطرالاسلحة، وبما ان الدول العدوة لايسعها دائما تحمل التكاليف الباهضة لحرب عسكرية، لذلك توجهت للغزو الروحي الذي يحقق الهدف دون خسائر كبيرة مع رفض شعوبها بالزج بأبنائها في اتون الحروب المشتعلة،لذلك انشأوا مكاتب تابعة لاجهزة الاستخبارات شغلها الشاغل التخطيط ووضع استراتيجيات لهذا النوع من الحروب،فالحرب النفسية هي مقدمة للحرب العسكرية، مثلما حصل في الحرب ضد العراق،فتم اطلاق الترسانة الاعلامية، تمهيدا للغزو لاحقا، ومن خصائص الحرب النفسية انها تدار في الخفاء وبغرف مظلمة، وباشراف خبراء لهذا الغرض، والشعب العراقي كان ولايزال منذ عقود ضحية هكذا حرب قذرة، استهدفت عقل ونفسية ومشاعر المواطن العراقي، وساعد على نجاح هذه الحرب ما حصل من تقاعس في انقاذ البلاد من وضعه البائس، ولم يقم المتصدون في استثمار النصر الكبير ضد داعش الخرافة، ومرد ذلك هو اختلاف الرؤى والاهداف والاساليب التي انتهجها وينتهجها الطيف السياسي الحاكم بكل تنوعاته، وافكاره،لذلك نرى ان الشارع يصدق بكل تهمة او اشاعة دون التحقق من مدى صدقها وساعد على انتشارها الانفتاح الذي وفرته قنوات التواصل الاجتماعي، دون رادع قانوني، ولعب اعداء العراق في الداخل دورا كبيرا في تشويه كل شي لدرجة، تسويق سنوات القهر والظلم والجوع والحصار والخوف،على انه زمن جميل مع الاسف.

ان الخلاص من التقهقر النفسي والفكري يتطلب نهضة شاملة وصادقة للوقوف بوجه عوامل الانحراف المفاهيمي الذي بدا ينتشر بحيث وصل للسخرية حتى من الرموز الكبيرة والمخلصة في حياة هذا الشعب الكريم، حيث التهم توجه لاهل التضحية والايمان وتشويه سمعة الذين قدموا ارواحهم فداء للعراق وشعبه واستقلاله وكرامته، وقد لعب ايتام صدام دورا كبيرا في تكرار مفاهيم وافكار عفى عليها الزمن، واخطرها هو نعت المجاهدين الاصلاء بالذيول او التبعية مع انهم من العرب الاقحاح والعراقيين الاصلاء وخصوصا اتباع مذهب اهل البيت عليهم السلام حيث نسمع كلمة ذيل تطلق من الابواق الخبيثة ضد كل شيعي في البلاد، ان ارجاع الحق الى نصابه هو التبيين والتصدي بشراسة ضد المتقولين والحاقدين، والعملاء الذين يبثون سمومهم لدرجة وصفهم داعش الخرافة بأنها صناعة شيعية ولعمري ان هذا الرأي يضحك الثكلى ويعبر عن تخبط وغباء صارخ، ورغم ذلك تلوكه الالسن التافهه دون تفكر، ان العدو واضح المعالم واجنداته معلومة المصادر وان وعد الله بهزيمة اعداء الحق واقعة لامحالة عندها سنتلوا جميعا قوله تعالى “جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا” (الاسراء 81).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *