اياد الامارة
في ظل تعقيدات المشهد العراقي وتشظّـيه ..
تُـلوّح في الأفق بوادر انتكاسة “وطنية” كبرى قد تهزّ أركان الاستقرار الهش الذي يحاول العراقيون الحفاظ عليه بشق الأنفاس ..
هذه الانتكاسة المحتملة ليست مجرّد كبوة عابرة أو أزمة سياسية عادية، بل قد تكون فقداً مؤلماً لشخصية محورية تمسك بتوازنات دقيقة -الفقد الذي قد لا يعني الموت- وقد تتبع هذا الفقد حالة من الانحدار الحاد في الوضع العام، وفرقة تُـنذر بتشرذم خطير على المستويات الوطنية والطائفية والحزبية.
العراق شهد عبر تاريخه الحديث محطات فارقة كان فيها لغياب بعض القامات دورٌ بالغ في تغيير المسارات ..
وحينما يكون الحديث اليوم عن شخصية ذات تأثير بالغ، سواء كانت دينية، سياسية، أمنية، أو اجتماعية، فإن غيابها -لأي سبب- قد يفتح الباب واسعاً لفراغ مرعب لا تملؤه الخطابات، ولا تُـرمم تبعاته المزايدات أو التسويات الهشة.
الفقد لا يكون فقط في الأشخاص، بل سيكون فقداً:
للثقة ..
للأمل ..
للتماسك الوطني.
أتوقع -جازماً- أن تتسارع مؤشرات الانحدار في ملفات حيوية مثل:
الأمن،
والخدمات، والاقتصاد،
وحتى في السلوك الاجتماعي العام ..
إذ أن غياب البوصلة وتراجع الثقة ببعض القيادات المتصدية الحالية، مقروناً بالفساد المستشري وتضخم الدور الخارجي في صناعة القرار العراقي، يدفع بالبلاد نحو منحدر قد يكون الأكثر حدة منذ العام (٢٠٠٣).
المؤلم جداً أن الناس باتت تتكيّـف مع الخراب، وتعتاد الفوضى، في حين يغيب مشروع الدولة الجاد.
الاصطفافات الطائفية والعرقية والحزبية في العراق لم تعد مجرد تباينات، بل أصبحت “خنادق”، وكل خندق يحفر أعمق من ذي قبل ..
الخطاب السياسي المنقسم، وتراجع قيمة الوطن أمام الأجندات الضيقة، خلق مجتمعاً مهدداً بالانفصال النفسي قبل الجغرافي ..
وفي هذه الأجواء، يتسلل اليأس ويتحول الخلاف إلى عداء، والمعارضة إلى تخوين، والدولة إلى كيان هش لا يُـجمع عليه أحد.
العراق على أعتاب مرحلة حرجة، تُـنذر بانتكاسة مريرة إذا لم يتم تدارك الوضع بجدية، وبخطاب وطني جامع، وبقيادات تعي حجم الخطر الذي يحيط بالبلاد.
ما نخشاه ليس مجرد فقد أو أزمة، بل ما نخشاه أن يفقد العراقيون إيمانهم بأن المستقبل يمكن أن يكون أفضل من هذا الواقع البائس.
وإذا حدث ذلك، فلن تكون هناك انتكاسة واحدة، بل سلسلة سقوط لن تتوقف بسهولة.
اللهم احفظ العراق وأهله من كل سوء.
٢٩ تـمـوز ٢٠٢٥