جوهر محيي الدين الهركي آغا: ممنوع من العودة بينما الآخرون يعيشون بأمان!

يحيى هركي

في الوقت الذي يرفع فيه الحزب الديمقراطي الكردستاني شعارات الدفاع عن الكرد ووحدتهم، نجد أنه يمارس أبشع صور التمييز ضد عشيرة الهركية، تلك العشيرة التي كانت وما زالت خط الدفاع الأول عن كرامة الكرد، والتي قدّمت المئات من الشهداء في معارك داعش منذ عام 2014 وحتى اليوم، لتكون واحدة من أكثر العشائر تضحية بدمائها في سبيل كردستان.

منذ عقود طويلة، كان للهركية دور بارز في دعم الثورة الكردية. فبين جبال كردستان الوعرة، خاطر أبناؤها بحياتهم حين حملوا على أكتافهم المواد الغذائية والأسلحة، الثقيلة منها قبل الخفيفة، إلى الحزب . كانوا يعرفون أن عقوبة هذه الأفعال في زمن صدام حسين قد تصل إلى الإعدام، لكنهم فعلوها عن قناعة وإيمان بعدالة القضية الكردية، وعن محبة صادقة للحزب نفسه.

لقد كان ولاء الهركية لا يُشترى بالمال ولا بالمناصب، بل كان ولاءً صادقًا امتزج بدمائهم وعرقهم وتضحياتهم.

وربما يتساءل القارئ الكريم: لماذا يكتب هذا الكاتب عن عشيرة الهركية؟ هل لأنني هركي ولهذا أكتب بحماس؟ أقول بكل وضوح: ليس هذا السبب! السبب الحقيقي هو أنني أرى الظلم الذي تتعرض له عشيرة الهركية بكل تجلياته، من شيخها واغواتها إلى صغيرها. إن الظلم الذي تعانيه هذه العشيرة لا يمكن السكوت عنه، والفوضى السياسية والإقصاء المستمر من قبل الديمقراطي الكردستاني يحتم عليّ أن أكتب بصراحة وبحماس شديد.

مع اجتياح داعش للأراضي الكردية عام 2014، كانت العشيرة الهركية في الصفوف الأمامية. قدّمت المئات من الشهداء دفاعًا عن كردستان، فصارت من أكثر العشائر التي نزفت دمًا في سبيل هذه الأرض. ومع ذلك، نجد اليوم أن الحكومة لا تمنح أبناء الهركية أي فرصة حقيقية في الوظائف أو المناصب.

المصير الوحيد المتاح لهم هو أن يكونوا بيشمركة بسطاء، وحتى هذا الطريق يتطلب دفع المال من جيوبهم، في إذلال لمقاتلين قدّموا أرواحهم رخيصة دفاعًا عن الأرض والعرض. أما الوظائف الحساسة والمناصب العليا فهي تُمنح لعشائر أخرى، وكأن دماء الهركية أقل قيمة في ميزان الحزب .

ومن أبشع صور التمييز ما جرى مع زعيم العشيرة الهركية، جوهر محيي الدين آغا. فبمجرد أنه اختار الانتماء إلى حزب آخر غير الديمقراطي الكردستاني، تم إبعاده عن منطقته ومنعه من العودة إلى حضن عشيرته.

والسؤال هنا ألم يختر كثير من الأغوات والشيوخ في كردستان الانضمام إلى أحزاب مختلفة؟ ألم يكن بينهم حتى أقارب السيد  الرئيس البارزاني نفسه؟ لماذا يعيش هؤلاء في بيوتهم آمنين أحرارًا بينما يُمنع جوهر آغا من العودة؟

إنه غدرٌ صريح وعدم عدالة فاضحة. خصوصًا أن جوهر آغا لا يملك فضائيات، ولا إذاعات، ولا أموالًا طائلة تخيف الحزب. إنه مجرد إنسان عادي، زعيم لعشيرته لا أكثر. فلماذا كل هذا الخوف والهلع منه بالذات. او ربما يعود السبب الرئيسي بانه شخصية تحظى بمكانة رفيعة بين عشائر منطقة عقرة وسائر مكونات العراق. ولأن تاريخه حافل بخدمة العرب والكرد والمسيحيين والإيزيديين والكاكائيين على خطى والده الراحل محي الدين اغا ،ولهذا  يخشى البارتي عودته إلى منطقته، مخافة أن تلتف حوله العشائر والمكونات وتنضم إلى صفه.”

الخلاصة:

ان عشيرة الهركية لم تطلب إلا العدالة والمساواة، لكنها تواجه الجحود والإقصاء من الحزب . هذه المقالة صرخة من أجل الاعتراف بالوفاء والتضحيات، من أجل إعادة الحق لأهله، ومن أجل أن يفهم الحزب الديمقراطي أن التاريخ لن يرحم من يتجاهل الدماء والوفاء. الهركيون دفعوا الثمن غاليًا، واليوم حان الوقت ليُعاد لهم الحق والكرامة التي استحقوها منذ زمن طويل.

وإن ما يتعرض له أبناء عشيرة الهركية، وما لاقاه زعيمهم جوهر آغا من إقصاء متعمد، يكشف بوضوح أن الحزب  يمارس تمييزًا مقصودًا ضد هذه العشيرة. وهذا لن يُسقط من مكانة الهركية التاريخية، بل سيزيدها قوة وإصرارًا على التمسك بكرامتها.

 وأن ظلم العشائر وحرمانها من حقوقها لا يدوم. فالعدالة لا بد أن تتحقق، ومكانة الهركية ستبقى راسخة رغم كل محاولات التهميش.