فاضل حسن شريف
عن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى “وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ” (الأنعام 99) “فأخرجنا منه” أي: من الماء. وقيل: من النبات “خضرا” أي: زرعا رطبا أخضر، وهو ساق السنبلة “نخرج منه” أي: من ذلك الزرع الخضر “حبا متراكبا” قد تركب بعضه على بعض، مثل سنبلة الحنطة، والسمسم، وغير ذلك “ومن النخل” أي: ونخرج من النخل “من طلعها قنوان” أي: أعذاق الرطب “دانية” أي: قريبة المتناول، ولم يقل ومنها قنوان بعيدة، لأن في الكلام دليلا على البعيدة السحيقة، من النخل، قد كانت غير سحيقة فاجتزأ بذكر القرينة، عن ذكر السحيقة، كما قال “سرابيل تقيكم الحر” ولم يقل وسرابيل تقيكم البرد، لأن في الكلام دليل على أنها تقي البرد، لأن ما يستر عن الحر يستر عن البرد، عن الزجاج. وقيل: دانية دنت من الأرض لكثرة ثمرها، وثقل حملها، وتقديره: ومن النخل من طلعها، ما قنوانه دانية، وإنما خص الطلع بالذكر، لما فيه من المنافع والأغذية الشريفة.
جاء في تفسير الميسر: قال الله تعالى عن حب بفتح الحاء “وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ” ﴿الأنعام 99﴾ قنوان اسم، قِنْوانٌ: جمع قنو و هو العذق. قنوان: أعذاق و عراجين كالعناقيد في النخلة. و القنو من النخل كالعنقود من العنب. قِنوانٌ دانِيةٌ﴿٩٩ الأنعام﴾ قصار النخل اللاصقة بالأرض. النَّخْلَ: ال اداة تعريف، نَّخْلَ اسم. طَلْعُهَا: طَلْعُ اسم، هَا ضمير طلعها:هو أوّل ما يخرج من ثمر النّخل في الكيزان. والله سبحانه هو الذي أنزل من السحاب مطرًا فأخرج به نبات كل شيء، فأخرج من النبات زرعًا وشجرًا أخضر، ثم أخرج من الزرع حَبًّا يركب بعضه بعضًا، كسنابل القمح والشعير والأرز، وأخرج من طلع النخل وهو ما تنشأ فيه عذوق الرطب عذوقًا قريبة التناول.
جاء في معاني القرآن الكريم: قنو القنو: العذق، وتثنيته: قنوان، وجمعه قنوان (ومثله: صنو وصنوان). قال تعالى: “قنوان دانية” (الأنعام 99) والقناة تشبه القنو في كونهما غصنين، وأما القناة التي يجري فيها الماء فإنما قيل ذلك تشبيها بالقناة في الخط والامتداد، وقيل: أصله من قنيت الشيء: ادخرته، لأن القناة مدخرة للماء، وقيل: هو من قولهم قاناه، أي: خالطه.
عن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله سبحانه “وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ” (الأنعام 99) قوله سبحانه “وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ ۗ انظُرُوا إِلَىٰ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ” ﴿الأنعام 99﴾ “هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً” إلى آخر الآية. السماء هي جهة العلو فكلما علاك وأظلك فهو سماء، والمراد بقوله: “فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ” على ما قيل، فأخرجنا بالماء الذي أنزلناه من السماء النبات والنمو الذي في كل شيء نام له قوة النبات من الكمون إلى البروز، أي أنبتنا به كل شيء نباتي كالنجم والشجر والإنسان وسائر الحيوان. والخضر هو الأخضر وكأنه مخفف الخاضر، وتراكب الحب انعقاد بعضه فوق بعض كما في السنبلة، والطلع أول ما يبدو من ثمر النخل، والقنوان جمع قنو وهو العذق بالكسر وهو من التمر كالعنقود من العنب، والدانية أي القريبة، والمشتبه وغير المتشابه المشاكل وغير المشاكل في النوع والشكل وغيرهما. وينع الثمر نضجه. وقد ذكر الله سبحانه أمورا مما خلقه لينظر فيها من له نظر وبصيرة فيهتدي بالنظر فيها إلى توحيده، وهي أمور أرضية كفلق الحبة والنواة ونحو ذلك، وأمور سماوية كالليل والصبح والشمس والقمر والنجوم، وأمر راجع إلى الإنسان نفسه وهو إنشاء نوعه من نفس واحدة فمستقر ومستودع، وأمور مؤلفة من الجميع كإنزال المطر من السماء وتهيئة الغذاء من نبات وحب وثمر وإنبات ما فيه قوة النمو كالنبات والحيوان والإنسان من ذلك.
وعن الشيخ محمد جواد مغنية في التفسير المبين: قوله تعالى “وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ” (الأنعام 99) “نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً” ضمير منه يعود إلى الخضر، أي يخرج من الأغصان سنابل كسنابل القمح ونحوها كثمر الرمان الذي يركب بعض حبوبه بعضا “ومِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ” طلعها بدل اشتمال من النخل بإعادة حرف الجر، أي ونخرج من طلع النخل قنوانا، والقنوان جمع قنو بالكسر، وهو من النخل كالعنقود من العنب، ودانية سهلة التناول، أو ان بعضها قريب من بعض لكثرتها. “وجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ والزَّيْتُونَ والرُّمَّانَ”. أي ونخرج من النبات هذه الأصناف الثلاثة، وذكرها سبحانه على سبيل المثال، ومنها تعرف البواقي “مُشْتَبِهاً وغَيْرَ مُتَشابِهٍ” ان من النبات والشجر ما يشبه بعضه بعضا في الشكل والطعم، ومنه ما لا يشبه بعضه بعضا فيهما “انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ ويَنْعِهِ”. أي اعتبروا كيف يخرج الثمر أول ما يخرج صغيرا لا ينتفع به، ثم ينتقل من حال إلى حال، حتى يبلغ النضوج، فيصير لذيذا نافعا “إِنَّ فِي ذلِكُمْ لآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ”. ليس المراد بقوم يؤمنون المؤمنون بالفعل فقط، بل والذين يستجيبون لدعوة الايمان، وينتفعون بالدلائل والبينات، أما أصحاب القلوب المغلقة فيمرون بها مرور البهائم والسوائم. والخلاصة ان المقصود الأول من هذه الأمثلة الأرضية والسماوية هو التنبه إلى أن أشياء هذا الكون، وما فيها من إبداع وتدبير محال أن تأتي صدفة وفلتة في نظر الفطرة والعقل، فهما يحكمان حكما قاطعا بأن كل ما في الوجود قد صدر عن إرادة وتصميم، ولحكمة بالغة يعرفها العالم والجاهل ولا شيء أدل على بطلان الصدفة، كمبدأ، من تكرار الحادثة الواحدة كلما تكرر سببها.
جاء في التفسير الوسيط لمحمد سيد طنطاوي: قوله سبحانه “وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَة” (الانعام 99). الطلع: أول ما يبدو ويخرج من تمر النخل كالكيزان. وقشره يسمى الكفرى وما في داخله يسمى الإغريق لبياضه. والقنوان: جمع قنو وهو العرجون بما فيه الشماريخ، وهو ومثناه سواه لا يفرق بينهما إلا في الإعراب. أى: ونخرج بقدرتنا من طلع النخل قنوان دانية القطوف، سهلة التناول أو بعضها دان قريب من بعض لكثرة حملها. قال صاحب الكشاف: و”قِنْوانٌ” رفع بالابتداء،”ومِنَ النَّخْلِ” خبره و”مِنْ طَلْعِها” بدل منه. كأنه قيل: وحاصلة من طلع النخل قنوان دانية. وذكر القريبة وترك ذكر البعيدة، لأن النعمة فيها أظهر وأدل، واكتفى بذكر القريبة على ذكر البعيدة.