الكاتب : د. فاضل حسن شريف
—————————————
عن کتاب الميزان في تفسير القرآن للعلامة الطباطبائي: قوله تعالى “وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ” (ق 7) مد الأرض بسطها لتلائم عيشة الأنسان، والرواسي جمع الراسية بمعنى الثابتة صفة محذوفة الموصوف وهو الجبال، والمراد جعل الجبال الثابتة على ظهرها، والبهيج من البهجة، قال في المجمع: البهجة الحسن الذي له روعة عند الرؤية كالزهرة والأشجار النضرة والرياض الخضرة. انتهى. وقيل: المراد بالبهيج الذي من رآه بهج وسر به فهو بمعنى المبهوج به. والمراد بإنبات كل زوج بهيج إنبات كل صنف حسن المنظر من النبات. وقوله “وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ” (الحج 5) أي وأنبتت الأرض من كل صنف من النبات متصف بالبهجة وهي حسن اللون وظهور السرور فيه، أو المراد بالزوج ما يقابل الفرد فإن كلامه يثبت للنبات ازدواجا كما يثبت له حياة، وقد وافقته العلوم التجريبية اليوم. والمحصل أن للأرض في إنباتها النبات وإنمائها له شأنا يماثل شأن الرحم في إنباته الحيوي للتراب الصائر نطفة ثم علقة ثم مضغة إلى أن يصير إنسانا حيا.
ان الإسلام يؤكد على توثيق العلاقات الاجتماعية من اخوة وقرابة احياء واموات بزيارتهم في بيوتهم أو زيارة قبور الاموات، او الاتصال الهاتفي وتبادل الرسائل مما يفرح ويسعد المجتمع برمته. وفرصة العيد تشجع على هذا العمل الحسن. قال الله تبارك وتعالى “فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ” (البقرة 178). عن أبي جَعْفَر البَاقِر عليه السَّلَام إنَّه قال: (من أدخل على رجلٍ من شيعتنا سروراً فقد أدخله على رسول الله وكذلك من أدخل عليه أذىً أو غماً).وقال الإمام الصادق عليه السَّلَام: (من أدخل على مؤمن سروراً خلق الله عز وجل من ذلك السـرور خلقاً فيلقاه عند موته فيقول له: ابشـر يا ولي الله بكرامة من الله ورضوان منه، ثم لا يزال معه حتى يدخل قبره، فيقول له مثل ذلك فإذا بعث تلقاه فيقول له مثل ذلك، فلا يزال معه في كل هول يبشـره ويقول له مثل ذلك، فيقول له: من أنت رحمك الله؟. فيقول: أنا السرور الذي أدخل في فلأن).
عن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى “وَ تَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَ رَبَتْ وَ أَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ” (الحج 5) “بهيج” تعني الجميل السّاحر السارّ. قوله تعالى “فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَ لَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَ سُرُوراً” (الأنسان 11) “نضرة”: بمعنى البهجة و حسن اللون و السرور الخاص الذي يظهر عند وفور النعمة و الرفاه على الأنسان، أجل، إنّ لون وجودهم في ذلك اليوم يخبر عن الهدوء و الارتياح، و بما أنّهم كانوا يحسّون بالمسؤولية و يخافون من ذلك اليوم الرهيب، فإنّ اللّه تعالى سوف يعوضهم بالسرور و بالبهجة. قوله تعالى ” وَ الْأَرْضَ مَدَدْناها وَ أَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ” (ق 7) خلق الأرض من جهة، ثمّ اتّساعها و خروجها من تحت الماء من جهة اخرى، و وجود الجبال الرواسي عليها و ارتباط بعضها ببعض كأنّها السلاسل التي تشدّ الأرض و تحفظها من الضغوط الداخلية و الخارجية و الجزر و المدّ الحاصلين من جاذبية الشمس و القمر من جهة ثالثةو وجود أنواع النباتات بما فيها من عجائب و اتّساق و جمال من جهة رابعة جميعها تدلّ على قدرته اللّامحدودة. و التعبير ب مِنْ كُلِّ زَوْجٍ إشارة إلى مسألة الزوجية في عالم النباتات التي لم تكن معروفة كأصل كلّي حين نزول الآيات محلّ البحث، و بعد قرون و سنين متطاولة استطاع العلم أن يميط النقاب عنها. أو أنّه إشارة إلى اختلاف النباتات و أنواعها المتعدّدة، لأنّ التنوّع و الاختلاف في عالم النبات عجيب و مذهل.
وردت كلمة يهيج ومشتقاتها في القرآن الكريم: بَهِيجٍ، بَهْجَةٍ. ورد عن النبي صلى الله عليه وآله: (إن في الجنة داراً يقال لها دار الفرح لا يدخلها إلا من فرّح يتامى المؤمنين. وورد عن النبي صلى الله عليه وآله: (من أدخل على مؤمن فرحاً فقد أدخل علي: فرحاً، ومن أدخل علي فرحاً فقد اتخذ عند الله عهداً، ومن اتخذ عند الله عهداً جاء من الآمنين يوم القيامة، وقال: (من سر مؤمناً فقد سرّني ومن سرني فقد سر الله). وقال: (من نفس عن المؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه سبعين كربة من كرب الآخرة). قال صلى الله عليه وآله وسلم: (من فرج عن مغموم أو أعان مظلوماً، غفر الله له ثلاثاً وسبعين مغفرة). في الخصال (ج 2 ص 635) للشيخ الصدوق عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام في حديث الأربعمائة: (أنَّ الله تبارك وتعالى اطلّعَ إلى الأرضِ فاختارنا واختار لنا شيعةً ينصروننا ويفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا أولئك منّا وإلينا)، وبسنده عن الريّان بن شبيب عن الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام قوله: (يا ابن شبيب إنْ سرَّك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان فاحزن لحزننا وافرح لفرحنا وعليك بولايتنا)، وفي الوسائل (ج 14، ص 502) نقلاً عن كامل الزيارات لابن قولويه القمّي بسنده عن مسمع بن عبد الملك عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام قوله: (رحم الله دمعتك أما إنّك من الذين يعدّون من أهل الجزع لنا والذين يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا).