احتلال العقل ام احتلال المعقل ؟

كمال فتاح حيدر

المعقل: هو الملجأ والحصن المنيع الذي يحتمي فيه القوم ويوفر لهم الامن والامان. اما اسم مدينتي (المعقل) في البصرة فيعود إلى الأرض التي كان يملكها (معقل بن يسار المزني)، وهو الذي حفر نهر المعقل واسماه (معقلان) في مكان لا يبعد كثيرا عن رصيف رقم (4) في ميناء المدينة. .

وبمناسبة الحديث عن فنون الحروب الذكية التي أتقنتها القوى المستبدة هذه الايام، لابد من توعية الناس بمخاطر المشاريع الخبيثة التي تبنتها التحالفات الدولية لإحتلال العقول والتحكم بالإرادات، وتفضيلها على احتلال المعاقل والمساحات والحدود والسيادات. .

لا ريب ان احتلال الارض اقل خطورة بآلاف المرات من استحمار الرأي العام، فالأرض تُسترد بالدفاع والمقاومة، اما إذا فقدت الامة عقلها، ولم تعد تحسن التفكير والتدبر، فسوف تفقد كرامتها وتفقد سيادتها، وتخسر قدرتها على تقرير مصيرها، آخذين بعين الاعتبار ان اعداء اليوم لا يخططون لاختراق الحدود، وانما يخططون للتشويش على عقول الشعوب وتشفير أدمغة الأمم. .

انظروا كيف تغلغلوا في صفوفنا عن طريق منصات التواصل، وعن طريق ذبابهم الإلكتروني، جاءونا بالصوت والصورة والمقاطع المفبركة والأفلام المصنوعة في مختبرات الذكاء الاصطناعي، وجاءونا بالكلمة والنغمة، ولم يأتوا بالدبابات والفرقاطات وإن كانت قواعدهم الحربية صارت تتكاثر في ديارنا حتى غدت تحتل الثغور والمنافذ البعيدة. .

لكن احتلال العقول هو شغلهم الشاغل، يريدونك ان تفقد عقلك وتقلدهم في كل شيء، حتى تدور في فلكهم وتصبح نسخة مستنسخة منهم. فتكون رهن إشارتهم وفي خدمتهم من دون أن تدرك انك وقعت في الفخ وصرت عبدا من عبيدهم. .

لقد فشلت القوى الغاشمة في التغلب على الشعب الصيني أو الياباني لأن الآسيويين ينتمون إلى أمم تفكر، أمم يتعذر ترويضها وتدجينها وتطويعها، ويصعب اختراقها وإخضاعها واستعبادها. فقدم لنا الشعب الفيتنامي انموذجا يحتذى به. .

فالعبودية ليست سلاسل تكبل اليدين وتقيد الرجلين. وانما هي افكار مضللة تصيب الاغبياء بالشلل الدماغي، وتحول بينهم وبين التفكر والتحرر. .