اعداد موقع : (شينخوا)
لا تكاد تخلو شركة عامة أو خاصة في بغداد ومدن العراق الأخرى من واحد أو أكثر من العمال الأجانب الذين يعملون في مختلف المجالات في وقت ترتفع فيه معدلات البطالة بين الشباب العراقي، خاصة بين خريجي الجامعات وحملة الشهادات العليا.
ويتخرج آلاف الطلاب العراقيين كل عام من عشرات الجامعات الحكومية والخاصة في أنحاء البلاد، ليبدأوا رحلتهم بحثا عن فرصة في سوق العمل بالتزامن مع عدم تفعيل الدولة للقطاع الخاص بسبب الفوضى والخلافات بين الفرقاء السياسيين التي شلّت الحكومات المتعاقبة في السنوات التي أعقبت الغزو الأمريكي للعراق عام 2003.
أنس محمود (35 عاما) الذي تخرج من كلية الزراعة في جامعة بغداد قبل خمس سنوات، كان يعمل كنادل في مطعم في حي المنصور غربي بغداد لكنه طرد الشهر الماضي لأن صاحب المطعم فضل عاملة أجنبية براتب أقل.
وقال محمود لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه كان يتقاضى راتبا شهريا قيمته 950 ألف دينار عراقي (حوالي 655 دولارا أمريكيا) مقابل 12 ساعة عمل يومية، وفصلت بعد ثلاث سنوات من العمل لتوظيف عامل أجنبي بمبلغ 400 دولار أمريكي.
وردد محمود بغضب واستياء، “الآن علي أن أقبل وظيفة من 400 ألف إلى 500 ألف دينار (حوالي 270 إلى 340 دولارا) مع ساعات عمل كثيرة، هذا غير عادل”.
ويعاني العراق من مشكلة بطالة حادة منذ الغزو الأمريكي عام 2003، وجاء في بيان صادر عن وزارة التخطيط في يوليو 2022 أن معدل البطالة في العراق بلغ 16.5 بالمائة، ما يعني أن هناك عاطلا واحدا من كل خمسة أيدي عاملة.
ورغم ارتفاع البطالة، قال سعد الخطاب صاحب شركة يد الرجاء التي توفر العمالة الأجنبية والمحلية لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه “يجب أن نعترف بأن العمال العراقيين ليس لديهم خبرة في بعض الوظائف وأحيانا لا يجيدون التعامل بشكل احترافي مع الأشخاص الذين يبحثون عن عمال”.
وأوضح الخطاب لـ((شينخوا)) أن “لدينا مسؤولية تفضيل ترشيح عمال عراقيين للوظائف لأن هناك الكثير من العمال الأجانب في العراق، وهم يؤثرون على فرص العمل لشبابنا”.
وأضاف أن الطلب في العراق الآن على العمالة الأجنبية يتزايد باستمرار، حيث إن العمال الأجانب من بعض الدول الآسيوية والأفريقية راضون عن الأجور المنخفضة، وفقا لمستوى المعيشة في بلدانهم.
وبين الخطاب أن بعضهم يقبل بأجر شهري يتراوح بين 250 إلى 300 دولار، لكن هذه الأجور لا تكفي للعمال المحليين بسبب غلاء المعيشة في العراق، فمثلا 400 دولار هي في الغالب أقل أجر شهري للعامل المحلي وبالنسبة للعامل الذي لديه أسرة فإن هذا الأجر كارثة على الأسرة.
وتابع أن هناك أسبابا أخرى لتفضيل العمالة الوافدة، وهي إضافة لرواتبهم المتدنية فعملهم أدق ويحترمون ساعات العمل، خلافا للعمال العراقيين الذين لا يفضلون الاعمال المنزلية كما ان البعض منهم كسالى وكثيري الجدل.
وفي العام 2019، دفع الفقر والبطالة ونقص الخدمات العامة عشرات آلاف من العراقيين الغاضبين إلى احتجاجات حاشدة مناهضة للحكومة لعدة أشهر، للمطالبة بإصلاح شامل لمكافحة الفساد المستشري الذي أعاق أداء الحكومات المتعاقبة منذ العام 2003.
ولا يوجد عدد دقيق ومحدث للعمال الأجانب في العراق، لكن وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي قدر في ديسمبر 2022 أن أكثر من مليون عامل أجنبي في البلاد، بينهم 160 ألف عامل قانوني حصلوا على تراخيص من السلطات العراقية.
وقال موظف بوزارة الداخلية، طلب عدم ذكر اسمه، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن عمال أجانب غير شرعيين يدخلون العراق من إقليم كردستان والدول المجاورة، خاصة مع زوار الأماكن الشيعية المقدسة في بغداد والنجف وكربلاء.
وأضاف انه يتم مطاردة العمال الأجانب باستمرار الذين يتم تهريبهم إلى البلاد “وقد رحلنا آلاف منهم إلى بلادهم”.
ويرى الدكتور يعرب محمود إبراهيم الأستاذ في كلية الإدارة والاقتصاد في الجامعة العراقية في بغداد أن فكرة العمالة الوافدة هي حالة طبيعية وموجودة في معظم دول العالم ولكنها في العراق قضية شائكة تحتاج إلى دراسة وايجاد حلول.
ولفت إلى أنه في العراق، الذي يعاني بالفعل من مشاكل اقتصادية وبطالة وفقر، ستنعكس العمالة الأجنبية غير المنضبطة في زيادة معدلات الفقر والبطالة وبالتالي زيادة المشاكل الاجتماعية مثل زيادة معدلات الجريمة والمخدرات والطلاق والتطرف، ومشاكل أخرى.
وفي وزارة العمل والشؤون الاجتماعية شرقي بغداد، قال عباس فاضل عباس نائب المدير العام لدائرة العمل والتدريب المهني لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن العمالة الوافدة غير الشرعية تؤثر سلبا على فرص العمل في البلاد، وبالتالي فإن التعليمات الصادرة عن الحكومة تلزم أرباب العمل في الشركات العامة والخاصة لتوظيف 50 في المائة من العمال المحليين ونفس النسبة للعمال الأجانب المرخص لهم.
وأضاف “أصدرنا تعليمات لجميع أصحاب الأعمال في مجال الاستثمار والمشاريع النفطية بضمان أن يكون 50 في المائة من قوتهم العاملة من العراقيين”، مبينا أن فرق التفتيش التابعة للوزارة تجري عمليات تفتيش يومية لتحديد العمال غير الشرعيين في بغداد والمحافظات وأحالت أكثر من 4000 شركة ومؤسسة إلى محاكم العمل.
وفي إطار جهودها لمساعدة وإعداد العمال المحليين للتنافس على فرص العمل في القطاع الخاص، افتتحت دائرة العمل والتدريب المهني أكثر من 38 مركزا للتدريب في جميع أنحاء العراق لتقديم دورات تدريبية مجانية للمهن المتاحة في سوق العمل، بحسب عباس.
وأشار عباس إلى أن الراغبين في الالتحاق بالدورات يمكنهم التسجيل على منصة (مهن الإلكترونية)، مؤكدا أن الوزارة تقدم أيضا قروضا لأفضل الخريجين الذين يتفوقون في هذه الدورات لإقامة مشاريع.