مفردات الركب عند تفسير الميسر (يركبون، اركبوا، تركبوها، ركبا، ركبوا، تركبوا)

د. فاضل حسن شريف

عن تفسير الميسر: قال الله تعالى عن يركب ومشتقاتها “وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ” ﴿يس 42﴾ يَرْكَبُونَ: يَرْكَبُ فعل، ونَ ضمير. خلقنا لهؤلاء المشركين وغيرهم مثل سفينة نوح من السفن وغيرها من المراكب التي يركبونها وتبلِّغهم أوطانهم. قوله عز وعلا “إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَىٰ وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ ۚ وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ ۙ وَلَـٰكِن لِّيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ ۗ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ” ﴿الأنفال 42﴾ وَالرَّكْبُ: وَ حرف عطف، ال اداة تعريف، رَّكْبُ اسم. واذكروا حينما كنتم على جانب الوادي الأقرب إلى “المدينة”، وعدوكم نازل بجانب الوادي الأقصى، وعِير التجارة في مكان أسفل منكم إلى ساحل “البحر الأحمر”، ولو حاولتم أن تضعوا موعدًا لهذا اللقاء لاختلفتم، ولكنَّ الله جمعكم على غير ميعاد، ليقضي أمرًا كان مفعولا بنصر أوليائه، وخِذْلان أعدائه بالقتل والأسر، وذلك ليهلك من هلك منهم عن حجة لله ثبتت له فعاينها وقطعت عذره، وليحيا مَن حيَّ عن حجة لله قد ثبتت وظهرت له. وإن الله لسميع لأقوال الفريقين، لا يخفى عليه شيء، عليم بنيَّاتهم. قوله عز وجل “وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ۚ إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ” ﴿هود 41﴾ ارْكَبُوا: ارْكَبُ فعل، وا ضمير. وقال نوح لمن آمن معه: اركبوا في السفينة، باسم الله يكون جريها على وجه الماء، وباسم الله يكون منتهى سيرها ورُسوُّها. إن ربي لَغفور ذنوب من تاب وأناب إليه من عباده، رحيم بهم أن يعذبهم بعد التوبة. قوله سبحانه “وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ” ﴿هود 42﴾ اركب فعل، وهي تجري بهم في موج يعلو ويرتفع حتى يصير كالجبال في علوها، ونادى نوح ابنه وكان في مكانٍ عَزَل فيه نفسه عن المؤمنين فقال له: يا بني اركب معنا في السفينة، ولا تكن مع الكافرين بالله فتغرق.

كذلك قال الله عز وجل “وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ۚ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ” ﴿النحل 8﴾ لِتَرْكَبُوهَا: لِ لام التعليل، تَرْكَبُ فعل، و ضمير، هَا ضمير. وخلق لكم الخيل والبغال والحمير، لكي تركبوها، ولتكون جمَالا لكم ومنظرًا حسنًا، ويخلق لكم من وسائل الركوب وغيرها ما لا عِلْمَ لكم به، لتزدادوا إيمانًا به وشكرا له. “اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ” ﴿غافر 79﴾ مِنْهَا: مِنْ حرف جر، هَا ضمير، وَمِنْهَا: وَ حرف عطف، مِنْ حرف جر، هَا ضمير. لِتَرْكَبُوا: لِ لام التعليل، تَرْكَبُ فعل، وا ضمير. الله سبحانه هو الذي جعل لكم الأنعام، لتنتفعوا بها: من منافع الركوب والأكل وغيرها من أنواع المنافع، ولتبلغوا بالحمولة على بعضها حاجةً في صدوركم من الوصول إلى الأقطار البعيدة، وعلى هذه الأنعام تُحْمَلون في البرية، وعلى الفلك في البحر تُحْمَلون كذلك.

جاء في تفسير الميسر: قال الله تعالى عن يركب: قوله عز من قائل “فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا ۖ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا” ﴿الكهف 71﴾ رَكِبَا: رَكِبَ فعل، ا ضمير. فانطلقا يمشيان على الساحل، فمرت بهما سفينة، فطلبا من أهلها أن يركبا معهم، فلما ركبا قَلَعَ الخَضِر لوحًا من السفينة فخرقها، فقال له موسى: أَخَرَقْتَ السفينة، لتُغرِق أهلَها، وقد حملونا بغير أجر؟ لقد فعلت أمرًا منكرًا. قوله عز وعلا “فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ” ﴿العنكبوت 65﴾ رَكِبُوا: رَكِبُ فعل، وا ضمير. فإذا ركب الكفار السفن في البحر، وخافوا الغرق، وحَّدوا الله، وأخلصوا له في الدعاء حال شدتهم، فلما نجَّاهم إلى البر، وزالت عنهم الشدة، عادوا إلى شركهم، إنهم بهذا يتناقضون، يوحِّدون الله ساعة الشدة، ويشركون به ساعة الرخاء. وشِرْكهم بعد نعمتنا عليهم بالنجاة من البحر، ليكونَ عاقبته الكفر بما أنعمنا عليهم في أنفسهم وأموالهم، وليكملوا تمتعهم في هذه الدنيا، فسوف يعلمون فساد عملهم، وما أعدَّه الله لهم من عذاب أليم يوم القيامة. وفي ذلك تهديد ووعيد لهم.