اسم الكاتب : هادي حسن عليوي
ـ مبدئي.. عرف بزهده.. ونزاهته.. كريم النفس.. شخصية سياسية تتسم: بالحكمة والعقلانية.. والقدرة على التفاوض.
ـ يعيش حياته حد الكفاف.. تَرَفعً عن مباهج الحياة والإثراء.. وكل شيء أمامه ومتوفر.
ـ يدعى (الملا) لطبيعته.. وتقشفه.. وتواضعه الجم.. لم يستغل مناصبه.. بالرغم من كونه كان عضواً في مجلس قيادة الثورة.. وعضو القيادتين القطرية والقومية لحزب البعث.
السيرة والتكوين:
ـ ولد عبد الخالق إبراهيم خليل السامرائي في سامراء العام 1935.. والده ينتمي إلى قبيلة الجبور.. عشيرة الهياجل من فخذ العبد الجادر.. استوطن الجد الأكبر (جادر) مدينــــة سامراء.. بعد إن هاجر من منطقة الشورة جنوب الموصل.. فاكتسبت العائلة لقب السامرائي.. والدته تنتمي إلى عشيرة ألبو عباس.. من السادة الإشراف.. في مدينة سامراء.
ـ أكمل دراسته الابتدائية في سامراء.. والثانوية في الكرخ ببغداد.
ـ ثم دخل دورة معلمين العام 1959.. وعين معلماً للابتدائية في محافظة ديالى.
رجل مسالم.. لكنه لم يكن حمامةً !
ـ لم يسجل له دور بجرائم البعث قبل وبعد انقلاب 8 شباط العام 1963.. فلم يساهم في لجان التحقيق والتعذيب في قصر النهاية وغيره.. ولا في مقر أقامته وعمله وموقعه الحزبي في بعقوبة.
ـ اختار أو اختاروا له كنية أبو دحام.. لأنه يدحم.. أي يهجم.
ـ ففي العام 1965 قاد مجموعة مسلحة لاغتيال ضابط أمن في جهاز الرئيس عبد السلام عارف.. كان معنياً في إيذاء البعثيين.. فأرداه قتيلاً في الحال.
ـ لم يكن عبد الخالق معروفاً أو مؤثراً داخل الحزب.. الا انه خلال حملة الاعتقالات التي جرت يومي 4 و5 ايلول 1964.. على اثر اكتشاف محاولة انقلابية للبعث ضد سلطة عبد السلام عارف.
شجاعته:
ـ أثبت عبد الخالق صلابة قوية بوجه هيئة التحقيق.. في حين الكثير من المسؤولين البعثيين اعترفوا دون ان يجري تعنيفهم.
ـ ومن بين الشجاعة والجرأة التي تميز بها عبد الخالق.. انه اثناء التحقيق معه سمع كلاماً قاسيا من المحقق الذي لوح بعصاه.. مهدداً بتحطيم رأسه.. ما اثار عبد الخالق الذي فقد اعصابه.. وهجم على المحقق وانتزع العصا منه.. واخذ يضربه بقوة .. ما ادى بالمحقق الهروب من غرفة التحقيق مذعوراً.
مناصبه الحزبية:
ـ أواخر العام 1963.. وبعد انشقاق في قيادة البعث في العراق.. الى مجموعة حازم جواد وأخرى مجموعة على صالح السعدي.. عقد المؤتمر القطري للحزب في سورية.. وانتخب عبد الخالق عضواً في القيادة القطرية في العراق.
ـ العام 1967 انتخب عضواً للقيادة القومية في المؤتمر القومي التاسع للحزب الاستثنائي / دمشق ـ أوائل أيلول 1967.. بالرغم من عدم حضوره هذا المؤتمر.
ـ كان المسؤول عن نشاط الحزب الثقافي والإعلامي.. ومسؤول عن النقابات العمالية.. في القيادة القومية للبعث.
دور عبد الخالق بعد انقلاب 17 ـ 30 تموز 1968:
ـ عقب انقلاب 17 ـ 30 تموز 1968 برز اسم عبد الخالق.. كعضو للقيادتين ( القومية والقطرية لحزب البعث).
ـ ومسؤول مكتب الثقافة والاعلام للحزب.. لما يتمتع به عبد الخالق من خلق رفيع وثقافة تتسم باللاعنف.. على النقيض من ناظم كزار الذي يتصف بالعنف والقوة .
ـ أصبح عضواً لمجلس قيادة الثورة في تشرين الثاني / سبتمبر/ العام 1969.
ـ رجل الحوار السلمي مع الوطنيين العراقيين.. ومع القوميين العرب.
ـ اختير نائباً لرئيس الجبهة المساندة للثورة الفلسطينية.. التي يتزعمها كمال جنبلاط في لبنان.
ـ أكثر البعثيين تفهما للحقوق الكردية المشروعة.. وله علاقات متميزة مع الأكراد.. وقال عنه مصطفى البارزاني: “عبد الخالق السامرائي حمامة السلام.. أينما حطً.. حط السلام معه.. له الدور الأكبر في اتفاق 11 آذار 1970بين الحكومة والحركة الكردية”.
ـ نأى بنفسه عن كل امتيازاتها وإغراءاتها.. وظلّ إلى يوم ألقيً القبض عليه لا يتغذى سوى (سندويتشه) كان يضعها في حقيبة أوراقه.. وهو الذي لم تكن له سوى بدله واحدة.. وظلّ إلى يصعد إلى جانب سائقه “عباس” في سيارة ألفيات الصغيرة.. بدون مرافقين أو حرس.. لم تأخذه بهرجة السلطة.. ولا تسلطت عليه مفاهيم القوة واضطهاد الخصوم.. أو الاستعداد للغدر بالآخرين أبداً.
ـ لم يفارق داره.. وأبقى على أثاث داره القديم من دون تغيير.. اعدم ولم يتزوج.
ـ ربما لهذا الاسباب سميً (درويش الحزب).. أو لأن نمط حياته الخاصة يوحي بالدروشة.
ـ أكثر أعضاء الحزب شعبية.. يعده كثير من البعثيين مفكر ومنظر الحزب في العراق.. وألفً العديد من الكتب.. خصوصاً في الاشتراكية.. وشخصية قلً نظيرها على مستوى البعثيين.. ويحظى باحترامهم.
علاقة عبد الخالق بصدام حسين:
ـ مرة قال الرئيس صدام حسين: إن عبد الخالق السامرائي هو الذي كسبه للحزب.. لاستقامته وصدقه وخلقه.. وكلام صدام هذا مجاف للحقيقة.
ـ فالحقيقة إن بعض الطلبة الحزبين في ثانوية الكرخ كسبوا عدنان خير الله وصدام حسين.. بعد التظاهرات التي انطلقت خلال العدوان الثلاثي على مصر في تشرين الاول / اكتوبر 1956.. وبعد مناقشة الاسمين من قبل الخلية الحزبية.. قُبلً عدنان بالحزب لأنه معروف.. وأجل عبد الخالق قبول صدام بالحزب لعدم معرفة الخلية بسلوكه.. وأبقاه عبد الخالق ستة أشهر تحت التجربة.. حيث كان عبد الخالق المسؤول الحزبي في ثانوية الكرخ (آنذاك).
ـ كان صدام حينها يعاني من الفقر.. فأرسله عبد الخالق الى فندق (وادي النيل) في منطقة الكرخ.. والى غرفته التي كان يسكن فيها وجهزه بالكسوة الكاملة.
ـ كان أول من شخصً صدام وعرفه انه غدار هو حسين محمود السامرائي.. العضو في خلية عبد الخالق.. وذات مرة قال السامرائي لصدام ما نصه” ليً إحساس بأن نهاية عبد الخالق ستكون على يديك”.. لكن عبد الخالق رفض ذلك الكلام لأنه يرى الناس بكل طيبة وصدق.
ـ كذلك قالها والد عبد الخالق لصدام مباشرة.. إلا إن صدام ردً “إن عبد الخالق هو أخي يا عمي فأحسن الظن بي”.
نشاطه بعد انقلاب تموز 1968:
ـ بقيً عبد الخلق يدور في نشاطه بعد استلام البعث للسلطة العام 1968 على محور الثقافة.. رافضاً بإصرار أن يقبل حقيبة وزارية.. ومتفرغاً لشؤون التنظيم الثقافي.
ـ كما كان صدام متفرغاً لشؤون مكتب العلاقات الخاص.. فجمع الأول حوله مثقفين وشعراء ورجال سياسة ونال ثقتهم.. وجمع الثاني حوله القادرين على النهوض بأعمال الاستجواب والتحقيق والتعذيب.
ـ سيطر عبد الخالق السامرائي على وزارة الإعلام بصفته هذه.. ومن خلال وزيرها عبد الله سلوم السامرائي.. فجمع عبد الخالق السامرائي.. كبقية المسؤولين الآخرين.. عدداً من أبناء مدينته.. على أن يكونوا بعثيين.. وعينهم في أجهزة الثقافة والإعلام.
ـ اصدر كراساً بعنوان (حزب الطبقة العاملة) لتكريس نظريته بجعل البعث حزباً للفقراء.. وقد ذهب اكثر من ذلك.. ودعا لأن تكون قيادة الحزب القطرية عمالية!.. وأشار الى إن حزباً لا يقوده العمال سيظل مرهوناً لطبقة غير طبقة الشعب الكبرى.
خلافاته مع البكر ـ صدام:
ـ بعد انقلاب 30 تموز 1968 سيطر البعث على السلطة.. وتولى احمد حسن البكر مسؤولية الدولة.. وسيطر صدام على الأجهزة الأمنية.. فيما احتفظ عبد الخالق بالجانب الحزبي كسلطة أعلى من الجميع.
ـ كانت تعليماته أوامر للحزب.. الأمر الذي أغاظ صدام.. الذي راح يرسم السيناريوهات للتخلص منه بأقرب فرصة.. (متناسياً انه كان مسؤوله الحزبي الأول.. وساعده في ظروفه الاقتصادية الصعبة.. وهو الذي حماه.. وهربه الى سورية).. بعد فشل محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم في تشرين الأول العام 1959.
ـ أدرك صدام خطر عبد الخالق.. منذ رفضه الأثاث الذي ارسله صدام الى مكتب عبد الخالق.. وحين سأل عبد الخالق هل هو على نفقة صدام أم من الدولة.. وحين اجابوه من الدولة رفضه وامرهم بإعادته.
ـ كذلك عندما كان يتناول عشاءه عند بائع الفشافيش والتكة على الرصيف.
ـ شعر صدام بالخطر من سيطرة أهل سامراء.. وبالتالي عبد الخالق السامرائي على وزارة الثقافة والإعلام.. فأخذ يحاصر عبد الخالق.. واستطاع إقالة عبد الله سلوم السامرائي وزير الإعلام أولاً.. للانفراد به بعد أن قدم صدام لعبد الخالق ولأعضاء القيادة تقريراً موثقاً بالشهود والصور حول ميول عبد الله سلوم النسائية.
ـ فضح ممارسات خير الله طلفاح خال صدام.. الذي كان محافظا لبغداد.. باستغلال نفوذه.. ويقال ان صلاح عمر العلي أبلغ صدام بهذه الفضائح.. ما أزعج صدام بشكل خاص.
ـ اتسعت فجوة الخلاف بين عبد الخالق من جهة وبين البكرـ صدام من جهة أخرى عندما طلب الفلسطينيون تدخل الجيش العراقي المرابط في الأردن لنصرتهم في أيلول 1970.. من محاولة تصفيتهم من قبل الملك حسين.. وقد أملوا أن يستجيب العراق لطلبهم.. بسبب التحالف الاستراتيجي بين حزب البعث وحركة فتح.
ـ لكن قيادة البكرـ صدام قالت: إنها غير قادرة على التجاوب.. فهي نظام وليد.. والخوف من أن يستغل ذلك من قبل إسرائيل والغرب لضرب العراق.. فيما دعا عبد الخالق الى اتخاذ موقف حازم الى جانب الفلسطينيين.. وإصدار الأوامر الى الجيش العراقي بالتحرك ضد الجيش الأردني لوقف المجازر ضد المقاومة الفلسطينية.
ـ كان عبد الخالق يؤكد أن تحالف البكر ـ صدام.. ويؤيدهما حردان التكريتي وصالح مهدي عماش.. إنهم جميعا يتنصلون من الالتزامات القومية.. والانكفاء عن سورية.. والتوجه نحو مصالحة أقطار الخليج العربي.
صدام.. لعبد الخالق: لن انسى لك ذلك:
ـ يذكر طاهر توفيق العاني.. عضو القيادة القطرية لحزب البعث في العراق في مذكراته:
ـ اختلف عبد الخالق السامرائي مع الفريق حماد شهاب وزير الدفاع.. في اجتماع مجلس قيادة الثورة.. وكان عبد الخالق قاسياً في ملاحظاته وكلماته.. مما سبب استياء البكر.. وغضب صدام.. الذي قال لعبد الخالق لن أنسى لك ذلك.
اعتقاله:
ـ في الثلاثين من حزيران العام 1973 أعلن رسمياً عن مؤامرة يقودها مدير الأمن العام ذراع صدام الضارب ناظم كزار وزميله الآخر محمد فاضل عضو القيادة القطرية ومبعوث صدام الشخصي في مهمات التصفية الجسدية.. وان عبد الخالق السامرائي مشارك معهما في المؤامرة إياها.
ـ حكم على عبد الخالق بالإعدام.. فصعد سلم المشنقة الخشبية في سجن (أبو غريب).. ودعاه أحد رفاقه (محمد فاضل) المشرفين على تنفيذ الحكم بان يعترف أو يقدم التماساً بالعفو عنه.. لكي تتوقف لحظات الإعدام.. لكن السامرائي رفض غير مذهول من تلك التي كانت ستكون النهاية.. لكن هذا المشرف أوعز إلى منفذي العملية بالتوقف.
رواية جديدة عن دور السامرائي في أحداث حركة كزار 1973:
ـ حاول عبد الخالق السامرائي الاتصال بصدام منذ عصر الثلاثين من حزيران لسؤاله عما يجري؟.. ولماذا تأخر البكر؟ لكن صدام كان مشغولاً عنه وعن أعضاء القيادة الآخرين بمسائل خطرة.. وعندما علم السامرائي فيما بعد أن البكر وصل بالفعل.. وان صدام كان الوحيد في استقباله أدرك أن شيئاً ما يدبر بعيداً عنه وعن أعضاء القيادة.. أجرى اتصالاً برفيقه في القيادة محمد فاضل وكان احد المسؤولين عن الأمن واستفسر منه عما يجري فأوضح له فاضل أن ناظم كزار يقود تمرداً ضد القيادة وان الاتصالات معه قد قطعت.. ولا يعرف أين مكانه (وقد اكتشف لاحقاً أن هذا الاتصال الهاتفي أداره سعدون شاكر. واستخدم فيما بعد دليل إدانة لتواطؤ السامرائي ومحمد فاضل مع كزار).
ـ يقول عبد الكريم شقيق عبد الخالق السامرائي ” مدير الشؤون الإدارية في وزارة الإعلام”: أن ثلة من جهاز المخابرات جاءت إلى البيت في فجر الأول من تموز وقاد أفرادها عبد الخالق إلى القصر الجمهوري لعقد اجتماع استثنائي للقيادة القطرية كما أفاد قائد المجموعة.. وحتى هذا اليوم لم يعرف إن كانت القيادة القطرية قد عقدت اجتماعها ذاك أم لا.. فالمعلومات التي توفرت نقلت الأوساط الحزبية أن اجتماعا صاخباً جمع بين صدام وعبد الخالق لوحدهما في المجلس الوطني مقر صدام وليس في القصر الجمهوري.. واقتيد السامرائي بعد انتهائه إلى جهة مجهولة.. وترددت أنباء بأن عبد الخالق طالب بعقد مؤتمر طارئ لحزب البعث تناقش به قضية ناظم كزار بكل ملابساتها وجوانبها الأمر الذي رفضه صدام جملة وتفصيلاً.
عفلق يرفض اتهام عبد الخالق:
ـ أكد ميشيل عفلق الأمين العام لحزب البعث في تصريحات نشرتها صحف بيروت انه لا يصدق أبدا أن يكون السامرائي جزءاً من المؤامرة ضد الحزب.. مؤكداً إن عبد الخالق رجل فكر ومسالم.. وانه يعرفه جيداً ليست له اهتمامات بالانقلابات والتمردات.. ويعتقد أن خطأ ما حدث في القضية.
سنوات سجنه العجاف:
ـ يقول عماد مهدي السامرائي (ابن خالة عبد الخالق) في حديث له منشور في جريدة المشرق: قابل خالي إبراهيم.. “والد عبد الخالق” صدام حسين وعندما دخل عليه اخذ صدام يبكي ويذرف دموع التماسيح.. فقال له والد عبد الخالق الم اقل لك انك ستقتل ولدي!! فقال له إن الأمر ليس بيدي بل بيد البكر.. فطلب من صدام في حينه أن تجري محاكمة علنية له فقال إن ذلك من صلاحيات البكر.. بعدها قابل البكر.. قال البكر لوالد عبد الخالق إن صدام قد وضع عبد الخالق في مكان لا اعلمه شخصياً وأنا رئيس الجمهورية!.
– ثم تم الاتصال بشبلي العيسمي طالبين منه إجراء محاكمة علنية له فكان جوابه العين بصيرة واليد قصيرة.. وليس لدي أي شيء أعمله.. أما ميشيل عفلق فوعدنا.. لكنه لم يعمل أي شيء.
ـ عندما سمح صدام لأم عبد الخالق برؤية ابنها.. بعد ثلاث سنوات.. سألها عبد الخالق: في أي يوم؟ وفي أي شهر؟ وفي أي عام نحن الآن ؟ !!
ـ فيما أنجز صدام خلال سجن عبد الخالق الكثير من الخطوات.. فعقد المؤتمر القطري المنتظر كما أراده.. واختيرت قيادة من بين هؤلاء الذين شاركوا صدام في إزاحة عبد الخالق السامرائي.
– جرى تعذيب جسدي لعبد الخالق اشرف على تعذيبه شخصيا برزان إبراهيم التكريتي حيث قام بكسر أصابع يده.. هذا ما أكده عبد الخالق لوالدته.. حيث قال لها انه يتعرض للتعذيب يوميا على يد السفاح برزان الذي يقول له إثناء التعذيب: “إن تعذيبك هو من اجل مصلحة الشعب والأمة وَلمْ شمل العرب”.. كما أكد له إن سبب كسر أصابع يديه لأنها كانت تكتب للأمة وللإنسانية.. وهذه عقوبة لها.
ـ اتصلت أم عبد الخالق بصدام وبالبكر.. وقد اقسم لها البكر انه لا يمتلك أية معلومات عن عبد الخالق ولا يعرف أين هو معتقل؟!
– تخاذل جميع المسؤولين بالحزب والدولة في قضية عبد الخالق.. باستثناء اللواء حسن مصطفى النقيب الذي كان يشغل منصب سفير العراق في اسبانيا.. فقدم استقالته معترضا على ما حدث لعبد الخالق والتحق بالمعارضة.
إعدامه:
ـ عندما تسلم صدام رئاسة الجمهورية في تموز 1979.. جرى التحقيق مع أفراد زمرة ناظم كزار بسرية بالغة وتولت استجوابهم ـ كما نشرت الصحف المحلية وقتئذ- هيئة تحقيق ترأسها سعدون شاكر وضمت في عضويتها طاهر محمد أمين وبرزان التكريتي.. وكان أبرز المعتقلين هو حسن المطيري معاون كزار لشؤون التحقيق والمتابعة.. وداود الدرة مساعده لشؤون العمليات.. وناصر فنجان وناجي ألدليمي والأخير كان من ضباط الأمن.. وذكر إنهما مكلفان بإطلاق الرصاص واغتيال الرئيس البكر في مطار بغداد إضافة إلى اعتقال (24) مسؤولاً آخر.. وسجن مع المجموعة كريم المطيري شقيق حسن وكان رئيسا للمؤسسة العامة للصحافة والطباعة.. ونقلاً عن الأخير الذي أطلق سراحه فيما بعد أن فقد بصره في السجن أن شقيقه حسن ظل يصر خلال التحقيق معه على مواجهة صدام شخصياً وتذكيره بالاجتماعات التي عقدها مع ناظم كزار ومجموعته للتخطيط وتنفيذ اغتيال البكر.
ـ على الرغم من التعذيب الذي مورس معه والإغراءات التي قدمت له بالإفراج عنه إذ سجل اعترافا يقول بأن كزار كان ينوي قتل البكر وصدام.. إلا أن المطيري نفسه استمر يؤكد بان (السيد النائب) هو قائد الحركة وان ناظم كزار هو منفذ ليس إلا.
ـ اعدم المطيري في أول وجبة من مساعدي كزار.. كما جاء في البيان الرسمي غير أن شقيقه كريم يؤكد انه قتل خلال التعذيب.. وحكم على الآخرين بالموت أيضا.. وشمل الاعتقال احد ضباط الأمن البارزين المقدم ضياء العلكاوي وهو من تكريت وشقيق الوزير والسفير ذياب العلكاوي.. ولم تثبت تهمة المشاركة عليه.. وأحيل إلى التقاعد وانصرف إلى ممارسة المحاماة والأعمال التجارية في الكويت.
ـ وينقل عن ضياء العلكاوي انه ذهب إلى مقابلة الرئيس البكر في منزله لوضعه في إطار الصورة الحقيقية لحركة ناظم كزار.. ولفت نظره إلى ادوار آخرين فيها.. غير أن البكر عندما استقبله انهال عليه شتماً وسبا وطرده من منزله بدون أن يسمح له بالتفوه ولو بكلمة واحدة.
ـ أما الظاهر.. فبعد تسلم صدام لقيادة الدولة والحزب في تموز العام 1979.. عرض شريط فيديو لصدام وهو يستمع إلى اعترافات محي مشهدي.. أحد أعضاء القيادة القطرية الجديدة.. عن مؤامرة جديدة على صدام يقودها حافظ الأسد وعدنان الحمداني ومحمد عايش وعبد الخالق السامرائي وكوادر حزبية أخرى!.
ـ وكان أعضاء القيادة القومية بضمنهم اليأس فرح.. قد سارعوا بالقدوم الى بغداد.. لمنع إعدامه.. وكانوا يبكون ألماً وأسفاً عليه.
ـ إلا أن ذلك لم يمنع إعدامه.. فقد دفع صدام ابن عمه علي حسن المجيد ليقول في الندوة الحزبية التي عقدت في قاعة الخلد في تموز1979: “أن الحزب وقيادته وسلطتنا.. لن يكتب لها الاستقرار والاستمرار.. ما دام عبد الخالق حياً يرزق”.. فمدً صدام إصبعه الى شعرة شاربه.. وقال: “أخذه من هذا الشارب”.. فصفق له المنافقون.
ـ يوم 8 آب العام 1979كانت قلة من الحراس تدخل زنزانة عبد الخالق.. ومعها بدله الإعدام الحمراء في الطريق إلى ساحة مجاورة للقصر الجمهوري.. حيث نفذ فيه حكم الإعدام رمياً بالرصاص.. وكان اثنان من أقربائه ينفذان إطلاق الرصاص عليه.. حسب قرار اتخذه صدام والقيادة القطرية بتكليف أقرباء المحكوم بتنفيذ الحكم.. فظهرت تجربة جديدة هي التي ندعوها.. القتل برصاص العشيرة.
ـ المفارقة الأخيرة إن الأعضاء الخمسة الجدد في القيادة القطرية التي شاركت صدام في إبعاد عبد الخالق.. قد اعدموا معه.. في ساحة واحدة وساعة واحدة.
نزاهته :
ـ ترفع عبد الخالق عن مباهج الحياة والإثراء.. بتقشفه.. ونقاء سريرته.. وتواضعه الجم.. ولم يستغل مناصبه.. وكان كل شيء متوفر أمامه.. فهو عضو مجلس قيادة الثورة.. وعضو القيادتين القطرية والقومية لحزب البعث.. فكان يستطيع أن يكون أكثر ثراءً من صدام.. لكنه أبى.
ـ لم يكن طامعاً بالسلطة.. وقد نأى بنفسه تماماً عن كل امتيازاتها وإغراءاتها.. فغذاؤه (سندويتشه) كان يضعها في حقيبة أوراقه.. وهو الذي لم تكن له سوى بدله واحدة.. وظلّ إلى يوم اعتقاله يصعد إلى جانب سائقه “عباس” في سيارة ألفيات الصغيرة.. بدون مرافقين أو حرس.
ـ كان يخرج من القصر الجمهوري.. بعد انتهاء دوامه.. ويمشي باتجاه الباص العمومي.. الذي كان يمر من أمام القصر الجمهوري.. ويصعد فيه.. لأنه كان يرفض أن يأخذ سيارة خاصة به.
ـ لم يفارق داره.. وأبقى على أثاث داره القديم من دون تغيير.. بعد أن وصل الحزب للسلطة.. وكان بمقدوره اقتناء أحسن القصور.. وأفخم الأثاث.. وأحدث السيارات الفارهة.. وأفضل الملابس وألتحف وغير ذلك.
بقيً أن نقول:
ـ ان عبد الخالق السامرائي لم يكن الوحيد زمانه.. ولا الوحيد في حزب البعث.. فهو كان من النماذج التي ورثت أخلاقها من بيئة عراقية كانت السرقة فيها استثناء والتنمر على الأخرين جريمة.. والتعالي على الخلق شر.
ـ لكن جريمة السامرائي الحقيقية أنه كان قد جعل نفسه الحارس الأول على هذه المنظومة القيمية (لكي لا تأكل السلطة كوادر الحزب).. وراح يبشر بتوسيع المشاركة في السلطة وعدم احتكار الحزب لها.
ـ وبضرورة أن لا يكون التحزب شرط التقدم على صعيد القيادات الوظيفية.. إضافة إلى أنه كان المرشح الفعلي لتقلد الموقع القيادي الأول على صعيد التنظيم القومي.
ـ بالمقابل كان صدام يؤمن تماماً أن هيمنته المطلقة على الدولة والحزب لم تكن لتحدث إلا من خلال المرور على جثة السامرائي.