مجزرة سبايكر وعشائر تكريت والقرآن الكريم (ح 4)

الكاتب : د. فاضل حسن شريف
—————————————
عن المركز العراقي لتوثيق جرائم التطرف العلاقة بين حزب البعث وداعش في مجزرة تكريت للكاتب عبد الهادي معتوق الحاتم: استهلَّ تنظيمُ داعش مشواره الحافل بالإبادات الجماعية بتنفيذه لمجزرة نزلاء سجن بادوش المروعة في العاشر من يونيو 2014، ومع أنَّ التنظيمَ قام لاحقا بتنفيذ مجازر وحشية أخرى في العراق وسوريا وليبيا ووسط وغرب إفريقيا والساحل ولا يزال يقوم بها حتى اللحظة إلا أنه أعطى غطاءً لمرتكبي مجزرة سبايكر من أبناء عشائر تكريت وفلول البعث ؛لذا كانت جريمة سبايكر علامة فارقة في سجله الدموي الطويل. ففي الوقت الذي تبنّى كيان داعش مرتكبي الجريمة ومشاركته لهم في إبادة أكثر من 2156 ضحية من طلبة القاعدة العسكرية المعروفة، صفّى بدم بارد أيضا عشرات من منتسبي أجهزة الشرطة والجيش من الطائفة السنية متراجعا عن وعدٍ قطعع لهم بالعفو عنهم، وسميت هذه المجزرة في وثائق التنظيم بمجزرة المستتابين. ونفّذ أيضا مجازر بحق بعض أبناءعشائر في الأنبار العراقية والمنطقة الشرقية في سوريا وفي سنجار شمال العراق، لكن ما يميز مذبحة سبايكر أن ضحاياها زادوا على الـ 2156 ضحية جرى توثيق إعدامهم بالفيديو. إنها ربما تكون أول إبادة جماعية في التاريخ يتم تصويرُها من زوايا متعددة مع حرص واضح على تسجيل الكلمات الأخيرة للضحايا واستغاثاتهم اليائسة إمعانا في التشفي. مجزرة إجرام تكريت هي عملية قتل جماعي وقعت في قاعدة سبايكر الجوية في تكريت ، بين 11-15 يونيو 2014. ولقد أعادت هذه المجزرة إلى الأذهان الجرائم الوحشية التي قامت بها حثالاتُ بعث المقبور صدام التكريتي .. فالأيادي التي قامت بهذه الجريمة البشعة هي أيادي بعثية وإن اتخذت مسميات أخرى أو أعلنت انتماءها إلى داعش. وعلى الرغم من محاولة مجرمي البعث وعشائر تكريت إلقاء التهمة على تنظيم داعش الإرهابي، وأن السبب الوحيد لهذه المجزرة هو داعش لكن عندما نراجع الأحداث ، نجد أنّ الاسم الأبرز في كارثة (سبايكر) هو: إبراهيم سبعاوي ، فضلاً عن شقيقه عمر سبعاوي وآخرين من أقاربه. و”سبعاوي إبراهيم التكريتي” الأخ الأكبر وغير الشقيق لصدام حسين ، الذي كان رئيس جهاز الأمن الداخلي لصدام خلال حرب الخليج ، كان يعدّ من أقارب صدام الموالين له حتى النهاية، وحكم عليه بالإعدام لارتكابه جرائم عديدة، ولقد مات في سجنه بسبب السرطان عام 2013. أطلق سبعاوي إبراهيم على نجله اسم “إبراهيم” تخليداً لذكرى والده ، وقد تعلّم إبراهيم (الابن) دروس القتل والجريمة بشكل جيد في مدرسة والده وعمه. في الصور التي نشرها تنظيم داعش في الأيام الأولى لجريمة سبايكر ، لم يُعرف إبراهيم السبعاوي،لكن في الفيلم الذي أطلقته داعش بعدها بقليل ، كان واضحا أن ابن شقيق صدام كان قائداً للمجزرة وقد أعلن انضمامه إلى كيان داعش. ونرفق آخر تغريدة لبشار سبعاوي شقيق إبراهيم سبعاوي ونجل إبراهيم سبعاوي وابن شقيق صدام ، كرّم فيها صدام حسين بمناسبة ذكرى وفاة صدام. نعم مات مقتولا وهو في رقبته دماء الآلاف من الضحايا وعشرات الآلاف من الأيتام وستلاحقه لعنات الإمهات الثكلى والنساء المرمّلات.

جاء في القرط على الكامل لابن سعد: قال الشاعر يمدح قومًا، ليس إيمانهم بعيب، فلماذا يحرقون “وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ (البروج 8 – 9)، وحده لا شريك له يتصرف فيهما، “وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ” (البروج 9) مطلع على كل شيء، يرى الكفار وماذا يفعلون، ويرى المؤمنين كيف يحرقون، قال تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ” (البروج 10) فتنوهم عذبوهم أحرقوهم.

جاء في موقع ألواح طينية عن مذبحة عشائر تكريت بحق شباب الشيعة من تقرير لجنة التحقيق في مجزرة سبايكر للكاتب قاسم آل ماضي: 1- العدد الكُلي للشهداء أكثر من 2500 شهيد تقريباً، اما الـ(1700) هُم جنود جُدد في مركز التدريب اما طلاب القوة الجوية فعددهم (157) طالباً. 2- ليس داعش من قام بعملية أسر الجنود و نقلهم الى القصور الرئاسية، بل من قام بذلك هُم ما تم تسميتهم بـ(ثوار العشائر) و خاصة (عشائر تكريت) حصراً لأن داعش لم تدخل بعدُ الى تكريت في يوم أسر الجنود ، حيث وعدت هذه العشائر الجنود بأنهم سينقلوهم الى اهاليهم ، ولذلك لم تبدي مقاومة من أي جندي ، و هذه العشائر التي أوهمت الجنود هي: عشيرة ألبو ناصر فخذ “البيجات” (عشيرة صدام حسين) بقيادة أحد ابناء عمومة صدام وهو ابن مزاحم عبد الله الحمود. عشيرة ألبو ناصر فخذ “ألبو خطّاب” (عشيرة سبعاوي وبرزان ووطبان) بقيادة ابراهيم ابن سبعاوي. قسم من عشيرة البو ناصر فخذ “البو خطاب” (اقارب عبد حمود) بقيادة فارس ابن اخ عبد حمود. قسم كبير من عشيرة البو عجيل. قسم من عشيرة الجبور في تكريت. افراد متفرقة من عشائر اخرى تسكن تكريت و العوجة. 3- الجنود الضحايا تم خداعهم من قبل هذه العشائر بأنهم سيقومون بحمايتهم و أعادتهم الى اهاليهم لذلك الجنود ثقوا بهم و لم يبدوا أي مقاومة ضدهم حتى تمكنوا منهم و نقلهم الى القصور الرئاسية يوم 2014/6/11 الساعة الثانية ظهراً.

جاء في الموسوعة الحرة عن مجزرة سبايكر: في 12 حزيران/يونيو 2014، أعدم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام ما بين 1095 و1700 طالب عسكري عراقي بالقرب من تكريت. وقعت عمليات القتل أثناء هجوم داعش في شمال العراق، عندما ألقي القبض على الطلاب العسكريين خارج معسكر سبايكر أثناء محاولتهم الفرار من المنطقة. كان هناك ما بين 5000 و10000 طالب عسكري أعزل في محيط معسكر سبايكر في وقت المذبحة، واختار مسلحو داعش المسلمين الشيعة على وجه التحديد لإعدامهم. وحتى عام 2024، لا زالت هذه المذبحة هي أعنف عمل إرهابي في العراق وثاني أعنف عمل إرهابي في العالم، بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول التي نفذها تنظيم القاعدة في الولايات المتحدة في عام 2001. أسر تنظيم داعش (2000-2200) جندي منتسبين إلى الفرقة 18 في الجيش العراقي المكلفة بواجب حماية انبوب النفط الرابط بين بيجي ومنطقة حقول عين الجحش في الموصل في قاعدة سبايكر الجوية بعد سيطرة تنظيم داعش على مدينة تكريت في العراق وبعد يوم واحد من سيطرتهم على مدينة الموصل واقتادوهم إلى القصور الرئاسية في تكريت، وهناك قاموا بإعدامهم، كما أعدم البعض الآخر في مناطق أخرى رمياً بالرصاص ودفن بعض منهم وهم أحياء. صورت داعش مجريات هذه المجزرة في محافظة صلاح الدين، وقد نجح بعض الجنود العراقيين في الهروب من المجزرة إلى قضاء العلم التي كانت صامدة آنذآك ولم تسقط بيد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام حتى تاريخ 24 يونيو 2014م، حيث استقبلتهم قبيلة الجبور في هذه الناحية والتي يفصلها نهر دجلة عن تكريت وأمنت لهم عجلات ومستمسكات للهرب من سيطرات التنظيم، كما هرب بعضهم بطرق أخرى، وقد روى بعض الطلاب مجريات المجزرة فبحسب قولهم وشهاداتهم أن تسليم الطلاب من قاعدة سبايكر حدث بسبب خداع بعض القادة العسكريين للطلاب وايهامهم بأن الوضع آمن. اثرت المجزرة بشكل سئ في نفوس عوائل ضحايا قاعدة سبايكر الذين خرجوا بمظاهرات لمحاكمة القادة المسؤولين عن تسليم ضحايا سبايكر لتنظيم داعش، وفي إحدى المظاهرات تمكنوا من اقتحام البرلمان وطالبوه بمحاسبة القادة الذين سلموا سبايكر لداعش، لاحقا وقعت العديد من المظاهرات من قبل أهالي الضحايا أدت بعضها إلى إغلاق جسر في بغداد بضع مرات احتجاجاً على تأخر الحكومة في بيان مصير أولادهم أو اتخاذ إجراءات سريعة.

من المصادر التاريخية عن أصحاب الأخدود: قيام الملك يوسف ذو النواس الحميري بحرق سكان مدينة نجران قبل أكثر من 1500 عام عقابا لهم على ايمانهم بالله، ولم يعلم عنهم أحد شيئا حتى ورد ذكرهم في القرآن الكريم. ورغم مرور آلاف السنين مازالت العظام الهشة السوداء والرماد الكثيفة شاهدة على الحريق الهائل التي اصاب مدينة الاخدود في عام 525 من الميلاد. وللآن تروي تلك الأطلال والمباني قصة اصحاب الاخدود الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم. رقمات أو مدينة الاخدود الأثرية والتي تقع على مساحة 5 كيلو مترات مربعة على الحزام الجنوبي من وادي منطقة نجران جنوب السعودية مازال يكتنفها الغموض والأسرار رغم عمليات التنقيب والحفر المتواصل لمدة عشر سنوات متتالية. ويشير علماء الآثار بمنطقة نجران إلى أن منطقة الاخدود الأثرية تحتاج إلى مايقارب 30 سنة لمعرفة جميع أسرارها، وان ماتم اكتشافه للآن لايمثل إلا جزءا من آثارها ومعالمها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *