د. فاضل حسن شريف
عن تفسير الميسر: قوله تعالى “إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا” ﴿الإسراء 7﴾ أَحْسَنتُمْ: أَحْسَن فعل، تُمْ ضمير. وَلِيُتَبِّرُوا: وَ حرف عطف، لِ لام التعليل، يُتَبِّرُ فعل، وا ضمير. إِنْ أَحْسَنْتُمْ: إن عبدتم الله حق العبادة وأطعتم رسوله. وَلِيُتَبِّرُوا: وليدمروا. إن أحسنتم أفعالكم وأقوالكم فقد أحسنتم لأنفسكم، لأن ثواب ذلك عائد إليكم، وإن أسأتم فعقاب ذلك عائد عليكم، فإذا حان موعد الإفساد الثاني سَلَّطْنا عليكم أعداءكم مرة أخرى، ليذلوكم ويغلبوكم، فتظهر آثار الإهانة والمذلة على وجوهكم، وليدخلوا عليكم “بيت المقدس” فيخرِّبوه، كما خرَّبوه أول مرة، وليدمروا كل ما وقع تحت أيديهم تدميرًا كاملا. و جاء في تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله تعالى “إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا” (الإسراء 7) وقلنا “إن أحسنتم” بالطاعة “أحسنتم لأنفسكم” لأن ثوابه لها، “وإن أسأتم” بالفساد “فلها” إساءتكم، “فإذا جاء وعد” المرة “الآخرة” بعثناهم “ليسوءوا وجوهكم” يحزنوكم بالقتل والسبي حزنا يظهر في وجوهكم “وليدخلوا المسجد” بيت المقدس فيخربوه “كما دخلوه” وخربوه “أول مرة وليتبروا” يهلكوا “ما علوْا” غلبوا عليه “تتبيرا” هلاكا وقد أفسدوا ثانيا بقتل يحيى فبعث عليهم بختنصر فقتل منهم ألوفا وسبى ذريتهم وخرب بيت المقدس.
جاء في جامع الكتب الاسلامية: هناك أنواع أخرى للجناس، منها ما أطلقوا عليه جناس التصحيف، وضابطه: أن يتماثل طرفاه خطًّا ويختلفَا نطقًا ونقطًا، ومثلوا له من القرآن بقول الله تعالى حكايةً عن إبراهيم عليه السلام: “وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ” (الشعراء 79-80) فالجناس بين “وَيَسْقِينِ” و “يَشْفِينِ” والطرفان فيه متماثلان في الخط، فلو أزلتَ النقط التي على حروفهما حدث بينهما تماثل تام، والاختلاف في النقط تابعاه اختلاف في النطق كما ترى. ومن ذلك: قوله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب: (قَصِّر ثوبك، فإنه أتقى وأنقَى وأبقى) ومنه دعاؤه صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى). وكذا ما يسمى بالجناس اللفظي أو جناس الاشتقاق، فهذه الصورة وإن اشتبهت بالجناس لفظًا فقد فارقته معنًى، لعدم التفاوت في معانيها، مثال ذلك: قول الله تعالى: “فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ” (الروم 43) فأنت تلحظ اتفاقًا بين: “أَقِمْ” و “الْقَيِّمِ” وهذا الاتفاق جعل هذه السورةَ كأنها جناس، ولكن لما كان المعنى واحدًا للكلمتين زال معنى الجناس عنهما.
وردت كلمة تتبير ومشتقاتها في القرآن الكريم: تَبَرُّوا مُتَبَّرٌ وَلِيُتَبِّرُوا تَتْبِيرًا تَبَّرْنَا تَبَرُّوهُمْ تَبَارًا.
عن صفحة لسان الثقلين: ما هي المشتقات في اللغة العربية؟ ينقسم الاسم باعتبار أخذه من غيره وعدم أخذه من غيره إلى جامد ومشتق، فالجامد ما لم يؤخذ من غيره، والمشتق بخلافه، وعليه فإن: الاسم المشتق: هو الاسم الذي أُخذ من غيره وله أصل يرجع ويتفرع منه. أمثلة على المشتقات: مكتوب: اسم أُخذ من الفعل كتب. ملعب: اسم أُخذ من الفعل لعب. متعلّم: اسم أُخذ من الفعل تعلّم. منشار: اسم أُخذ من الفعل نشر. مجتمع: اسم أُخذ من الفعل اجتمع. صابر: اسم أُخذ من الفعل صبر.
وعن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى “إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا” ﴿الإسراء 7﴾ “وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا” ﴿الإسراء 7﴾ أي: وليدمروا ويهلكوا ما غلبوا عليه من بلادكم تدميرا ويجوز أن يكون ما مع الفعل بتأويل المصدر والمضاف محذوف أي: ليتبروا مدة علوهم. و جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: “وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا” ﴿الإسراء 7﴾. والمعنى فإذا جاء وعد المرة الآخرة وهي الثانية من الإفسادتين بعثناهم ليسوئوا وجوهكم بظهور الحزن والكآبة وبدوالذلة والمسكنة وليدخلوا المسجد الأقصى كما دخلوه أول مرة وليهلكوا الذي غلبوا عليه ويفنوا الذي مروا عليه إهلاكا وإفناء.
جاء في موقع اقرأ عن أمثلة على جناس ناقص للكاتبة جميلة الأشقر: أمثلة على الجناس في القرآن يزخر القرآن الكريم بأنواع مختلفة للجناس، بحيث يخدم كلّ واحد منها الغرضَ الموجود لأجله، و يسعدنا عبر هذا المقال أن نقدم لكم بعض أمثلة على الجناس في القرآن: الجناس الناقص: الجناس الذي يكون الاختلاف بين لفظيه في عدد الحروف، كما في الآيات الآتية: قوله تعالى: “وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ” (القيامة 29-30)، حيث زادت كلمة المساق بالأحرف على كلمة الساق. قوله تعالى:”ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ”، حيث زادت كلمة كلي بالأحرف على كلمة كل. جناس الاشتقاق: ورد في قوله عالى-: “فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ”، فاجتمعت كلمتا “رَوْح” و”رَيْحان” في أصل الاشتقاق، وهو “رَوَحَ”، ومنها أيضاً قوله تعالى: “لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ”، فكل من كلمتي ليحق و الحق مشتقتان من الفعل حقق ومنها قوله تعالى:”فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ” فكل من كلمتي أقم والقيم مشتقتان من الفعل قوّم، ومنها قوله تعالى:”إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ” فكلمة وجهت وكلمة وجهي مشتقان من الفعل وجه.