اعداد : سبوتنيك عربي
عاد الجدل من جديد حول التواجد العسكري الأمريكي في العراق، الأمر الذي دفع واشنطن للدفاع صراحة عن هذا التواجد، مؤكدة أنه لحماية مصالحها وسفارتها، وأن بقاءها مرهون بقدرة العراق على حماية السفارات والبعثات الدبلوماسية.
فهل تتواجد قوات قتالية أمريكية في العراق؟ أم قوات للدعم اللوجستي والتدريب؟… وهل حماية مصالحها هي ذريعة للبقاء في العراق؟
بداية، يقول د. غازي السكوتي، مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية: “نعتقد أن الموقف الأمريكي اليوم واضح جدا وهو استمرار لاستراتيجية أمريكية لضمان مصالحها في العراق والشرق الأوسط والخليج العربي بشكل خاص”.
نواقص مهمة
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن العراق يمثل قلب استراتيجية واشنطن في المنطقة، مشيرا إلى أن القوات المسلحة العراقية رغم ضخامة حجمها اليوم إلا أن هناك نواقص مهمة لا تمكنها من القيام بواجبها على الوجه الأكمل، مثل النواقص في الجوانب اللوجستية والاستخبارية والدفاع الجوي والقوة الجوية وغيرها، ما يعني أن الاختصاصات المهمة في القوات المسلحة العراقية لا تزال تعاني من القصور حتى يومنا هذا.
وتابع السكوتي أنه لا شك أن التنظيمات المقاتلة في الجيش العراقي قد اكتسبت طوال السنوات الماضية خبرات قتالية مهمة، والتحالف الدولي بجانب أمريكا في العراق ليس له مهام قتالية، بل تنحصر مهام تلك القوات في عمليات الدعم اللوجستي والاستخباري وعمليات تدريب القوات العراقية ودعمها وتأهيلها، وفق الاتفاق الموقع بين واشنطن وبغداد.
المهمة الأساسية
وأشار مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، إلى أن المهمة الأساسية للقوات الأمريكية وقوات التحالف هي استمرار الحرب على الإرهاب، والمهمة الثانية لها هي التعاون والدعم اللوجستي والتدريب وتطوير القدرات التسليحية للجيش العراقي، هذا بجانب حماية الممتلكات ومنشآت السفارة الأمريكية وغيرها.
ولفت السكوتي إلى أن عمليات الحماية الأمنية داخل البلاد من الناحية القانونية والدستورية ووفق القانون الدولي الدبلوماسي، فإن العراق هو من يجب عليه توفير الحماية للسفارات والبعثات الدبلوماسية وحماية الممتلكات والوثائق والأشخاص، لكن مع الأسف المقاومة الاسلامية الشيعية المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني في العراق في خطابها المعلن، ترى أن السفارة الأمريكية هي ليست سفارة بل هي قاعدة عسكرية، وبالتالي تبيح للنفس قصف السفارة الأمريكية كما فعلت في السابق بصواريخ الكاتيوشا والطائرات المسيرة وغيرها، وهذا ما يتناقض تماما مع أي اتفاقية دولية ومع القانون الدبلوماسي (فينا).
الفصائل المسلحة
وأكد مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية أن الحكومة العراقية من جانبها غير قادرة على الذهاب للمواجهة مع الفصائل المسلحة، لأن هذه الفصائل لديها نفوذ وعلاقات أيضا مع الأحزاب والقيادات السياسية في السلطة الآن وسابقا، ولن تذهب القوات المسلحة العراقية إلى مواجهة مع تلك التنظيمات المسلحة، وبالتالي سيستمر التهديد الأمني للوجود الأمريكي سواء شركات النفط أو غيرها، وتعد تلك التهديدات ذريعة لدى القوات الأمريكية على توفير الحماية والأمن.
المتغيرات الميدانية
من جانبه، يقول إياد العناز، المحلل السياسي العراقي، أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى حماية مصالحها وامتداداتها في الشرق الأوسط والوطن العربي، والعراق هو حجر الزاوية المهمة في استراتيجيتها وتواجدها في العراق كفيل بالإشراف والمتابعة ورصد جميع التحركات والمتغيرات والتجاذبات السياسية التي بدأت تشهدها المنطقة، وأيقنت الإدارة الأمريكية بأنها أخطأت في حساباتها حول المتغيرات الميدانية عبر التحالفات التي بدأت تأخذ مديتها بين حلفائها في المنطقة ومنافسيها من القوى الدولية.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن التواجد الأمريكي في العراق هو أحد نتائج الحوار الأمني والتعاون المشترك بين واشنطن وبغداد في السابع من هذا الشهر، والذي جاء امتدادا للحوار الاستراتيجي الذي عقد في تموز (يوليو) 2021، حيث أنه أكد حقيقة العلاقة الوطيدة والتعاون المستمر بين البلدين والذي تم التأكيد فيه على حماية القوات الأمريكية وقوات التحالف الدولي والمستشارين العسكريين والقوافل العسكرية التابعة لهم من قبل الحكومة العراقية.
تواجد مستمر
وأشار العناز إلى أنه ومنذ تسلم حكومة السوداني لم يُرصد أي تعرض أو استهداف للمقرات والقواعد العسكرية الأمريكية في العراق.
وأوضح المحلل السياسي إلى أنه رغم حقيقة التواجد الأمريكي في العراق عبر العديد من قواعده العسكرية، إلا أنه لا يزال يؤكد أن وجوده بدعوة من الحكومات العراقية، وأن مهام القوات الأمريكية هى تقديم المشورة وتبادل المعلومات الاستخبارية والتدريب المشترك والتنسيق عبر اللقاءات والحوارات لمواجهة تهديدات داعش.
وأكد العناز أن التواجد الأمريكي سوف يستمر في العراق وتستمر عملية إدامة مصالح الإدارة الأمريكية وفق بنود الحوار الاستراتيجي بين العراق وأمريكا، والذي أعلن عنه في يوليو 2021.
خبير: الشراكة الاستراتيجية بين “واشنطن وبغداد” غطاء سياسي لبقاء القوات الأمريكية في العراق
كان رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، قد أكد في بيان لرئاسة الوزراء تناولته وسائل إعلام عراقية، في وقت سابق اليوم، أن بلاده ليست في حاجة إلى قوات قتالية أجنبية على أراضيها.
وقال السوداني، خلال استقباله عدد من قادة القوات المسلحة، إن “بلاده ليست بحاجة إلى قوات قتالية أجنبية، وتجرى حوارات متقدمة من أجل تحديد شكل العلاقة والتعاون المستقبلي مع التحالف الدولي”.
وأكد التزام القوات المسلحة العراقية بمسارها المهني والدستوري والقانوني، ضمن مسيرة التنمية وترسيخ الأمن والسلم الأهلي، وحماية الحياة الكريمة لكل أبناء الشعب العراقي، لافتا إلى أن استدامة الأمن والاستقرار أهداف سياسية واجتماعية للمواطن والحكومة.