فضيحة عملية (الشبح) .. كيف اشترى جهاز المخابرات (العراقي) “انتصاراً وهميا” بملايين الدولارات من أفريقيا؟

منظمة عراقيون ضد الفساد

بغداد – المنطقة الخضراء / الأمانة العامة لمجلس الوزراء :

في مساء يوم الاثنين المصادف 1 أيلول 2025 وزع على عجل بيان من قبل يسمى بجهاز المخابرات الوطني (العراقي) وبالتعاون مع ما سمى كذلك بمجلس القضاء (الأعلى) وإلى جميع وسائل الإعلام العراقية ونشر كذلك عبر مختلف شبكات منصات التواصل الاجتماعي، ليعلن للعالم “نجاح عملية نوعية ومعقدة ” واعتقال “خلية إرهابية عابرة للحدود” تابعة لتنظيم “داعش” في عمق دول غرب إفريقيا. كانت العناوين الرنانة جاهزة، والبيانات الرسمية تُشيد بـ” مدى ما وصل أليه براعة الضباط والمنتسبين” و”الوصول الدولي إلى أبعد النقاط الدولية ” للجهاز. ولكن خلف كواليس أخراج هذا المشهد الهوليودي (البطولي) المُخرَّب، كانت حقيقة غائبة أخرى أكثر قتامة وسوداوية تُنسج بخيوط من الفساد المالي والإداري والانتصارات الوهمية الزائفة على حساب الحقيقية حيث تبين بعد ذلك بان معد السيناريو والأخراج لهذا الفلم قد فشلوا بدورهم في أيجاد أرضية مشتركة بين مدراء الشعب والضباط ولمنتسبي في الجهاز المخابرات في التعتيم على تقاسم ما تبقى من الغنيمة.

التحقيق الاستقصائي لهذا الحدث من قبل “منظمة عراقيون ضد الفساد “، واستناداً إلى تسريبات موثقة حصلت عليها ” المنظمة” من مسؤولين عراقيين غاضبين في بعض مكاتب الأمانة العامة لمجلس الوزراء، يكشف أن “الخلية المخابراتية العابرة للحدود إلى أفريقيا” كانت، في واقع الأمر وحقيقته ، صفقةً فساد مالي عابرة للحدود أيضاً، ولكن البضاعة كانت مختلفة : إنها صفقة نقدية باهظة الثمن. عملية اعتقال لم تكن نتاج عمل استخباراتي بطولي كما زعم في البيان الموزع على وسائل الإعلام ، بل كانت عملية ممنهجة لشراء ذمم وضمائر ضباط امن ومسؤولين أفارقة في مناصب وأماكن حساسة مهمة في كل من دول :” (مدغشقر/ انتاناناريفو) , (ساحل العاج / ياموسوكرو) , ( توغو / لومي) وتقديم مساعدة لوجستية مهمة من قبل ما تسمى بـ السفارة (العراقية) في العاصمة السنغالية / دكار ، من خلال نقل عشرات الملايين من الدولارات نقدا في الحقائب الدبلوماسية ودُفعت ثمنها من خزينة العراق المنهكة، لتُصنع انتصاراً وهمياً يُغلف فساداً حقيقياً.

(* مقتطف) لم يكن جهاز المخابرات يطارد الإرهابيين في حقيقية الأمر ، بل كان يطارد عناوين صحفية وتشهير إعلامي لغرض أن تليق بصور قادته ومدراء شعبه . الفارق الوحيد أن ثمن المطاردة الأولى يُدفع بشراء ذمم صحفيين وقنوات أعلاميه للترويج إلى هذه البطولات الوهمية !!؟ ، وثمن الثانية الموجع دُفع من دماء العراقيين الاقتصادية وبملايين الدولارات ؟ .

الفصل الأول من كشف عملية ( الشبح ) بدأت بعد ساعات من الإعلان الرسمي المُرفق بصور “مشبوهين” مقيدين، بدأت الهامسات لأصوات لبعض السادة المسؤولين في مختلف مكاتب الأمانة العامة للرئاسة الوزراء وحتى بعض المستشارين ، تشكك في رواية جهاز المخابرات التي اعلنها لوسائل الإعلام مساء يوم الاثنين . ولكن في حقيقية الأمر لم يكن التشكيك في وجود الخلية الإرهابية الداعشية أو مدى خطورتها ، بل في الأصل كان التشكيك والهامسات داخل أورفة المكاتب بطريقة القبض الحقيقية على هؤلاء الإرهابيين.

مصادرنا بدورهم الذين تواصلوا مع “المنظمة” ، كشفوا أن العملية لم تكن “استدراجاً واستهدافاً” كما أُعلن في البيان ، بل كانت صفقة تجارية بحتة خالية من أي عمل بطولي واقرب لتسليم واستلام بضائع بشرية مُقابل مال ورشاوي وعمولات ، بعد الحصول الموافقة لصرف مبلغ (50) خمسين مليون دولار نقدآ لغرض إتمام العملية ومن قبل مكتب القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وبموافقات ودعم من قبل مجلس القضاء الأعلى عليا، قاموا بتحويل مبالغ طائلة بـ 30 مليون دولار أمريكي إلى نظرائهم من الضباط والمسؤولين في أجهزة أمنية في دول غرب إفريقيا وبعد ان تم الاتصال من قبل بعض المسؤولين في الأمنيين الافراقة بالسفارة (العراقية) في “دكار” بانهم استطاعوا القبض على عراقيين ومن جنسيات عربية وأجنبية تابعين لتنظيم داعش ولكن نريد أن نتفاهم حول بعض الأمور المتعلقة بالاستلام والتسليم وبمقابل ماذا ؟! تقدمون لنا وحيث تبين أن هناك وسطاء اخرين اشتركوا في هذه العملية والقبض على عناصر الخلية المطلوبة وتسليمهم جواً إلى بغداد، ليتم تقديمهم على أنهم “ثمرة عملية استخباراتية عراقية خالصة متميزة عابرة للحدود”.

(*مقتطف) لقد استباحت هذه الشبكة قدسية أعرق الأدوات الدبلوماسية وحولتها إلى حقيبة سفر رخيصة لعمليات شراء الذمم والضمائر والغسيل والرشوة والعمولات . لم تعد الحصانة الدبلوماسية تحمي سيادة الدولة، بل صارت تحمي الفاسدين من المحاسبة.

الفصل الثاني من آلية إتمام الصفقة ومن خلال الحقائب الدبلوماسية التي أصبحت تحمل الدولارات بدلاً من البروتوكولات ؟ السؤال الأهم: كيف تم تحريك هذا المبلغ الضخم، نقداً، عبر القارات ليصل إلى جهة الاستلام؟
حيث كشفت المعلومات المسربة عن آلية تبدو وكأنها مقتطعة من فيلم لجيمس بوند، ولكن بطلها الفساد المالي والإداري وليس الوطن. المبلغ الضخم، 30 مليون دولار نقداً، تم شحنه من بغداد إلى العاصمة السنغالية داكار عبر الحقيبة الدبلوماسية التابعة للسفارة العراقية في السنغال. استغلت الشبكة الفاسدة حصانة الحقائب الدبلوماسية التي تحظر تفتيشها، لتحويلها من أداة لنقل الوثائق الرسمية إلى قناة آمنة لتهريب الأموال الرشاوي والعمولات الساخنة. وفي العاصمة داكار، تسلم المال تابعون للجهاز، وقاموا بتسليمه إلى وسطاء بالأجهزة الأمنية في دول غرب إفريقيا. بعد استلام الدفعة، تم تنفيذ الجزء “العسكري” من الصفقة: القبض على العناصر وتسليمهم في عملية مُعدة مسبقاً للكاميرات.

(* مقتطف) بثمن 30 مليون دولار، اشترى المسؤولون لأنفسهم لحظة من المجد الزائف على شاشات التلفاز وعبر وسائل الإعلام . لكنهم نسوا أن ثمن كلمة ” بطولة ” حقيقية لا يُدفع بالدولارات، بل بالشرف والتضحية والفداء ونكران الذات والنزاهة والشفافية ، وهي عملة أصبحت نادرة جدا ولم تعد متداولة في أروقة السلطة والحكومة في المنطقة الخضراء .

الفصل الثالث: لماذا؟.. تكلفة الصورة البطولية أعلى من القيمة الحقيقة لهذا الحدث الزائف ولان الدافع وراء هذه الصفقة المجنونة يتجاوز الفساد المالي والإداري إلى البحت عن الفساد “الإعلامي” و”السياسي” والمخابراتية .
مصادرنا تقدم عدة تفسيرات ومنها على سبيل المقال وليس الحصر وحسب ما يتم تداوله :

  1. صناعة البطل وهمي حيث تحتاج الأجهزة الأمنية العراقية ، بين الحين والآخر، إلى تقديم “انتصارات” ملموسة وتبدوا واقعية لتبرير الميزانيات الضخمة المخصصة لها ولتعزيز مكانة كبار قادتها سياسياً وامنيا .
  2. الاستعراض الإقليمي: إظهار أن العراق لا يزال لديه قدرة على الوصول والضرب خارج حدوده والى مسافات عير القارات ، في رسالة موجهة لدول الجوار وبالأخص الأمريكان والبريطانيين ودول الاتحاد الأوربي وكذلك إسرائيل .
  3. السهولة: العمل الاستخباراتي الحقيقي شاق ومتعب، طويل، ومحفوف بالمخاطر العالية . ولكن شراء النتائج جاهزة وبمقابل مبالغ مالية كان حلاً أسرع وأضمن للظهور بالمظهر المطلوب إعلاميا على الصعيد الداخلي والخارجي .
  4. إضافة دعاية انتخابية مجانية لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني وقائمته الانتخابية ” تحالف الأعمار والتنمية” وضرب خصومه من ائتلاف قادة الإطار التنسيقي وكذلك المقارنة بالمنجزات الأمنية التي حققها من مسبقوه في رئاسة الوزراء وما جرى في عهد السوداني ؟.
  5. الأحاديث المتداولة في أورقة ومكاتب الأمانة العامة لرئاسة الوزراء وفي جلسات السمر الخاصة بان المبلغ الذي تم صرفه نقدآ كان 50 مليون دولار ولكن الذي تم دفعه كعمولات ورشاوي كان بحدود 30 مليون دولار والمتبقي عشرون مليون دولار تم تقاسمه بين مكتب رئيس الوزراء وبعض مدراء جهاز المخابرات والإكرامية بسيطة تم دفعها لضباط ومنتسبين جلبوا هؤلاء من أفريقيا؟ ولكن هناك من المسؤولين من تكلم بان المبلغ الحقيقي المدفوع لمسؤولين الأفارقة اقل من ثلاثون مليون دولار بكثير؟.
  6. مهما يكن المبلغ وحتى ولو كان دولار واحد دفع كرشوة أو عمولة فانه يعتبر فساد مالي وأداري لأنة لا تنطبق عليه مقولة “الغاية تبرر الوسيلة ” صحيح أن الغاية كانت القبض على إرهابيين مزعومين ولكن الحقيقية والهدف الرئيسي كانت اختلاس أموال الشعب العراقي والهدف الثانوي كان جلب هؤلاء وتسليم البضاعة البشرية؟.

لم يكن صعود ما يُعرف بـ “تنظيم داعش” المخابري والإرهابي، الذي انبثق من العدم ليقيم “خلافة” على أنقاض مدن الموصل والرقة، إلا لغزاً محيرا لمن لم يقرأ الخريطة الجيوسياسية للمنطقة. فكيف لميلشيا مسلحة أن تحتل مساحات شاسعة من أراضي العراق وسوريا في بضعة أشهر فقط، متحديةً أعتي الجيوش النظامية، لولا أنها كانت مشروعاً مدعوماً لوجستياً ومالياً وعسكرياً، تحركه أيادٍ خفية من وراء الحدود؟ وتشير معظم الأدلة إلى أن هذا الدعم لم يأتِ من فراغ، بل كان جزءاً من استراتيجية مُحكمة لدول وجماعات إقليمية وحتى قادة احزبا ، على رأسها الحرس الثوري الإيراني ونظام بشار الأسد المخلوع، لاستخدام التنظيم كـ “عصا غليظة” تُهشّم بها خصومهم وتُعيد رسم خريطة النفوذ في المنطقة تحت ذريعة محاربة الإرهاب الذي هم أنفسهم رَعَوْا وحَضَنوا بذراعه الأولى.

أن المرحلة الأكثر إيلاماً وخطورة هي مرحلة “ما بعد التحرير” المزعوم. فبعد هزيمة التنظيم عسكرياً في معاقل مثل الموصل، لم يمت “فيروس الداعشية”، بل تحوّل من مشروع خلافة مزعوم إلى بندقية قذرة ورخيصة للإيجار. لقد أصبح أداةً في أيدي نفس الأطراف الإقليمية، وأصبحت زعزعة استقرار العراق والمنطقة سلعةً تُباع وتُشترى، حيث يُوجّه التنظيم لضرب هنا أو تفجير هناك، وفقاً لأجندة الممول وصراعاته وتصفية حساباتها.والأخطر من ذلك، هو تحول هذا التنظيم المشبوه إلى أداة داخلية في الصراع المحلي على السلطة. ووصل الأمر عن استخدام بعض الفصائل المسلحة التابعة لميلشييات الحشد الشعبي (الموالية لإيران) لهذا التنظيم كـ “ستار” لعمليات إرهابية تُنفذ بأيديهم، أو يتم “تأجيره” لضرب خصومهم من الفصائل الأخرى المنافسة، أو حتى لـ “تأديب” القادة والضباط في الأجهزة الأمنية العراقية المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، والذين يشكلون عقبة أمام مشاريع الهيمنة والتسلط لقادة الفصائل الولائية المسلحة .وهكذا، يتم تصفيتهم جسدياً أو تشويه سمعتهم عبر عمليات مُلفَّقة، ليس لأنهم فشلوا في محاربة الإرهاب، بل لأنهم نجحوا فيها أكثر من اللازم وأصبحوا حجر عثرة في طريق مشروع الهيمنة، في عملية دنيئة لـ “إقصاء الكفاءات” و”تسييس الأمن” لضمان سيطرة الولاءات الضيقة على مقدرات الدولة ومؤسساتها.

المواطن العراقي، الذي يُطلب منه دائماً التحلي بالصبر والتحمل لحين ظهور المخلص ، يدفع مرة أخرى ثمن موجع للعبة السياسة . يدفع ثمن الرصاصة التي لم تُطلق، والتحقيق الذي لم يُجرَ، والبطولة التي اُشتريت من السوق السوداء الأفريقية.

معآ يد بيد ضد مكافحة الفساد المالي والإداري والسياسي في العراق! 

شعار المنظمة: بأن المعلومة يجب أن تكون متاحة للجميع، ويظل حق الاطلاع عليها حقًا أصيلًا للجمهور الرأي العام دون تمييز! 

منظمة عراقيون ضد الفساد 

Iraqi-organization-against-corruptio@protonmail.com