اسم الكاتب : هادي حسن عليوي
ـ (أنا هادي حسن عليوي).. تربيتُ منذ طفولتي إنني عراقي فقط.. وعشتُ ولم أفرق يوماً بين عراقي وعراقي أبداً.. حتى عندما كنتُ مسؤولاً لم أعين احد من أبناء مدينتي.. أو من أقربائي.. أو من أبنائي على حساب الآخرين.
ـ ولم أعامل أبنائي بمعاملة تختلف عن بقية طلابي أبداً.. بل على العكس كنتُ أتشدد مع أبنائي.. وأتساهل في بعض الأمور بأعذارٍ مشروعة عن الطلبة الآخرين.
ـ بداية العام 1970 عينتُ رئيساً لمؤسسة الثقافة العمالية في الموصل.. ومشرفاً عاماً على الثقافة العمالية في شمال العراق (أي في محافظات السليمانية وأربيل ودهوك).
ـ ذهبتُ الى الموصل لأول مرة في 19 / 1 / 1970.. لأجد أناساً أكثر من كونهم طيبون.. كانوا يقدمون ليً كل مساعدة من دون طلب.. ومن دون منية.. بل كان يعتبرون ذلك واجباً.. لأنني ضيفُ عليهم.
ـ الموصليون أيها الأصدقاء عراقيون أصلاء.. ولولاهم لذهبت الموصل الى تركيا العام 1925.. لموقفهم العراقي الأصيل.. فجميعهم صوتوا الى عراقية الموصل باستثناء بيتين أو ثلاثة بيوت فقط (يعرفهم الموصليون جيداً).
ـ الموصليون يحاسبون أنفسهم قبل غيرهم.. يوزنون بالقسطاط كما أمر الله.. لا يغشون في معاملاتهم.. صادقين.. لم يكذب احدهم معي.. ولم يساومني في قضية.. وعندما أطلب شيئاً اشعر بالخجل حيث يأتيني بأقرب وقت.. بلا منية.
ـ في شهر رمضان تشعر إنكً في وسط مدينة السلام.. والمحبة.. والدين.. والغفران.. في رمضان تجد في كل مكان من الموصل.. الخشوع.. آداب رمضان مجسدة في كل ممارساتهم.. يقدمون الفطور للمحتاج قبل أنفسهم.
ـ لا تجد متسولاً في الشارع.. (عيب.. فالجيران والأقرباء يتكفلون به وعائلته).. والله إنهم يمارسون أخلاق وسلوك محمد وعلي بكل تفاصيلها.
ـ سنتان لم اشعر بها سوى بالراحة.. وصدق الكلام.. والعلاقات الطيبة.. شعب طيب يعتزُ بدينه.. ويعتزُ بعروبته.. ويعتزُ بعراقيته.. ويعتزُ بموصليته.
الموصل.. بيد داعش:
ـ اليوم تمر الذكرى السادسة لاحتلال الموصل:
ـ داعش قتل من المدنيين في الموصل أكثر من 15,000
ـ جرح أكثر من 20,000
ـ غيب أكثر من 15,000
ـ دمر داعش البنى التحتية للبلد بنسبة أكثر من 50 مليار دولار.
ـ وقبل ذلك استحوذ على 400 مليون دولار كانت مودعة في بنوك الموصل.
ـ كل ذلك وما زال المتسبب الرئيسي معزز ومكرم.. حر وطليق!
ـ بكيتُ الموصل خلال السنوات الأخيرة أكثر من مرة.. وأنا أجد بعض مسؤوليها ينفخون في جراب مثقوب.. مثلما ينفخ بعض مسؤولي بغداد بالطائفية المقيتة.. حتى إنني أسأل أهل الموصل على هؤلاء المسؤولين فيقولون: (هؤلاء أناس نستحي أن نقول أنهم موصليون).
تحرير الموصل:
ـ ومرت في محنتها الكبيرة.. بعد أن حررتها أيدي قواتنا بكل صنوفه وبدعم شبابها وشيبها.. فإنني وطيد الثقة بأنها ستمر.
ـ وانتهت المحنة.. فأهل الموصل أناس صابرون.. شجعان.. لا يطأطؤون رؤوسهم لأحد.. ولن يقبلوا بهؤلاء الجهلة أعداء الإسلام في صفوفهم.. وسوف يلفظوهم.. مثلما لفضوا غيرهم من أعداء العراق.
ـ نحن معكم أيها الموصليون الأباة.. دماءُ أبناء العراقيين اختلطت بدمائكم على ارض الرسل والأنبياء.. دفاعاً عن الموصل العراقية.
ـ شمروا أيها الموصليون عن سواعدكم.. وأعيدوا بناء الموصل أحسن مما كانت عليه.. ولا تتأثروا من بعض ردات الفعل من بعض الجهلة والمتخلفين.
ـ نحن نعتز بعراقيتنا.. وبديننا.. وبمذهبنا.. ونسير على نهج مرجعيتنا التي قالت: (السنة أنفسنا).
ـ زرتُ الموصل قبل 2003 عشرات المرات بل كل صيف كنتُ فيها.. ووجدتها تتغير نحو الأفضل ثقافةً وعمراناً.
ـ أما بعد 2003 فالتغيير حاصل ليس في الموصل فحسب.. بل في كل المدن العراقية.. فالبصرة التي لا تعرف الطائفية.. ضربتها الطائفية بإطنابها.
ـ صحيح الموصل تغيرت بعد 2003.. لكن بمسؤوليها من البيتين أو الثلاثة بيوت التي ذكرتها في مقالتي هذه وتسلموا المسؤولية فيها.. وبقيً أكثر الموصليين عوائل أصيلة.. ومثلما الطائفية المقيتة ضربت الجنوب فقد ضربت الشمال.
ـ فرحتُ فقد انقشعت الغمة.. وثقتي عالية بأن يعود الموصليون الى أصلهم الشريف.. فلكل قاعدة استثناء.
زيارة.. بكاء.. وليس فرح:
ـ زرتُ الموصل في 12 / 1 / 2019 لإجراء اختبارات الكفاءة المهنية لصحفيي نينوى.
ـ بكيتُ على الموصل.. وأنا أشاهد المدينة القديمة مدمرة وخربة ومحروقة.. وجسور الموصل مدمرة.
ـ بكيتُ في جامع ألنوري.. وأنا أجد عشرات الأطفال اليتامى.. ليس لهم معيل.. ولا احد يسأل عنهم.
ـ بكيتُ على حي الشفاء.. الذي كنتُ أسكن فيه.. فلم أجد داراً واحدة ليست غير محروقة ولا غير مدمرة.
ـ وبكيتُ على أهل حي الشفاء.. فلا ادري ماذا حل بهم.. وترحمتُ على أمواتهم وشهدائهم.
ـ الحنق على مسؤولي الموصل.. من محافظها.. ومجلس محافظتها.. ونوابها.. وكل مسؤوليها.
ـ فلا هَمً لهم سوى نهب ما تبقى من خرائب المدينة.. واكل لحوم أبنائها وهم أحياءً..
(أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ)!!
ـ لا تصدقوا بالتصريحات.. فالبشر قد تغيرت.. ويبقى الأصلاء هم الأقلية.. وننتظر
الى شباب الموصل.. هل سيشمرون على أيديهم ليبنوا مدينتهم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟.
ـ أيها الموصليون:
ـ لا تنتظروا الحكومة الاتحادية.. ولا حكومتكم المحلية.. ولا ممثليكم في مجلس النواب.. ولا أي كتلة سياسية.. ولا المساعدات الدولية.. ابنوا مدينتكم طوبة.. طوبة.. ويسجل التاريخ لكم شرف التضحية من اجل موصلكم.
ـ واصبروا.. وصابروا .. ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ
الصَّابِرِينَ)…. واعملوا بكل جهودكم: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ).