نوفمبر 10, 2024
sddefault

اسم الكاتب : هادي حسن عليوي

ـ شخصية اجتماعية وثقافية جادة ومعروفة .

ـ شاعر متخصص بالأدب العربي القديم.

ـ بالغ في مدح الرئيس صدام حسين.. لدرجة التأليه.. انه النفاق الرديء بكل صفاته.. مهما قيل لتبريره!!

السيرة والتكوين:

ـ شفيق عبد الجبار قدوري الكمالي.. أصله من مدينة عانة التابعة لمحافظة الانبار.. ولد في مدينة البو كمال السورية.. على الحدود مع العراق العام 1929.. و اختار لنفسه مع اخيه عبد اللطيف لقب (الكمالي) نسبة الى بلدة البو كمال التي ولد فيها.. أكمل دراسته الابتدائية في سورية.. ثم انتقل إلى بغداد حيث أكمل في ثانوية الكرخ.. والجامعية في كلية الآداب/ قسم اللغة العربية / جامعة بغداد / العام 1955.

ـ العام 1956عين مدرساً في متوسطة الموصل في مدينة الموصل.. وبسبب نشاطه السياسي المناهض للنظام الملكي في العراق.. فُصل من عمله.
ـ عمل مدرساً في البو كمال عامي 1957 – 1958.. ثم مارس التدريس في ثانويات بغداد لدى عودته.

الشاعر السياسي:

ـ نظم الشعر مبكراً.. فعندما كان طالباً في الثانوية كان يلقي القصائد الوطنية.. ففي كانون الثاني العام / يناير / 1948 ألقى قصيدة استنكاراً لمعاهدة بورتسموث بين الطلبة.. وهم في طريقهم لتظاهرة ضد المعاهدة العراقية البريطانية هذه.

ـ كان اسم الكمالي يتردد في الوسط الطلابي.. والى حد ما في الصحافة الأدبية.. ومجلة الآداب البيروتية.

ـ وبسبب نشاطه السياسي المناهض للنظام الملكي في العراق.. رفض الكمالي المشاركة في الحفل التأبيني الذي أقامته مدرسته بمناسبة وفاة الملكة عالية والدة فيصل الثاني نهاية العام 1950.

ـ يعتبر شفيق الكمالي من بين أوائل البعثيين في العراق.. حيث انضم الى حزب البعث أواخر الأربعينيات من القرن الماضي.

ـ في نيسان / أبريل / العام 1957تم اعتقال شفيق الكمالي ورفيقه عبد الستار الدوري عندما كانا جالسين في مقهى في الباب المعظم ببغداد.. وعلى الفور تم تفتيش داريهما.. ووجدت الشرطة في بيت الكمالي وثائق ومستمسكات تخص جريدة حزب البعث.. فأحيل الى المحكمة التي أطلقت سراحه لعدم تطابق التهم الموجهة إليه.

الكمالي.. وثورة 14 تموز 1958:

ـ بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 أخذ الكمالي بنشر قصائده.. وبعض مقالاته في جريدة الجمهورية.. التي كان سيطر عليها البعثيون.. وفي الخامس من تشرين الثاني /نوفمبر / العام 1958 أعتقل عبد السلام عارف.. وأغلقت جريدة الجمهورية.. التي كانت تؤيده.

ـ في السابع من تشرين الأول / اكتوبر / العام 1959 جرت محاولة اغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم.. رئيس الوزراء.. فهرب الكمالي مع من هرب من البعثيين الى سورية.

ـ يقول الكاتب البعثي جهاد كرم.. في كتابه: (بعثيون من العراق.. كما عرفتهم): “أخذ الكمالي يتردد بين دمشق وبيروت.. وأحببناه لدماثة وخفة دمه.. وروحه الشاعرية المرحة”.

ـ وبسبب خلافات سياسية تنقّل بعد ذلك بين سورية ومصر.. في مصر التحق في كلية الآداب بجامعة القاهرة.. وحصل على شهادة على شهادة الماجستير العام 1962.

ـ بعد اطلاق سراحه في ايار / مايو / 1966 غادر الكمالي العراق الى القاهرة.. لدراسة الدكتوراه في جامعة القاهرة.. وكان اطروحته بعنوان: (الحس القومي في الشعر الجاهلي).. التي كتب جزءً منها.. لكنه لم يكملها.. وعاد للعراق بسبب حدوث انقلاب 17ـ تموز / يوليو / 1968.

الكمالي.. وانقلاب 8 شباط 1963:

ـ عاد الكمالي الى العراق بعد انقلاب 8 شباط / فبراير / 1963.. وعين مديراً للإرشاد والصحافة.

ـ كما كان عضواً في لجنة رقابة الصحف.. التي تكونت من: الكمالي.. وشاذل طاقة.. وطه البصري.

ـ كانت هذه اللجنة تمارس عملها في رقابة الصحف في مدخل وزارة الارشاد مقابل وزارة الدفاع في باب المعظم.

الكمالي.. والشيوعيون:

ـ يقول حسن العلوي في كتابه: (العراق دولة المنظمة السرية): “لم يسجل على الكمالي بعد تسلم البعث للسلطة العام 1963 أي نشاط في أقبية التعذيب.. وكان داعية من دعاة التفاهم.. وساعياً الى إخراج المعتقلين من السجون.. قبل أن تصبح محاولة كهذه خروجاً على تعاليم حزبية.. يعاقب عليها مرتكبوها بالطرد من الحزب أو السجن الى جانب الموقوف الذي سعى لإطلاق سراحه”.

ـ يبدو ان العلوي بالغ في تقييمه للكمالي في هذه المسألة.. صحيح انه لم يشارك في نشاط أقبية التعذيب.. فهو أصلاً ليس من لجانه.. لكن المشاهدين شاهدوا الكمالي من تلفزيون العراق.. في حواره مع الكادر الشيوعي عبد القادر البستاني / مدير تحرير جريدة (طريق الشعب).. جريدة الحزب الشيوعي العراقي.. فالرجل اعترف عن تنظيماته.. وتحدث عن سياسة الحزب الشيوعي.. لكن الكمالي لم يكن يدير حواراً.. بل تعذيبا نفسيا مع الرجل.. وكان هذا التعذيب أشد ايلاماً نفسياً أكثر منه جسدياً!!

الكمالي.. وحركة 18 تشرين الثاني 1963:

ـ بعد سيطرة رئيس الجمهورية عبد السلام محمد عارف على السلطة في 18 تشرين الثاني/ نوفمبر / العام 1963.. وحل الحرس القومي لم يتأثر الكمالي.. ولم يعتقل كالكثير من البعثيين.

اعتقال الكمالي:

ـ أعتقل الكمالي بعد انكشاف محاولة البعث الفاشلة ضد سلطة عبد السلام عارف في الخامس من أيلول / سبتمبر / العام 1964.

ـ العام 1966أطلق سراح الكثير من العسكريين والمدنيين السياسيين.. وفي هذا الاتجاه تم في 10 أيار / مايو / العام 1966 إطلاق سراح شفيق الكمالي وأربعة كوادر بعثية أخرى معه.

الوظائف التي شغلها:

ـ بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 أعيد إلى التدريس ببغداد.

ـ في آذار / مارس/ 1964 عين مدرساً في كلية الآداب بجامعة بغداد.. ثم نقل الى الجامعة المستنصرية.

الكمالي.. وانقلاب 17 ـ 30 تموز 1968:

ـ صاغ شفيق البيان الأول الذي تلاه البكر على الشعب من راديو بغداد صبيحة 30 تموز 1968

ـ كما كلف في 30 تموز 1968 بحمل قرار تشكيلة الوزارة الأولى بعد 30 تموز الى دار الإذاعة لإعلانه

مناصبه:

ـ وزير الشباب في حكومة 30 تموز / يوليو 1968.

ـ تشرين الثاني / نوفمبر / العام 1969 أصبح عضواً في مجلس قيادة الثورة.. واعفيً منه العام 1970.

ـ اعفي من منصب وزير الشباب.. وعين سفيراً في اسبانيا.. (1970 ـ 1971).

ـ عين وزيراً للثقافة والإعلام.. العام 1971.. واعفي من هذا المنصب أواسط أيار / مايو / العام 1972.

ـ حين كان وزيراً للثقافة والإعلام أسس داراً لثقافة الأطفال.. التي أصدرت مجلة مجلتي.

ـ انشأ دار الأزياء العراقية.. وأمر بتشكيل الفرقة القومية للفنون الشعبية.

ـ كان رئيساً لاتحاد الأدباء في العراق.. وأميناً عامًا لاتحاد الأدباء العرب.

ـ عين عضواً في مكتب الشؤون التربوية التابع لمجلس قيادة الثورة.

ـ أسس دار آفاق عربية.. ورأس مجلس إدارتها.. وتحرير مجلتها العام 1976.

علاقة الكمالي بصدام:

ـ يقول القيادي في البعث الدكتور فخري ياسين قدوري (ابن عم الكمالي وعديله).. في كتابه (هكذا عرفت البكر وصدام): “عندما كان الكمالي طالب ماجستير خلال لجوئه في القاهرة رشحً لرئاسة الاتحاد الوطني للطلبة العراقيين هناك.. فانتخبه الطلاب بالأكثرية.. فيما حصل صدام على صوتين فقط !”.

ـ يبدو أن هذه هي أول ملاحظة سجلها صدام على الكمالي.. وثانيهما وهي الأخطر.. فعندما انعقد المؤتمر القومي التاسع للبعث في شباط / فبراير / العام 1966 في بيروت.. وكان حصة العراق خمسة عشر قياديا ومندوبا.. ولأسباب أمنية لم يحضره سوى ثمانية من بينهم عبد الله سلوم السامرائي وشفيق الكمالي.. لكنهما لم ينقلا الى المؤتمر توصية بترقية صدام الى عضو قيادة قومية.. وطبيعياً لم يكن ذلك سيمر على ذاكرة صدام بشكل عابر بعد أن أصبح الرجل الثاني ثم الأول في السلطة.. وكان متوقعاً للكمالي والسامرائي أن يكونا أول ضحاياه.

الكمالي يحمل رسالة صدام للخميني:

ـ في أيلول/ سبتمبر / العام 1978 زارت الملكة فرح زوجة شاه إيران العراق.. وطلبت من رئيس العراق احمد حسن البكر.. ونائبه صدام حسين ترحيل الإمام الخميني من النجف بسبب انتفاضة الشعب الإيراني ضد حكومة الشاه.

ـ كُلفً شفيق الكمالي بإبلاغ الخميني برسالة صدام التي كان فحواها أن استمرار بقائكم في مدينة النجف من شأنه أن يصبح خطراً على أمن العراق ومصلحته القومية.. وأنه بالنظر إلى الحالة غير المستقرة والمتوترة في إيران.. وحفاظاً على العلاقة بين البلدين عليكم بالرحيل.
“كان صدام ينظر إلينا الواحد تلو الآخر دون أن ينبس بكلمة.. كان له حضور قوي.. كنت أشعر كما لو كنت أقف في مهب محرك نفاث عندما يصوب عينيه نحوي.. بدأت أرتعد”.

ـ ذلك ما رواه الكمالي فيما بعد مضيفاً: “كان لدينا جميعاً نفس الشعور عندما خرجنا من عنده”

ـ في الرابع من تشرين الأول / اكتوبر / من العام نفسه.. غادر الخميني النجف متوجها الى الكويت.. ومنها قرر السفر الى باريس.. وبعد يومين من وصوله انتقل الى منزل احد الإيرانيين المقيمين في “نوفل لوشاتو” إحدى ضواحي باريس حيث أقام فيها حتى عودته لبلاده.

بداية النهاية:

ـ بعد فترة تم إبعاده من مسؤولياته الرسمية والحزبية.. وشطب أسمه من حزب البعث كونه عضو قيادة قطرية منذ العام 1974.. وعضوا للقيادة القومية.

ـ في تلك الفترة بقيً الكمالي رئيسا لتحرير مجلة آفاق عربية.. واختير رئيساً للاتحاد الأدباء والكتاب العراقيين.. وكذا الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب.

ـ لكن صدام طرده من رئاسة الاتحاد.. وعين حميد سعيد بدلاً عنه.. فانزوى الكمالي في زاوية من غرفة من جريدة الجمهورية يشترك فيها معه صحفيون آخرون.

ـ عندما انفردً صدام بالسلطة في تموز العام 1979.. كان الكمالي يتوقع أن يتصدر اسمه لائحة المبعوثين الواحد والعشرين من رفاقه في ساحة الإعدام.. وفي هذا الصدد يذكر جليل العطية في كتابه فندق السعادة: “عندما تسلم صدام قيادة الدولة والحزب في تموز / يوليو / العام 1979 كان الكمالي ضمن لائحة التصفية.. ونجا بأعجوبة من اكبر مجزرة علنية شهدها العراق الحديث”.

ـ بدأت أعراض الضغط والسكري والقلب تنتابه.. ووجد صعوبة بالغة في ترك التدخين بناء على نصائح الأطباء.

النشيد الوطني:

ـ ألف شفيق الكمالي النشيد الوطني.. الذي أصبح رسمياً في 17 تموز / يوليو / 1981 حيث أذيع النشيد الوطني من تلفزيون العراق لأول مرة.

وطن مد على الأفق جناحا وارتدى مجد الحضارات وشاحا

بوركت أرض الفراتين وطن عبقري المجد عزماً وسماحا

الشاعر المنافق:

ـ كان الكمالي شاعر البعث.. ومدَّاح صدام حسين.. فمن شعره في البعث:
” آمنت بالبعث رباً لا شريك له ***** وبالعروبة ديناً ماله ثانِ

ـ بعد تسلم صدام قيادة الحزب والدولة.. دشن الكمالي عهده بقصيدة: مطلعها:

(حتف العدا صدامها.. و صدامها).

ـ لقد احاط الكمالي رئيسه بهالة قدسية ولم يتردد بنعته بصفات ـ حاشا لله – من جلالة وجه وتحكمه بالظواهر الطبيعية.

ـ وفي مدحه لمعبوده المستبد صدام حسين قال في قصدية أخرى:

تبارك وجهك القدسي فينا كوجه الله ينضح بالجلال
رأيت الله في عينيك والعربا … الخ

ـ ويقول في قصيدة بعنوان( لولاكَ):

لولاكَ ما طلع القمر..

لولاكَ ما هطل المطر..

لولاكَ ما اخضر الشجر..

لولاكَ أيضاً ما رأى أحد ولا عرف النظر..

لولاكَ ما كان العراقيون معدودين في جنس البشر..

بل لم يكونوا في الخلائق..

أو لكانوا دون سمع أو بصر إنا لنحمد حظنا..

إذ كنت حصتنا وجاء بك القدر..

ـ وظهر أمام الرأي العام العراقي غجرياً يحمل ربابته عند مضيف الشيخ.. وقد قال كلاماً في صدام لم يصدر حتى عن حاملي الربابة الغجرية.

ـ وكانت قصائده التي يحملها بنفسه الى مطربات الإذاعة.. راجياً تلحينها وتقديمها للمستمعين تخرج من إطار المسؤولية المشتركة والعمل المشترك في حزب واحد.

ماذا يقول عن قصائده؟:

ـ كتب جليل العطية في المصدر أعلاه نفسه يقول: “التقيتُ بصديقي العتيق شفيق في الكويت أثناء أحدى زياراته لها.. انفردتُ به في مقهى تطل على البحر.. وكنتُ كعادتي احتفظ بقصاصات مما نشره في تلك الفترة المحزنة.

سألته: لماذا أبا يعرب تكتب خلافاً لرأيكً الحقيقي في صدام.. وتقول في قصيدة مخجلة تلقيها بنفسك في تلفزيون بغداد “رأيت الله في عينيك”؟

ـ سقطت الدموع من عينيه ونفث سيجارة.. رغم المنع الطبي الشديد.. واعترف ليً قائلاً: أسمي على لائحة التصفيات.. ولم يبق سوى تحديد موعد التنفيذ.. وأنت تعرف حقده عليً وعلى أمثالي ممن يعرفون ماضيه.

ـ قلتُ له: أنت ألان خارج العراق.. أبقً حيث أنت يمكنك العيش.. أجابني بحزن عميق: “وأسرتي ؟.. لقد فكرتُ كثيراً بالابتعاد.. لكنني أعرف أنه سيبيد عائلتي كلها”.

ـ ويذكر فخري قدوري: “أدركً الكمالي قبل رحيله بسنوات إن الحكم بات يناصبه العداء لآرائه وانتقاداته المريرة.. لكن لم يكن من يد سوى الإذعان لانحسار دوره في الحزب والدولة خشيةً مما هو أعظم.

ـ ويضيف قائلاً: في آخر لقاء جمعني به في دارة ببغداد في يوم 29 حزيران / يونيو / 1982 تحدث عن سياسات الحكم الطوبائية بقلب مليء بالأسى وعينين تراقبان أياما سوداً آتية.. قال ليً: يا فخري: لقد نفذ الصبر.. ولم يعد ليً إلا تجنب ما يحاك لي في الظلام.. ولم يعد يهم حتى العمل بالبقالة في عمان بضمير مرتاح؟.. وفي ختام حديثه ألحً عليً بعدم العودة الى بغداد.. دفعاً لما قد يدبر ضدي أنا الآخر من مكائد”.

النهاية:

ـ أن انهيار صورة شفيق الكمالي.. وهو يستجدي المطربات والملحنين لتلحين قصائده في تمجيد صدام.. إضافة الى ظهوره بمظهر الغجري.. وهو يحمل ربابته لمدح صدام كانت ترضي مشاعر التشفي في قلب صدام.. فقد يكون ذلك أحد أسباب تأخر إعدامه.

اعتقال يعرب:

ـ أوائل تموز / يوليو / العام 1983 ألقت أجهزة المخابرات القبض على (يعرب) نجل الكمالي.. الطالب في كلية العلوم بجامعة بغداد أمام منزله.. ويقال إنهم أسمعوه شريطا مسجلا له مع بعض زملائه.. خلال تبادل دعابات ساخرة بالسلطة وبعض رموزها.. حيث تقول الرواية الحكومية أن يعرباً كان يردد شعراً بأسلوب غجري كوالده بين حفنه من أصدقائه الطلبة يتهكم فيه بأسلوب ساخر على صدام.. وقد سجل له بشريط.

ـ قبعً الابن في أقبية أجهزة الأمن عدة أسابيع دون أن يتمكن والده فعل شيء له.. فقد كان هو الآخر مغضوباً عليه من قبل صدام.. ومراقباً من أجهزة الأمن والمخابرات.

ـ وخلال اعتقاله دخل الابن في طاحونة التعذيب النفسي والبدني ليسألوه سؤالاً واحداً لا غير: هل كان أبوك يتفوه بكلمات ضد الرئيس؟ وعلى كرسي مدبب ومكهرب.. قال الولد إن أباه كان يفعل ذلك.

اعتقال الكمالي:

ـ في نحو الساعة الثالثة من بعد ظهر أول أيام شهر آب / أغسطس / 1983.. توجهت أجهزة المخابرات الى دار شفيق الكمالي.. بهدف إلقاء القبض عليه.

ـ وحين لم يجدوه اقتادوا زوجته وجميع من كان في المنزل.. الى إحدى السيارات الأربع المتوقفة أمام الدار.

ـ ويقال أن الكمالي كان ما يزال في مدينة الموصل.. ويبدو أن المخابرات خشيت إفلاته من قبضتها فرددت إشاعة حول نيته الهرب الى سورية.

ـ إلا إن الكمالي كان في الموصل .. كان لديه أشغال خاصة.. وتم اعتقاله من قبل المخابرات.

ـ المهم جيء بالكمالي الى الأجهزة الأمنية في بغداد بعد الساعة الحادية عشرة والنصف ليلاً.

ـ وفي منتصف الليل أخلت أجهزة المخابرات سبيل الزوجة والمحتجزات الأخريات.. وتركنً أمام بناية الأمن في حيرة.. وقد منعتهم هذه الأجهزة من العودة الى منزلهم نتيجة قرار صدر بحجز أملاك الكمالي المنقولة وغير المنقولة.

ـ وهكذا ظلت النساء في الشارع في منتصف الليل.. لينتقلن بسيارة تكسي الى بيت هاشم فخري قدوري.

ـ وشاع الخبر بسرعة فكتب صدام ورقة صغيرة وزعها على أعضاء مجلس قيادة الثورة.. قال فيها: “افتنوني في أمر شفيق الكمالي”.

ـ هنا تبارى الذين خاطبهم الرئيس في إظهار الولاء له ومهاجمة الكمالي.. وكانت أغلظ العبارات تلك التي كتبها طارق عزيز وسعدون شاكر وطه ياسين رمضان من مثل: “إن الكمالي يستحق الموت.. وأنه خائن.. وأنك سيادة الرئيس لو سمحت لنا لقتلناه بأنفسنا”.

ـ ظل الكمالي معتقلا 40 يوما بدون التحقيق معه.. فأعلن الإضراب عن الطعام.. طالباً التحقيق معه.. وما هي جريمته.. ليبدأ التحقيق معه بين يوم ويوم بأمور تافهة.. ولم يجري أي تحقيق حقيقي معه.

ـ المهم: توسط الملك حسين لدى صدام.. فأطلق سراحه في يوم 14 / 11 / 1983.. واضطر بعد ذلك الى المكوث في منزله لا يبارحه.. بعد أن منع من ممارسة نشاطه الإعلامي.

ـ وشطبت عضويته في مجلس الوطني لغيابه ثلاثة أشهر من دون عذر مشروع.. كما ورد حرفياً في قرار الشطب.. وهي الفترة التي أمضاها معتقلا في دائرة المخابرات العامة مكرهاً.

ـ وحتى تكتمل السبحة سحبت منه سيارته.. التي كان قد تلقاها من صدام في وقت سابق.. فبات يمضي وقته كئيباً منزوياً في منزله.

مرضه:

ـ يقول يعرب الكمالي.. في حديث له معي (أنا د. هادي حسن عليوي.. كاتب هذه الدراسة ـ في 19 /1 / 2020).. عند إجراء تحليلات للوالد بعد خروجه من المعتقل ظهرت إصابته بداء ابيضاض.. وهو نوع من أعراض السرطان.. بالرغم من عدم إصابة الوالد بهذا المرض.. خصوصاً التحليلات المرضية له قبل اعتقاله.

ـ كان الكمالي قد أسر لزوجته تلقيه حقنة إثناء وجوده في المخابرات على أساس مساعدته في خفض الدم.. الذي كان يعاني منه.. وظلت هذه الحقنة محل تساؤل الجميع بعد مغادرته المعتقل حتى بعد وفاته بعد مدة قصيرة من إطلاق سراحه.

وفاته:

ـ في 15 آب / اغسطس / العام / 1984 راجع شفيق الطبيب حكمت حبيب الاختصاص الأمراض الدم (هيماثولوجي) في عيادته.. وخلال فحصه أصيب بنوبة قلبية نقل على أثرها شفيق من عيادة الدكتور حبيب الى مستشفى اليرموك.

ليتوفى فيها في الساعة السابعة مساء يوم 14 / 12 / 1984 أغمضت عينا الشاعر شفيق الكمالي.

ـ وفارق الحياة.. بصمت.. ولم تجري حكومة البعث موكب عزاء لشاعرها.. والمهزلة نشيده الوطني ظل نشيد العراق.. يعزف في كل مناسبة.

محاولة زوجة الكمالي مقابلة صدام:

ـ طلبت سامية ياسين قدوري (زوجة المرحوم شفيق الكمالي) مقابلة صدام.. وأبلغت للمقابلة وحضرت في الموعد كبقية المواطنين الحاضرين.. لكن صدام قابل كل المواطنين.. وهي تنتظر.. وأخيراً أبلغت باعتذار صدام لمقابلتها !!

إعادة أمواله المصادرة:

ـ قام الشاعر الكويتي احمد السقاف (صديق الكمالي) بالتوسط لدى صدام بإعادة الأموال والأملاك الخاصة بشفيق بعد وفاته.. وفعلاً حصل على موافقته.. فاتصل هاتفيا بزوجة الكمالي.. وبشرها بأن ستستمع خلال أيام خبراً جيداً.. وفعلا رفع الحجز هن الأموال والعقار الخاص بشفيق الكمالي.. ماتت زوجة الكمالي العام 2003.

نزاهته:

ـ كان شفيق الكمالي نزيهاً.. ولم يستغل منصبه لأغراضه الخاصة.

ـ حتى العام 1970 لم يكن يملك دار للسكن.. بل كان يسكن هو وعائله في دار بالإيجار.

ـ حصل على قطعة أرض سكن.. كبقية المسؤولين.. في منطقة الكريعات ببغداد.. وبناها بعد أن حصل على قرض العقاري عليها.

ـ لا يملك أية أراضي سكنية أو بساتين أو أي عقارات أخرى.

ـ لا يملك اية حسابات مصرفية لا هو ولا زوجته.. ولا أولاه .. لا في العراق ولا خارج العراق!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *