الكاتب : ✍🏻/عفاف فيصل صالح
—————————————
في قلب فلسطين، تئن غزة من قسوة الاحتلال، وتتصدى لموجات الظلم والجراح، وهي في ذات الوقت تثرثر بصمت الألم والحزن على من كان يُفترض أن يكونوا أحبابها وأنصارها. غزة ترى بعينها مرارة الخذلان، وتشعر بحزن عميق يعتصر قلبها لتقصير الأشقاء العرب، الذين تخاذلوا عن نصرتها، فلم تعد ترى سوى صوت الظلم يعاود الظهور، وصمت من خانوا عهودهم.
ومع هذا الظلم والجراح، يزداد ألم غزة من جوع أهلها الذي يتفاقم يوماً بعد يوم، وأطفالها، ونساءها، وشيوخها، يواجهون أزمات غذائية خانقة، بسبب الحصار والسيطرة، والتي أضافت على معاناتهم قهر الجوع والعوز، وأصبحت الحاجة إلى لقمة تسد رمقهم هماً فوق هموم الاحتلال والدمار.
أهل غزة، بقلب متمرد على الأوجاع، يوجهون نداءات الندم والألم للعرب، ويخاصمون بعبرات غاضبة خائنة من أيدي القادة والمتخاذلين، الذين فرطوا في أمانة الدين والأخوة والجوار. نساؤهم، وأطفالهم، وشيوخهم، يذرفون الدموع على حال الأمتين، التي كانت يوماً منارة للعزة، واليوم تقف عاجزة، تلوذ بالصمت، وعيونها تتوسل لنصرة ومساندة لا تأتي أبداً.
وفي خضم هذه المأساة، يعتب أهل غزة على أمتهم الإسلامية، التي كانت يوماً قلب الأمة وروحها، وينتظرون من المسلمين أن يحتضنوا قضيتهم، ويشدوا من أزرهم، لكنهم وجدوا صمتاً مريباً، وخذلاناً كبيراً، حتى غدت شعاع نور وقف على طرف الخيط، وأحلامهم بتحرير فلسطين تتلاشى وسط تجميد عواطف وتواطؤ أفعالٍ. كيف يظلّ الكثير من إخوانهم في الدين، يعيشون حياةَ أمان، بينما أطفال غزة يواجهون الموت والدمار، ويتضورون جوعاً، ويذرفون دموع الندى على أسيادهم وهم يوجّهون نداءات العون، في ظل تقاعسهم وتخاذل أمتهم؟
لكن أهل غزة يمدون أيديهم إلى الله، ويلمّون عزيمتهم بالله، فهم يعلمون أن نصر الله هو الملاذ والفرج، وأنه لا حول لهم ولا قوة إلا به، فيتمسكون بالله أولاً وأخيرًا، فالله هو الوحيد القادر و هو المعين على الصبر والثبات في زمن الإحباط.
وفي ذات الوقت، يعلق أهل غزة آمالهم على أهل اليمن، الذين كانوا دائماً منارة للثورة، والكرامة، والتضحية، فهم جبهة من جبهات الأمة المجاهدة، وقلبٌ ينبض من أجل نصرة الحق والكرامة. أهل اليمن، الذين صبروا وتحملوا من المحن والفتن، ويستمد أهل غزة منهم عزيمتهم، ويشعرون بأواصر الإخوة في الدين والجوار، ويعلمون أن اليمن قد يكون همزة وصل في إعادة الروح للوحدة والإصرار على استرداد الحقوق.
تمسك أهل غزة بالله هو الأساس، وأملهم في أن يُنصرهم ويرفع عنهم البلاء، وأملهم في أهل اليمن، أن يكونوا لهم سندًا ونصيرًا، فهم يربطون بينهما إيمانهم بالله، واعتزازهم بأهل اليمن، وحرصهم على أن تتواصل مسيرة العزة والكرامة عبر أمتهم الواحدة، التي لا تزال تقف بصمود رغم كل المؤامرات والصمت.
يا أمة الإسلام، لن يُفرّق بين تمسك أهل غزة بالله وأهل اليمن، فالإيمان هو الرابط، والصمود هو القاسم المشترك، وهم يعلمون أن النصر من عند الله، وأنه لا يُنال إلا بالإيمان والعمل والجهاد .. فبتمسكهم بالله، وبالارتباط بأهل اليمن، يعلقون أملهم بالمستقبل، ويقولون: إن الله لن يخيب عباده الصابرين، وأن الفرج لآتٍ رغم كل المحن.
أما حزن أهل غزة، فهو أن تبقى الأمة في خدرها، وأن يطول صمتها، وأن يندمل جرحهم بمرارة الخذلان، في حين مرارة الاحتلال والجوع تتفاقم، والدم يُهدر