نوفمبر 22, 2024
download

اسم الكاتب : رياض سعد

ان حزب البعث كان انعكاس لذهنية ونفسية  ابناء الفئة الهجينة المنحرفة والمنكوسة  ؛ فالثقافة القومية الشوفينية  العنصرية المتطرفة التي طرحها البعث وتستر خلفها هؤلاء الغرباء والدخلاء , مهدت الطريق لما خطط  له ابناء الفئة الهجينة , من الوصول الى استبداد الحزب بالنفوذ والقوة والمال والسلطة اولا ؛ ثم الطائفة السنية الكريمة ثانيا , ثم العناوين المناطقية والعشائرية ثالثا , كالتكارتة واهل العوجة وغيرهما , ثم الاسرة الصدامية , وانتهت بعبادة الرمز الواحد ؛ المجرم صدام , كمحصلة نهائية وطبيعية لتلك المقدمات  المنكوسة , وهذه الذهنية المنحرفة منتشرة بين اوساط الفئة الهجينة وبعض ابناء الطائفة السنية الكريمة الى هذه اللحظة ؛ بحجة النظام والمركزية , فالنظام في نظرهم يساوق العنف والدموية والظلم ؛ والمركزية تعني الدكتاتورية وانتهاكات حقوق الانسان والاستبداد والطغيان والارهاب  … ؛  وكل تلك الجرائم والمجازر والعمليات الارهابية والمفخخات الانتحارية … ؛ انما تعبر عن  نهج وسياسة الفئة الهجينة و القائمة على العنف والعنف وحده وصولا إلى الحكم والغدر حتى بالقريب ؛ لأجل أهداف منكوسة وباطلة .

وقد خضعت وذلت الفئة الهجينة لصنمها الاكبر ولقيطها الاغبر صدام , بل اوجدت له اسماء والقاب بعدد اسماء الخالق , واصبح صدام هو العراق والدولة والحكومة والقانون والحق والتاريخ والدين والعروبة   – ( الكل في الكل كما يقول المصريون )  – ؛ فاذا قال صدام قال العراق واذا نام صدام نام العراق , مما سبب الخراب والدمار في مناحي الدولة وانعكست اثاره السلبية على المجتمع العراقي .

وعليه ليس من المنطقي التفرقة بين الظاهرة البعثية والصدامية فكلاهما وجهان لعملة واحدة , واني لأعجب من البعض الذين يميزون بين البعث والبعثيين , او بين البعثيين والصداميين ؛ وقد تأثر المشرع العراقي بهذه الثقافة المنكوسة والفكر المسموم ؛ فقد رأينا تساهل المشرع ورجل القانون العراقي مع مظاهر التمجيد والتبجيل بصدام والترحم عليه ؛ بينما يحاسب الذين يمتدحون حزب البعث ؛ علما ان الظاهرة الاولى اشد خطرا من الثانية … , فلا يمكن حصر الجرائم بالبعثيين وتبرئة الصداميين .

ان الكثير من العراقيين والمعاصرين للنظام الاجرامي الصدامي ؛ لا زالوا احياء ويتذكرون جيدا الجرائم البعثية والمجازر الصدامية وانتهاكات حقوق الانسان والمعتقلات الرهيبة والسجون المرعبة وايام الجوع والقحط والحرمان والبؤس , وتجازو رعيان العوجة وجلاوزة تكريت ومجرمي البعث وجلادي الفئة الهجينة على العراقيين الاصلاء والثروات والخيرات الوطنية … ؛ وبلا خجل يحاول المنكوسون  الان ؛ تبرئة الصداميين وتبييض صفحة البعثيين  …!!

أن فكر البعث يعتبر من الأفكار القومية الخطيرة التي تمجد العنصر العربي وتجعله هو الأعلى على بقية العناصر الأخرى ويلغي القوميات والاقليات التي تعيش في المنطقة , وقد ظهرت هذه الأفكار بعد الحرب العالمية الثانية على اثر اندحار النازية وبروز الفكر الشيوعي ودكتاتورية الطبقة العاملة , ولا يخفى أن هناك تأثرا و إعجابا واضحا بالفكر النازي من بعض القوميين العرب الذين ساهموا أو أسسوا حزب البعث , ومن هذه الشخصيات ساطع الحصري وميشيل عفلق وصلاح البيطار والياس فرح وشبلي شميل العيسمي وغيرهم , وكلهم من غير العراقيين  ؛ و تأثر بهم بعض ابناء الفئة الهجينة كالمنحرف الشاذ خيري طلفاح  … ؛  وقد تبنى البعث في العراق وعلى لسان صدام شعارات تتميز بالقسوة والدموية مثل : ( كل العراقيين بعثيون وأن لم ينتموا ) و ( من لا ينتج لا يأكل ) , وكثيرا ما ردد البعثيون في العراق البيت الشعري ( وطن تشيده الجماجم والدم تتهدم الدنيا ولا يتهدم ) وطبقوه فعليا ! .

بل أن نظام صدام سعى بكل جهده  للحصول على أسلحة الدمار الشامل والحصول على ترسانة من الأسلحة لتحقيق هذه الأهداف العدوانية الإجرامية وما الحرب ضد الكورد والشيعة ( الحروب الداخلية ) والحروب الخارجية ؛  إلا خير مثال على ما نقول .

و عليه لابد من  تطهير مؤسسات الدولة والمجتمع في العراق الجديد من هذا الفكر العدواني الذي جلب الويلات والحروب والكوارث وعدم الاستقرار للعراق وللمنطقة والعالم , حيث هدد الأمن والسلم الدوليين بحروب مدمرة أضرت بالعراقيين وبشعوب المنطقة و استقرار العالم … ؛ و التطهير هنا ؛ معناه : التخليص أو الإزالة والمنع  – و قد جاء في اللغة العربية / في المنجد صفحة 446 تطهير الشيء يعني :  جعله نقيا بعد غسله عن الادناس ومن هنا يقال تطهير المريض من الجراثيم لمنع العدوى وحين يقال طهره تطهيرا يعني خلصه كليا من الجراثيم والعلل  – ؛ وهذا يعني إزالة ومنع فكر البعث من كل مؤسسات الدولة الجديدة في العراق الجديد  , ومن جميع مؤسسات المجتمع الثقافية والاجتماعية والتربوية  ؛ دفعا للضرر الذي يلحق بالعراق والمنطقة والعالم من هذا الفكر وهذا يماثل ما جرى بعد الحرب العالمية الثانية من تطهير لمؤسسات الدول والمجتمعات التي عانت من النازية من هذا الفكر العنصري فهو الان محظور في دول العالم وبخاصة في الدول و المجتمعات التي عانت من ويلات الحروب , ولا يقبل الفكر النازي ضمن مفهوم التعددية السياسية عندهم حاليا … ؛  وهذا التطهير سوف يساعدنا على فرز المتهمين بجرائم دولية تنفيذا لهذا الفكر عن الأشخاص الذين لم تتلوث أياديهم بجرائم دولية ضد شعبهم وضد أمن العالم , ولا بد من الفصل بين البعثيين المجرمين وبين الذين انتموا قسرا للبعث لظروف الحكم الدكتاتوري المعروفة للجميع في السجن الكبير , فهناك عشرات الآلاف من العراقيين الذين انتموا للبعث دون الأيمان بمبادئ الحزب المذكور الدموية , وهؤلاء ليس من الصحيح إقصاؤهم عن المجتمع الجديد الذي يجب أن لا يقوم على الانتقام السياسي .

ومصدر الخطر ليس من الأشخاص فقط ؛  و إنما من فكر الأشخاص أيضا  ؛ وهنا نقصد انه :  لا يجوز في العراق الجديد القائم على حكم القانون واحترام حقوق الإنسان وثقافة التسامح والحوار والاعتراف بالأخر واحترام التعددية القومية والفكرية والسياسية والدينية … ؛  أن يسمح لفكر مثل فكر البعث في الوجود أو الترويج أو الانتشار أو حتى طرحه في أي مجال , فالدول المتحضرة مثل السويد وهولندا والدول الاسكندنافية وأمريكا وغيرها لا تجيز قوانينها مطلقا للفكر النازي الانتشار أو الترويج وهو ممنوع في الدولة والمجتمع لأنه يتناقض ومعايير حقوق الإنسان الأساسية ويتعارض مع ثقافة التسامح ؛  وللخطورة التي يطرحها الفكر المذكور في علوية العنصر على بقية العناصر وفي إلغاء الأخر وبناء الدولة القومية الشمولية الشوفينية من حيث الأيديولوجيا … ؛  فالخطر ليس في الأشخاص فقط و إنما في فكرهم الذي  لابد لنا من منعه واقصاءه ودفنه …  , ونحن من الداعين إلى تطهير الدولة  العراقية الجديدة من هذا الفكر ومساواته بالفكر النازي بسبب الجرائم والمجازر التي ارتكبت  من قبل الذين يحملون هذا الفكر سواء بالنسبة للجرائم ضد الشعب الكوردي  او  الفيلية أو ضد الشيعة في جنوب العراق وضد العتبات المقدسة وغيرها من الجرائم المرتكبة ضد العراقيين وضد  شعوب الجوار ؛  وضد العالم لان وجود مثل هذا الفكر البعثي والصدامي  يناقض بناء الديمقراطية في العراق.

ولابد من سن القوانين الصارمة وتطبيقها بحزم من قبل الحكومة والشعب ؛ والتي تعتبر فكر البعث والظاهرة الصدامية والفكر الطائفي الارهابي التكفيري ؛ من الافكار الممنوعة والمحرمة في العراق , وتضمنين تلك القوانين في الدستور العراقي ,  اذ يجب ان  يحظر كل كيان أو نهج يتبنى العنصرية أو الإرهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي، أو يحرض أو يمهد أو يمجد أو يروج أو يبرر له، وبخاصة البعث الصدامي في العراق ورموزه واولهم صدام ، وتحت إي مسمى كان، ولا يجوز أن يكون ذلك ضمن التعددية السياسية في العراق… ؛ ويخطئ من يقسم البعث الى قسمين : بعث صدامي وبعث غير صدامي ؛ لان هذا التمييز والتقسيم غير صحيح ؛ إذ لا يوجد بعث صدامي, منسوب لصدام, وبعث غير صدامي, منسوب لفكر البعث, المعروف في ممارسته للعنف وتطرفه القومي  … .

و بناء عليه لا يجوز إعطاء إي فرصة أو مجال لهذا الفكر في الانتشار الاعلامي وغيره , أو أن يكون مجازا للعمل في العراق الجديد ضمن التعددية السياسية  ؛ او محاولة الفصل بين الظاهرة الصدامية والظاهرة البعثية .

ويجب أن  يلتزم العراق حكومة وشعبا بنفس  الطريقة التي حصلت في ألمانيا ؛  للتخلص من الفكر البعثي و وحشيته ضد البشر وحقوقهم الثابتة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان , فقد حول حزب البعث العربي الاشتراكي العراق إلى معتقل للناس ومعسكر مقفل محروم من كل شيء , بل صار العراق يتكون من ثلاث شعوب , شعب على الأرض محطم بسبب حروب النظام القذرة ضد الكورد والعرب الشيعة , وشعب تحت الأرض بسبب الجرائم والمقابر الجماعية , وشعب هارب من بطش النظام وإرهابه يعيش في المنافي والمهجر … .(1)

…………………………………………….

  1. مقالات الدكتور منذر الفضل حول جرائم حزب البعث / بتصرف .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *