دماء القادة.. وقود الانتصار عبر التاريخ

ضياء ابو معارج الدراجي

يبدو أن نتنيـــاهو لم يقرأ التاريخ جيدًا، أو أنه لم يتعلم من دروسه الكبرى. فقتل القادة لم يكن يومًا سببًا في انكسار الشعوب، بل كان دائمًا شرارة لمزيد من القوة والعزم والإصرار على الانتصار.

حين اغتيل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالسمّ، ثم صُفّي أصحابه المخلصون من بعده، لم تنكسر الامة، بل ازداد الوعي بضرورة حفظ الرسالةالمحمدية الخالصة. وعندما ضرب سيف الغدر أمير المؤمنين علي عليه السلام في محرابه، واغتيل الإمام الحسن عليه السلام مسمومًا، كان ذلك بداية مرحلة جديدة من التمسك بالحق. أما واقعة الطف فكانت الحدث الأعظم، حيث تحوّل استشهاد الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه إلى وقود نهضة ضد الظالمين، امتد أثرها على مدى القرون رغم قتل الائمة عليهم السلام من بعده حتى غيبة الإمام الحجة عجل الله فرجه الشريف. لقد كانت دماء الطف وما تلاها مدرسة متجددة للثورة والرفض، صنعت من الشهادة طريقًا للكرامة والانتصار.

واليوم، يعيد التاريخ نفسه. فاستشهاد الحاج قـــــــــاسم و المهنـــــــــدس لم يُضعف محور المقاومـــــــة، بل زاده قوة وانتشارًا، وجعل دماءهم منارةً لآلاف الشباب الذين التحقوا بالمسيرة. وكذلك استهداف قادة إيران خلال معركة الاثني عشر يومًا، لم يُنهِ الصراع بل فتح صفحة جديدة من المواجهة الشاملة مع الكيان.

كما أن اغتيال القادة في حماس والحشـــــد الشعبــــــي لم يُدخل الرعب في قلوب المقاومين، بل أشعل فيهم روح التضحية والتكامل، وزرع اليقين أن الشهادة ليست نهاية المطاف بل بداية لمسيرة أعظم. وها هو السيد حســـــــن نصــــــــــراللـــــــه، الذي أستهدف بالاغتيال ، يتحوّل إلى رمز جامع للكرامة والصمود، يزيد شعبه وأمته إصرارًا على المضي في طريق التحرير.

إن مسيرة 1400 عام شاهدة أن الدماء الطاهرة تصنع الأمم، وأن كل قطرة دم شهيد تنبت أجيالًا جديدة من المقاوميــــــن. هذا هو سرّ قوة هذه الأمة: كلما قتلوا قائدًا نهض ألف قائد من بعده، وكلما اغتالوا رمزًا اشتعلت روح الثورة في الملايين.

وعليه، فإن سياسة الاغتيالات التي يتبعها الكيــــــان الصهيــــــــوني ليست إلا وهمًا قصير الأمد، فدماء القادة لن تُطفئ شعلة المقاومـــــــة، بل ستزيدها اشتعالًا حتى يتحقق وعد الله بالنصر والتمكين.

ضياء ابو معارج الدراجي