“الضجيج” من علامات الجهل والتخلف والعجز..!

اياد الامارة

من المأساة أن تُـوصَـف أمة ما، أو جماعة ما، بأنها الأكثر “ضجيجاً” وهي في الوقت نفسه الأقل قراءةً ووعياً!
ضجيجها يملأ الساحات، وشعاراتها تعلو في كل مناسبة، لكن عندما تُـفتِّـش عن:
أثر معرفي ..
أو وعي سياسي ..
أو إنتاج حضاري حقيقي ..
لا تكاد تجد سوى الفراغ!

أولاً: الضجيج بديلاً عن الفعل

الأمم الحية والجماعات الفاعلة تُـقاس بما تنتج لا بما تصرخ ..
بما تقرأ لا بما ترفع من شعارات ..
وللواعي -الموضوعي- أن يرى من حوله كيف صار الضجيج وسيلة للتعويض عن عجز حقيقي في الوعي والمعرفة والإرادة؟
يثورون في الإعلام ..
يغضبون على المنابر ..
يلعنون الأعداء صباحاً ومساءً ..
لكنهم «لا نقرأ» صفحة واحدة ليفهموا كيف يدير الآخرون العالم؟
أو كيف تُـصنع القوة الحقيقية؟

ثانياً: أزمة القراءة

إحصاءات عالمية تشير إلى أن معدل القراءة في عالمنا العربي عموماً وليس في العراق فقط وليس بين الجمهور المتصدي تحديداً لا يكاد يُـذكر مقارنة ببقية الأمم والشعوب والجماعات!
أمة “اقرأ” العربية تحديداً هجرت الكتاب، وتركت للآخر أن يصوغ فكرها عبر وسائل التواصل الإجتماعي المليئة بالتفاهة والسطحية!
النتيجة أن هناك إستهلاك مُـفجع للمعرفة المستوردة دون أن يكون هناك نتاج فكري أو علمي أو رؤية مستقلة.

ثالثاً: الضياع وسط الأحداث

الأمة التي لا تقرأ ولا تعي، تجد نفسها تائهة أمام الأحداث الكبرى ..
لا تفهم لماذا تُـحاك المؤامرات، ولا تُـدرك كيف تُـدار السياسة، ولا تعرف مَـن يستغلها ومَـن يخدعها ..
ومع ذلك، تبقى الأكثر صخباً في النقاشات الفارغة والجدالات العقيمة التي لا تُـنتج حلاً ولا تُـغير واقعاً.

رابعاً: الضجيج مرض الهزيمة

“الضجيج” هو تعويض نفسي عن الهزيمة ..
الذي يصرخ لا يملك أدوات الفعل ..
الذي يتحدث كثيراً لا يفعل شيئاً ..
يبالغون في الشعارات لأنهم عاجزون عن بناء موقف صحيح، أو قوة حقيقية، عاجزون عن بناء مدرسة أو مختبر أو مستشفى يليق بالناس!
وهكذا تتحول الساحات والشوارع والملتقيات إلى مسارح صخب، فيما تتقدم الأُمم الأخرى بصمت، بالعلم والمعرفة والعمل.

خامساً: طريق الخلاص

•   أن يُـعاد الاعتبار إلى الكتاب والمعرفة كطريق أساسي للنهوض، وهذا يحتاج إلى وقت طويل جداً لا تملكه الأُمة ولا نملكه في هذا البلد المثقل بالجراح والنكبات.
•   أن يُـدرَك أن الشعارات لا تُـحرر أرضاً ولا تبني حضارة، بل هي وسائل تخدير وإعاقة.
•   أن يُـستَـبدل الضجيج بالفعل، والجدال بالعمل، والغضب العاطفي بالوعي العميق.

الأمة التي لا تقرأ محكوم عليها أن تُـقاد ..
الأمة التي لا تعي محكوم عليها أن تُـستَـغل ..
الأمة التي تُـكثر من الضجيج دون أن تملك وعياً فهي أمة تهتف لنهايتها بلسانها ..
وإذا أراد أي شخص أو جهة أن يغير هذه المعادلة، فعليه أن يعود إلى أصل رسالة الإسلام الذي ننتمي له عاطفياً:
“اقرأ باسم ربك الذي خلق”
فالبداية بالوعي، والنهاية بالنهضة.
جمعة مباركة ..

✍️
٥ أيـــلول ٢٠٢٥