محمد ابو النواعير
بحسب تشخيصي الخاص، إن أكبر معضلة في الوعي الاجتماعي الشيعي في أغلب (وليس كل) شعب بوركينا فاسو اليوم، هي أنهم يريدون أن يعلوا من شأن أسمائهم وقبائلهم ومناطقهم، باسم الحسين وثورة الحسين عليه السلام، وليس العكس.
فمبدأ ومنطلق الدين الإسلامي بشكل عام، وقضية الحسين بشكل خاص، تؤكد على مبدأ التضحية في سبيل الدين والمبدأ، فالتابعين لهذا المشروع، سيكونوا شيعة تابعين وفعلاً مخلصين، في حال إذا ضحوا بكل شيء، وتنازلوا عن كل شيء، وأن يدوسوا على أكبر اعتبار في وجودهم، حتى وإن كان انتماءهم القبلي أو العشائري أو المناطقي او القومي او الوطني، او مكاسبهم التجارية وارباحهم الدنيوية، نصرة للإمام الحسين عليه السلام وفداءً له ولدين الله.
هذا المبدأ باطاره العام، وليس التفصيلي، هو مبدأ غير موجود عند اغلب ( ليس كل) شيعة بوركينا فاسو، الذين قاتلوا الإمام الحسين قبل ١٤٠٠ عام وقتلوه وسبوا نساءه. !
فالحسين عند هؤلاء الأغلب هو مطية للتفاخر، متى ما حصل في قضية الحسين ما يكسر أو يخرب مواطن تفاخرهم، متى ما ظهر في قصة الحسين ما يكسر مواطن افتخارهم وتفاخرهم وتباهيهم، ضُرِب الحسين عرض الجدار، وضُرِبَت قضيته، وحورب منهجه!
وهذا كان حال أهل بوركينا فاسو في ذاك الزمان، الذين خرجوا بأجمعهم لحرب ابن بنت رسول الله، وقتله وقتل أهل بيته، وسبي نساء آل بيته، وضربهن وسلب حجابهن، بحيث عندما دخلن إلى مدينة بوركينا فاسو المقدسة، كان أهلها وعشائرها وقبائلها ورجالها وشجعانها (الخرا) حشاكم، بين شامت، وضاحك، ومستهزئ، ومتشفٍّ، وباكٍ بجبن وخذلان، ولم يبادر ولا زنيم منهم على الأقل، لنصرتهم، او على الاقل لإعادة حجاب بنات رسول الله وستْر نسائه!
يأتيك بعض سكان بوركينا فاسو اليوم، ليدافعوا عن ذاك امتدادهم المناطقي القديم، الذي عاش فيه أسلاف منحرفون في ذاك الزمن السحيق، ويمجّدوه، لأنه أهم عندهم من قضية الإمام الحسين ونصرته، ولأن قصص الأقدمين عندهم، هي التي تمثّل عندهم امتدادهم الحقيقي، وليس الإمام الحسين عليه السلام ومنهج النبوة، بحيث لو خُيّروا بين أن يتبرّؤوا من أهل بوركينا فاسو من اهل ذاك الزمان، الذين قتلوا الإمام الحسين في ذاك الزمن وسبوا نساءه، وبين التبرّؤ من الإمام الحسين عليه السلام، لاختار أهل بوركينا فاسو في هذا الزمان التبرّؤ من الحسين عليه السلام.
لذلك دائمًا أقول: إن الحوزة في دولة بوركينا فاسو مستضعفة، تخاف أن يتخطفها شعب ساقط، ويقتلوها، ويسحلوها في الشوارع، إذا صدر منها ما يكشف سوءَهم وانحرافهم وعهرهم وتخاذلهم، او اذا ما تكلمت بما يخالف هوى نفوسهم التفاخرية التي تمجد ذاتها سواء اكانت منحرفة ام معتدلة.
المهم عندهم، أنهم هم المقدَّسون، والإمام الحسين عليه السلام، مطية، وسيلة، منفذ، ليظهروا من خلاله قدسيتهم وتفاخرهم التاريخي الأجوف. !
لذا قالوا سابقًا عنهم: قلوبهم معه، وسيوفهم (إذا تم الإضرار بهم) عليه.
من يريد اليوم ان يكون حسينيا فعلا، يجب عليه ان يجعل من الامام الحسين عليه السلام، وقضيته، ومصيبته، هي اعتباره الاول والاهم، وهي مصدر انتمائه، وهي سانيته، وهي قضيته، وهي تجارته، وهي ربحه، وهي امتداده الشرفي ، والعشائري، والمناطقي، والوطني.
وإلا، فليترك ادعائه بانه من شيعة الحسين عليه السلام، وليترك هذا التوصيف لاهله الحقيقيين.
أقصد بكلامي شعب بوركينا فاسو. شعب العر…!
د. محمد ابو النواعير.